كمال زاخر
الثلاثاء ٣ ديسمبر ٢٠٢٤؟!
قامت دنيا العالم الافتراضى ولم تقعد، وقد استنفرها خبر مبادرة عائلة ساويرس بمنح الجامعة الأمريكية بالقاهرة (هبة) قيمتها مليار ونصف مليار جنيه.
وتطايرت الاحتجاجات، كيف تهب دولة فقيرة المليارات لدولة غنية؟، ولماذا لم توجه الهبة لمؤسسات مصرية؟
ألم يكن الفقراء أولى؟.بعيداً عن الأعصاب الملتهبة والتى قفزت لتصير فوق الجلد، وفى مواجهة عشوائيات الفكر، التى تدعم عشوائيات الفقر؛ الهبة ليست من دولة فقيرة لدولة غنية، فالدولة ليست طرفا فيها.
وليست من مصريين لهيئة أو جهة اجنبية، فهى من عائلة مصرية للجامعة الأمريكية بالقاهرة”
هى واحدة من مؤسسات “مصر” التعليمية، التى تقدم علومها للمصريين، وبحسب توصيفها القانونى والأكاديمى
(هي جامعة مصرية، مستقلة و متعددة الثقافات والتخصصات، وتعتبر الجامعة واحدة من أكبر الجامعات التي توفر تعليم متميز باللغة الإنجليزية.)
وقد تأسست في عام 1919 في ميدان التحرير في وسط العاصمة، القاهرة، وأصبح مقرها الحالي بالقاهرة الجديدة.
الهبة هنا هى اعلان “وعى” بالعلم ودوره فى مكافحة الجهل الذى انتج منظومة الفقر، فى مناقضة نعيشها
فهو فقر فى بلد لديه موارد طبيعية يمكنها ان تضعه فى مصاف الدول الغنية، لكنها تتبدد
بجهل مدقع غيب الوعى، لغياب العلم الحقيقى، الذى يشكل عقول مرتبة ومن مجموعها يشكل عقل جمعى
واع ومستنير.
هو جهل جعل مفردات يومنا نتاج انتماءات ضيقة بدائية عمقت متناقضات الاستعلاء والخرافة بآن، والكراهية
لغير ذواتنا والتبرم من عزوفهم عن اقالتنا.
من عثراتنا بغير ادراك لذاك التناقض.
وقد يتساءل البعض عن لماذا لم توجه الهبة لنظيراتها المصرية أو لمؤسسات اجتماعية لإعالة الفقراء
وتوفير اعوازهم اليومية، فى لحظة ضاغطة بل وذهب الى المطالبة بمحاكمة من قدم الهبة بتهم الخيانة. والسفه!!!.
ولم ينتبه هؤلاء لبديهيات أولية:
* أن الهبة مقدمة من الأموال الخاصة لعائلة مصرية، تخضع مؤسساتها الاقتصادية لقوانين الدولة
واجهزتها الرقابية، وتخضع لتربص التيارات الظلامية وقرون استشعارها المنبثة فى مفاصل المجتمع
والمدعومة ربما من شبكات تتجاوز الحدود، ليس فقط لكون هذه العائلة “قبطية” بل لأن انهيارها
يدعم انهيار الدولة المصرية.
* ان هذه العائلة قدمت الهبة بيد فيما لم تتوقف بيدها الأخرى عن تأسيس وإنشاء (مؤسسات) اجتما
عية لرعاية ودعم الأسر الفقيرة (المصرية)، ومدت عطائها لدعم الشباب الموهوب فكريا وفنيا ورياضياً
عبر مؤسسات ثقافية وفنية واجتماعية، لها فعالياتها السنوية، تمنح فيها المبدعين جوائز لها ثقلها
الاعتبارى والمادى، ومحل تقدير من العالم بأسره.
واستطاعت ان تحجز لها مكاناُ وسط فعاليات سبقتها بعقود ولها ثقلها ومدعومة من الدولة.
* ولم تشأ ان تدخل فى متاهة البيروقراطية الخانقة – ولا نقول الفساد لا سمح الله – التى تحكم اروقة
ودهاليز المؤسسات المصرية الحكومية المناظرة، والتى تبتلع وتبدد مواردها، التى بلغت من العجز
مدى لا يجدى معه معونة أو هبة، وقد تغول وتضخم جهازها الادارى ليبتلع كل محاولات الانقاذ.
* ان عائلة ساويرس تقدم الهبة لمؤسسة على ارض مصر كنوع من الوفاء وقد تخرج جل افراد العائلة من كلياتها.
* وأخيراً فهذه العائلة صاحبة الهبة، هى واحدة ضمن آلاف عائلات رجال الأعمال
وقد فتحت الباب لهم للسير فى درب دعم اركان النهوض بمصر، جامعات ومدارس ومؤسسات ثقافية واجتماعية.
فهل يستوعبون ويقتدون بها؟.