السبت , يناير 4 2025
الكنيسة القبطية
كمال زاخر

من القللى انطلق تقليد رأس السنة

كمال زاخر

الأربعاء ١ يناير ٢٠٢٥

اتذكر تلك الليلة كأنها الأمس القريب، حين التقينا فى صحن كنيستنا التاريخية، مار جرجس بالقللى، الذى احتلته الشدات الخشبية، التى نُصبت توطئة لصب قبة جديدة للكنيسة، تحل محل قبتها القديمة التى نال منها الزمن وكانت مصنوعة من الخشب وقتها.

فيما اتذكر كانت ليلة استقبال العام الجديد ١٩٦٨، وقتها لم يكن مألوفاً ان تحتضن الكنيسة هذه المناسبة

بل ولم تكن الأسر المصرية القبطية، البسيطة والمتوسطة، تحتفل بها خارج المنزل

كان المشهد المعتاد ان تجتمع الأسرة فى منزل كبيرها، وتدور بينهم الحكايات عن نوادر واحداث العام

المنقضى، بين ذكريات الكبار وصخب الشباب، فيما كانت بنات وسيدات العائلة منهمكات

فى اعداد السمك، فالليلة تقع بالضرورة فى ايام صوم الميلاد.

تلك السنة كانت مختلفة، فالتوجس كان يلف كل البيوت المصرية، وعلى ضفافه كان الحزن حاضراً

فبيننا وبين هزيمة يونيو ٦٧ بضعة شهور، مين له نفس يحتفل؟!.

ربما لذلك كانت استجابتنا كخدام مدارس الأحد لدعوة الأمين العام المهندس باقى نمر ميخائيل، للتجمع

فى الكنيسة وترتيبب “اجتماع صلاة” نستقبل فيه العام الجديد.

لم يكن العدد كبيراً، لكن المشهد كان مهيباً، وكنا فى أغلبنا نخطو خطواتنا الأولى بالجامعة، والكنيسة

فى حالة اعادة اعمار، كانت مهددة بالانهيار، تحولت الى ثكنة مدججة بعروق الخشب

ورائحة الأسمنت والخرسانة، بلا أضواء طبعاً، إلا القناديل المدلاة أمام ايقوناتها الأثرية

وشموع توزعت علينا نستطيع من خلالها قراءة صلوات الأجبية.

فيما الشوارع خارج الكنيسة يخيم عليها ضوابط الدفاع المدنى واجواء حالة الحرب والحزن.

كانت الصلوات تصرخ بالرجاء وطلب المعونة لشعب ووطن جريح. لكنها كانت ليلة لا تننسى

صلوات على ضوء الشموع، يلفنا ايقونات وصور تميزت بها كنيستتنا، ابدعها فنان ايطالى كانت ريشته

متأثرة بمدارس عصر النهضة، حتى تكاد شخوصه ان تنطق بسيرتهم، من فرط واقعية اللوحات

ومازلت اقف أمامها منبهرا، حتى اللحظة، فى كل مرة تأخذنى قدماى لأقف أمام حامل ايقونات كنيستى

خاصة أمام ايقونتى الأنبا بولا والأنبا انطونيوس بجسديهما النحيلين، وعظام وجهيهما البارزة نسكاً

وثوب الليف الذى يلف جسد الأنبا بولا، وغير بعيد عنه “الغراب”

الذى كان يأتيه بكسرة خبزه اليومية، فيما يرتدى الانبا انطونيوس رداء بسيطاً يجسد الفقر الاختيارى

الذى عاشه ابو الرهبان.

وعيون تحمل نظرات تجمع بين الحنو وحدة الصقر، لتذكرنا بدوره فى دعم صمود الرعية الايمانى اللاهوتى

فيما كانت الكنيسة تخوض معركتها فى مجمع نيقية، ٣٢٥م.

لتنتصر لكمال لاهوت الابن المساوى للآب فى الجوهر، وتصيغ للكنيسة الجامعة “قانون ايمانها”.

لم تتوقف صلوات رأس السنة بل تواصلت عاماً بعد عام، لتصير واحدة من تقاليدها

بصورة ترسخ العلاقة بينها وبين رعيتها، بل وانتقلت منها لكثير من الكنائس.

كنيستى ما أجملك.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

ولا إزدراء ولا حاجة..بس من كلامك تدان

( اولن) .. اللاعب اعتذر وقال ماقصدت سخرية ..صح أنت قصد كلامك جد الجد ومقتنع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.