الخميس , ديسمبر 12 2024
صلاح عبد السميع
دكتور صلاح عبد السميع عبد الرازق

صيدنايا : ملحمة الألم السوري.. من الفردوس المفقود إلى جحيم البشر

سجن صيدنايا فى سوريا ، هذا الاسم الذي ارتبط بالرعب والمعاناة، يمثل نموذجًا صارخًا للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي شهدتها سوريا تحت حكم نظام الأسد.

تحول هذا السجن إلى “مسلخ بشري”، حيث تعرض الآلاف من السجناء، أبرياء كانوا أم معارضين، لأبشع أنواع التعذيب والقتل والإهانات.

أبعاد نفسية عميقة

ما الذي يدفع بشخص إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة؟ إن شخصية جلاد صيدنايا تعكس تشوهًا نفسيًا عميقًا، ربما ناجم عن نظام قمعي يزرع الكراهية والخوف.

فالجلاد، في هذه الحالة، ليس سوى ضحية لنظام فاسد، يستخدمه كأداة للقمع والسيطرة.

توريث القمع

إن استمرار ممارسات التعذيب والقتل في سجن صيدنايا على مدى عقود يعكس توريثًا للعنف والقمع من جيل إلى آخر.

فحافظ الأسد، وبشار من بعده، ورثا نظاما مبنيًا على القوة والقهر، ولم يتوانيا عن استخدام أبشع الوسائل للحفاظ على سلطتهما.

آثار لا تمحى

لم تقتصر مأساة صيدنايا على الضحايا أنفسهم، بل امتدت آثارها لتشمل المجتمع السوري بأكمله.

فالصور التي خرجت من هذا السجن هزت العالم، وكشفت عن حقيقة النظام البعثي.

كما تركت هذه المأساة ندوبًا نفسية عميقة في نفوس الناجين وأهالي الضحايا.

دعوة إلى العدالة

إن ما حدث في سجن صيدنايا جريمة ضد الإنسانية تستوجب المساءلة والمحاسبة.

يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته وأن يعمل على تقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة

وأن يضمن عدم تكرارها في المستقبل.

رسالة إنسانية

*في خضم هذه المأساة، تبرز أهمية القيم الإنسانية السامية، مثل الرحمة والعطف والعدالة.

فالإنسان مهما بلغ من الظلم والقسوة، يبقى في داخله شرارة من الأمل والرحمة.

ان مأساة سجن صيدنايا وغيره من السجون التى تم الكشف عنها، والتى لم يكشف عنها بعد

إنما هى رسالة للجميع، علينا أن نعود إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

لنرى موقع الظلم الظالمين، وكيف تناولت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحرم الظلم

وتؤكد على أهمية العدل والرحمة في التعامل مع الآخرين.

فالإسلام دين الرحمة والعدل، ويدعو إلى التعامل مع جميع البشر برحمة وإنسانية.

وفيما يلي بعض الأدلة من القرآن والسنة النبوية الشريفة: من القرآن الكريم

1. العدل :

– قوله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا” (سورة النساء، الآية 58).

– قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَنْ تَعْدِلُوا ۚ وَإِنْ تَلُوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا” (سورة النساء، الآية 135).

2. الرحمة :

قوله تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ” (سورة الأنبياء، الآية 107).

– قوله تعالى: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ” (سورة آل عمران، الآية 159).

3. التحذير من الظلم :

– قوله تعالى: “وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ” (سورة إبراهيم، الآية 42). – قوله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ” (سورة آل عمران، الآية 57).

من السنة النبوية

1. الرحمة واللطف:

– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” (رواه الترمذي).

– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لا يَرحم لا يُرحم” (رواه البخاري ومسلم).

2. العدل:

– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن المقسطين عند الله على منابر من نور الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا” (رواه مسلم).

– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة” (رواه مسلم).

3. التحذير من الظلم :

– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته” (رواه البخاري ومسلم).

– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تحمل على الغمام، يقول الله: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين” (رواه الطبراني في الكبير).

هذه الأدلة تؤكد على أن الإسلام يدعو إلى الرحمة والعدل وتحريم الظلم بكل أشكاله.

وهى دعوة إلى استخدام تلك القيم في مكافحة الظلم والدعوة إلى حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية

والعمل على تحسين الأوضاع الإنسانية ليس فى سوريا فقط وإنما في كل المجتمعات المعاصرة

انها دعوة لاستعادة معنى الإنسانية، واستنهاض الفطرة الطيبة فى النفس البشرية

انها دعوة للمراجعة بعيدا عن العنف، واستدعاء للنفس الطيبة، المطمئنة، ونبذ النفس الامارة بالسوء.

دعوة لبناء المجتمعات تحت مظلة واعتصموا بعيدا عن الفردية المقيته، دعوة إلى حب الأوطان المبنى على الانتماء بعيدا عن الطائفية، دعوة إلى كلمة سواء شعارها الصدق مع الله، والصدق مع النفس.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

مراجعات ارثوذكسية1ـ العلمانيون والكنيسة … عود على بدء!!

كمال زاخر الكائن الحى العاقل السوى ـ الإنسان فى مجمله ـ يحتاج بين حين وآخر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.