دكتور صلاح عبد السميع يكتب الأهرام الكندى
مقدمة:
في ظل الحديث المتزايد عن تطبيق نظام البكالوريا في التعليم، نجد أنفسنا أمام تساؤلات هامة:
من أين نبدأ ولماذا الحديث عن البكالوريا قبل الحديث عن دور المدرسة الذي غاب وعن المعلم الذي خرج ولم يعد؟
لماذا تركز الجهود على تغيير نظام التعليم بينما تعاني المؤسسات التعليمية من نقص حاد في المعلمين المؤهلين؟
غياب دور المدرسة والمعلم:
تعد المدرسة العمود الفقري للعملية التعليمية، والمعلم هو الركيزة الأساسية في بناء جيل متعلم ومؤهل لمواجهة تحديات المستقبل.
مع خروج العديد من المعلمين إلى سن المعاش دون تعيين بدائل، نجد أنفسنا أمام فجوة تعليمية كبيرة.
فكيف نتعامل مع هذا الواقع؟ قال تعالى: “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ” [العلق: 1].
التعليم هو أساس التقدم والازدهار، ولا يمكن تحقيق ذلك دون معلمين مؤهلين ومؤسسات تعليمية قادرة على أداء دورها بفعالية.
تسخير طلاب كليات التربية:
هل يكون الحل في تعديل لوائح كليات التربية بحيث يسمح لطالب لم يعرف شيء بعد أن يكون معاونًا للمعلم
في المدرسة ؟ هل تسخير طالب كلية التربية للعمل مجانًا بدون خبرة هو الحل ؟ بالتأكيد، هذا ليس الحل الأمثل.
يجب أن يكون هناك نظام تدريب مكثف وإشراف دائم لهؤلاء الطلاب لضمان تأهيلهم بشكل صحيح.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه” [رواه البيهقي].
لا يمكن الاعتماد على طلاب لم يتأهلوا بعد لتحمل مسؤولية التعليم.
فلسفة التعليم والاستجابة للبنك الدولي:
أين فلسفة التعليم التي تهدف إلى تطوير الفكر والإبداع وتنمية المهارات؟
لماذا يتم الاستجابة لطلبات البنك الدولي دون دراسة وافية لما يناسب مجتمعنا واحتياجاته الفعلية ؟
يجب أن يكون هناك رؤية واضحة وفلسفة تعليمية تهدف إلى تحقيق الأهداف الوطنية وتنمية القدرات الذاتية للطلاب.
قال تعالى: “وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا” [طه: 114].
يجب أن يكون هدفنا هو الزيادة في المعرفة وتنمية الفكر، وليس تنفيذ أجندات خارجية قد لا تتناسب مع واقعنا.
خاتمة:
إن الحديث عن نظام البكالوريا قبل الحديث عن دور المدرسة والمعلم هو محاولة لإصلاح القشرة دون معالجة الجذور.
يجب أن نبدأ بإصلاح المؤسسات التعليمية وتوفير معلمين مؤهلين قادرين على أداء رسالتهم بفعالية.
كما يجب أن تكون هناك فلسفة تعليمية واضحة تهدف إلى تطوير الفكر وتنمية المهارات بما يتناسب مع احتياجات مجتمعنا.
التعليم هو بناء للبشر قبل الحجر، وهو السبيل الوحيد لتحقيق التقدم والازدهار.
فلنبدأ من الجذور ولنضع خطة شاملة تهدف إلى تطوير التعليم بكل جوانبه، ولتكن رؤيتنا هي تحقيق التعليم الجيد للجميع.
فلنضع أيدينا معًا ولنعمل جاهدين لتحقيق هذا الهدف النبيل.