كمال زاخرالجمعة ١٨ أكتوبر ٢٠٢٤
قوة وحيوية الكنيسة فى ابنائها وهم من قدموا، على مدار التاريخ، ارواحهم بطيب خاطر بل وبفرح حفاظا على امهم أم الشهداء، وبقاء الكنيسة مرتهن بقدرتهم على الحفاظ على إيمانهم وهم لهذا فاعلون، بدعم وحماية الروح القدس لها بوعود حاسمة، تؤكدها خبرة الكنيسة عبر عمرها المديد والى اخر الدهور.
لكن الكنيسة بحسب التتبع التاريخى تعبر بقمم وقيعان فيما يتعلق بالرعاية، وقد نبه رب المجد الرعاة لهذا
وحذر من الرعاة الأردياء، الذين يركنون الى طول اناته، لذلك ختم كلامه بأن صاحب الحقل
سينزع الرعاية منهم ويعطيها لأخرين.
وأزمات حقبة الأب البابا البطريرك الأنبا تواضروس لم تصنعها الرعية، بل طيف من رعاة زماننا
بشكل متواتر وملح ومتنوع عسى ان يخلقوا حالة غضب شعبى ينتهى الى عزله
فى تكرار لما حدث فى منتصف القرن المنصرم،
فى مقاربة لم تنتبه للمتغيرات الجيلية، ولانتفاء وجود مبررات تدعم سعيهم
وانما أغراض ذاتية بعضها يراود اصحابها القفز على الموقع بديلاً، وبعضها صدمه ان البابا البطريرك
ليس صورة مستنسخة لأحد
بل له رؤيته المبنية على خلفيته العلمية المرتبة، فى تطور طبيعى يتناسب مع التطور
فى طبيعة واحتياجات الرعية.
وهو أمر تشهده الكنيسة مع كل بطريرك فى جيله، فى متلازمة مصرية واضحة
وقد شاهدناها فى ثنائية البابا والحاكم،
* أ. يوساب والملك فاروق والرئيس محمد نجيب،
* أ. كيرلس والرئيس جمال عبد الناصر،
* أ. شنودة والرئيسين السادات ومبارك،
* أ. باخوميوس ومرحلتى الحكم الانتقاليتين،
* أ. تواضروس والرئيس السيسى (حفظهما الله).
نتمنى ان تنتهى زوبعة السيمينار المفتعلة وتسترد الكنيسة سلامها، وتعود لجدول أعمالها:
* تستكمل سعيها فى الانتقال من الفرد للمؤسسة، عبر تقنين وضعية وعمل مكوناتها (السلطات والمسئوليات والواجبات).
* تضبط منظومة الرهبنة الديرية تأسيساً على نذورها ومسئولياتها ودورها المتقدم فى الفضاء القبطى والكنسى.
* تدرس تأسيس منظومة الرهبنة الخادمة العاملة وسط الناس لخدمة الكنيسة والمجتمع فى مجالات التعليم والصحة والثقافة والخدمات الاجتماعية، اسوة بكنائس تقليدية شقيقة.
* تدرس ترتيب مرحلة انتقالية بين وجود الراهب فى الدير وبين توليه مسئولية الاسقفية والخدمة فى المجتمع خارجه، ونموذجنا القريب – نسبياً – تجربة مدرسة الرهبان بحلوان.
نفحصها ونقف على اسباب اغلاقها، رغم انها قدمت للكنبسة نماذج خادمة مؤثرة وفاعلة، جمعت بين العلم اللاهوتى والكنسى والخدمة المثمرة الواعية.
* تضع لائحة المجمع المقدس تحت الدراسة فى ضوء تجربة تطبيقها فى حبرية البابا شنودة
والبابا تواضروس، وهى تفتقر لتحديد المراكز القانونية فيها، المهام والمسئوليات والالتزامات والعلاقات البينية
وآليات العمل داخل المجمع، وضبط العضوية اكتساباً وانتهاءً، ومناقشة قضية تقاعد الأسقف
فى ضوء الصلاحيات الذهنية والعمرية، حماية للشخص والخدمة والكنيسة. مع توفير مقومات حياة لائقة
لما بعد التقاعد – فى أحد الأديرة أو فى بناية فى حرم الكاتدرائية – تحفظ له رتبته وكرامته وحياته برعاية لائقة. وجدير بالبحث معرفة تجارب الكنائس التقليدية التى سبقتنا فى هذا الأمر.
وهذا يتطلب تصويب ما استقر فى العرف السائد بان الاسقف تزوج الايبارشية، والذى يستند الى قول أحادى
غير متكرر، فعريس الايبارشيات مجتمعة (الكنيسة) هو الرب يسوع المسيح بحسب الكتاب والتقليد الصحيح.
* يبقى ان الكنيسة بحاجة الى توثيق (دستور ايمان) يعكف على اعداده نخبة من الأكاديميين الكنسيين
الثقاة، يضم كل لعقائد الايمانية التى تعتمدها الكنيسة، تأسيساً على الكتاب المقدس وقوانين المجامع المسكونية والتقليد (المحقق)
بصياغات دقيقة ومعاصرة، وكذلك دستور طقسى، يراجع وينقى الطقوس الكنسية فى دراسة فاحصة
تنقيه من ما تسلل اليها فى فترات الضعف.
ومن المؤكد ان هذين العملين، دستور الايمان، والدستور الطقسى، مضنيان، يحتاجان الى قلب جسور
وتكاتف أمين يؤمن باستحقاق كنيستنا التى كانت يوماً ابرز معلمى المسكونة