لم يظهر هذا الاسم في جغرافية مصر إلا في الألف سنة الماضية، وقبله كانت البحيرة تعرف بأسماء أخرى في عهد اليونان-الرومان، وكان لها اسم مصري قديم في عهد الحضارة المصرية.
في حركة التاريخ هناك دوما طمس حديث للقديم في مسألة أسماء الأماكن، بدوافع دينية وثقافية وسياسية.
يستخدم بعض العلماء مسمى “مسحنة الأسماء” قاصدين صبغة الثقافة المسيحية عل أسماء الأماكن
أو يقولون “أسلمة” المواقع الجغرافية.
في حالة بحيرة البردويل في شمال سيناء ليس لدينا دليل موثوق عن معنى الاسم، سوى الترجيح
بأن الاسم محرف عن اسم “بلدوين” …أحد ملوك الإمارات الصليبية في فلسطين وبلاد الشام!
والكتاب الذي نتصفحه اليوم وصدر عام 2008 في أصله رسالة ماجستير
قدمتها الدكتور هنادي السيد محمود لجامعة عين شمس – في تاريخ العصور الوسطى، بكلية الآداب.
حين قابلت مؤلفة الكتاب قالت لي إن هذا النوع من البحوث يركز عدسة الدراسة
على سنوات قليلة للغاية خلافا للدراسات الكبرى التي تدرس مثلا قرنين أو ثلاثة في رسالة واحدة.
والكتاب فعلا يلقي الضوء على 18 سنة فقط لا غير من الحكم الصليبي في بلاد الشام
خلال فترة حكم الملك بلدوين الأول (1100-1118).
حقق بلدوين الأول إنجازات عديدة للاستعمار الأوروبي في بلاد الشام، في مقدمتها الاستيلاء
على معظم مدن وبلدات الساحل المتوسطي، وأسس العديد من القلاع الحربية، وعزز الكنيسة لتقف معه ومن خلفه.
وكان الهدف من كل هذا هو استعمار اقتصادي في المقام الأول، يتخفى من وراء الدافع الديني
وحماية المسيحيين في “أورشليم“.
وليس أبلغ على ذلك من أن الأساطيل الإيطالية حققت
أرباحا طائلة من التجارة في موارد بلاد الشام خلال فترة حكمه وما ترتب عليها من عقود تالية.
وقد غطت د. هنادي هذه الدراسة في 250 من خلال خمسة فصول:
يعرض الفصل الأول “سياسة بلدوين كي يخضع الساحل الشامي ويشن حملته على مصر”
مع التعرض للمقاومة التي أبدتها المدن الشامية وفي مقدمتها صور وعسقلان.
يتناول الفصل الهجوم السهل الذي شنه بلدوين الأول على مصر، فاكتسحت قواته شمال سيناء
ووصلت إلى مشارف بحيرة تنيس (المنزلة حاليا ) دون أن تلقى أية مقاومة بسبب الضعف
الذي كانت عليه الدولة الفاطمية في مصر.
وكانت هذه الحملة ذات طابع استكشافي ولم ترغب في الاحتلال المباشر، لكنها جمعت المعلومات المطلوبة
للحملات اللاحقة.
أسس بلدوين الأول المبدأ الشهير في الصراع مع الصليبيين وهو أنه
“لا سيطرة على الشام إلا بعزل مصر ! “.
يتناول الفصل الثاني سياسة بلدوين الأول وحملاته العسكرية والمقاومة الإسلامية
التي تبدت في لحظة توحدهم وتجمعهم أمام بلدوين وقواته.
يعرض الفصل الثالث “العمارة الحربية في عهد بلدوين” لا سيما من قلاع وحصون
تعوض النقص اليدموغرافي الذي كان عليه الوجود الصليبي في بلاد الشام
الفصل الرابع يأخذ عنوان “سياسة بلدوين الأول تجاه الكنيسة” لتدعيم سياساته ومخططاته في بلاد الشام.
الفصل الخامس والأخير يتناول الأوضاع الاقتصادية والحياة الاجتماعية خلال هذه السنوات الفارقة
التي استمرت 18 عاما وتركت أثرها على العصور التالية.