د. ماجد عزت إسرائيل
في (29 كيهك 1741 ش/ 7 يناير 2025م)، تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعيد الميلاد المجيد، حيث ولد السيد المسيح في مدينة بيت لحم اليهودية.
وُلد في مزود مخصص لإطعام المواشي، في ظل مناخ قارص البرودة
وفي مجتمع مضطرب سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
زاره المجوس من بلاد المشرق، وتحققت فيه جميع النبوات الواردة في الكتاب المقدس
ومنها : “لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ.
” (إشعياء 9: 6).
لقد أجاب إنجيل لوقا عن سؤالنا: لماذا جاء السيد المسيح ؟ إذ ورد في الكتاب المقدس:
“لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ.” (لوقا 19: 10).
جاء السيد المسيح من أجل الهالكين والخطاة، كما أشار بنفسه: “لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ.” (لوقا 5: 32).
لقد أحب السيد المسيح العالم رغم خطاياه، كما ورد: “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.” (يوحنا 3: 16).
في جوهره، ميلاد السيد المسيح هو قصة حب عظيمة. لقد جاء ليظهر هذه المحبة الفريدة للعالم كله، والدليل الأكبر على ذلك أنه لم يأتِ ليدين العالم، بل ليخلصه.
كما قال السيد المسيح : “وَإِنْ سَمِعَ أَحَدٌ كَلاَمِي وَلَمْ يُؤْمِنْ فَأَنَا لاَ أَدِينُهُ، لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لأُخَلِّصَ الْعَالَمَ.” (يوحنا 12: 47).
جاء المسيح ليحمل عنا الدينونة، كما ورد: “لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ.” (فيلبي 2: 7).
لقد تجلت محبة الله لنا في اتضاع ميلاده، حيث قبِل أن يولد في مذود بقر، أن يهرب من هيرودس، وأن يطيع حتى الموت، موت الصليب.
لقد تحمّل الآلام والإهانات ليخلص الإنسان الذي هلك، هذا الإنسان الذي انحدر في سقوطه إلى الحضيض وامتلأ بالخطايا.
جاء المسيح عندما أظلمت الدنيا وصار الشيطان رئيسًا لهذا العالم، كما قال: “رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ.” (يوحنا 14: 30). رغم ذلك، جاء ليخلص العالم الضائع، كما عبّر الرسول بولس عن حال البشرية:
“لَسْتُ أَفْعَلُ الصَّالِحَ الَّذِي أُرِيدُهُ، بَلِ الشَّرَّ الَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ.” (رومية 7: 19).
ولد المسيح ليكون مخلصًا للجميع، كما بشر الملاك الرعاة قائلًا: “أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ.” (لوقا 2: 11).
وسبحت الملائكة قائلة: “الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ.” (لوقا 2: 14).
فهل ستتهلل مع الملائكة بميلاد المخلص للبشرية كلها ؟ أم ستبقى في الظلمة؟
تذكر أن المسيح جاء للجميع، لكل إنسان على وجه الأرض، وليس لمجموعة أو طائفة معينة.
إنه مخلص العالم كله.
كل عام وأنتم بخير، ممتلئين بالسلام والمحبة!