كمال زاخر
الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤
حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع عتبات أمام ابواب شقق أولاده، فى بنايته التى بناها من كده وتعبه، كنت صغيرا وقتها سألته وما فائدتها، اجابنى باقتضاب حتى لا تتسلل اليكم مياه غريبة من جيران محتملين، وهم يغسلون ارضيات شققهم.
تذكرت عتبات ابى بعد ان صارت حجرات عقولنا محاطة ببنايات عديدة، تصر على اقتحامنا
بسيل من مياهها عبر نوافذ العالم الافتراضى التى صارت مشرّعة لتخريب اثاث بيوتنا الفخيمة.
وهناك فرق بين بناء جدار عازل يمنع التفاعل مع الفكر والثقافة على تنوعها حتى الصادمة لفكرنا
وبين وضع عتبات تمنع الغث منها، والمخرب، وتحمى عقول اولادنا الغضة، التى مازالت تتشكل
من التلوث والارباك.
عتباتنا هى منظومة تعليمنا ومحاور ثقافتنا، المسئولة عن بناء الوعى الفردى والعقل الجمعى
ونحن لسنا على هامش العالم أو نعيش فى مجاهله، فلدينا ما نفخر به تراثا وتاريخاً مازال يبهر العالم
ومازال يكشف عن اسرار كنوز اجدادنا – قبل التصحر – وبين الايچبتولوچى والقبطولوچى تقع خبيئة عقلنا
التى يسعى المتربصون بنا لتدميرها، بوعى زائف مخاتل، أو عن عمد، فهل ننتبه
ونسارع بالخروج من صراعات مصنوعة الى بناء وعينا مجدداً، حتى لا نتحول الى محمية طبيعية.
انينى موزع بين وطن كاد ان يفقد هويته.
وكنيسة تتنازعها صراعات المحسوبين على مدبريها. باصرار يفتقر للوعى، يجيش البسطاء.