د.منال سخري
تمثل التهديدات المتزايدة التي تواجه بيئتنا اليوم ضغطًا هائلًا على مواردنا الطبيعية وأمننا الإنساني: الصحي، الغذائي،البيئي، المائي…..، مما أدى إلى فقدان التنوع البيولوجي وتدمير الغابات
وانتشار التلوث واتساع رقعة التصحر إلى جانب العديد من المخاطر الأخرى التي تعكس الأثر السلبي
للنشاط البشري على كوكبنا.
هذه التحديات تجعل من الوعي البيئي ضرورة لا غنى عنها، وليس مجرد خيار
من أجل ترسيخ وتطبيق الممارسات المستدامة سواء على مستوى الأفراد أو الحكومات.
يشير الوعي البيئي إلى إدراك الفرد لعلاقته مع بيئته ومعرفته بالطرق والسلوكيات السليمة للتعامل
مع مختلف التحديات والقضايا البيئية، وتعتبر مشكلة الوعي البيئي أساس معاناة بيئتنا من تصرفات
وسلوكيات غير صديقة للبيئة، إلا أننا نهمل بذلك حلقة ومرحلة أساسية في تشكيل وبلورة الوعي البيئي
وهي قضية التوعية البيئية حيث يعتبر الاول جزء وتحصيل حاصل للمفهوم الثاني .
يقصد بالتوعية البيئية تلك البرامج والنشاطات التي باختلاف مسمياتها ومستوياتها
( ندوات،ورشات،حملات التنظيف،..) الموجهة لعموم الناس أو لشريحة معينة إزاء قضية بيئية
والتي يمكن أن تتشارك فيها عدة فواعل منها الاعلام البيئي، تنظيمات المجتمع المدني، المدرسة
لكن هناك لبنة أساسية في المجتمع التي يعاز لها أن تٌشكل هذه السلوكيات ولن أبالغ إن قلت بيدها
بلورة سياسة مجتمعية بيئية محلية، إنها الخلية الاساسية فيي تأسيس المجتمع ألا وهي الأسرة
من خلال السلوكيات التي يكتسبها الفرد سواء كانت صديقة أو غير صديقة للبيئة
قد تبدو بسيطة-السلوكيات- لكن أثرها كبير على الحياة المجتمعية.
إن الطفل بمثابة البذرة التي يتم سقيها وغرس القيم فيها والتي يؤديها عن طريق التقليد
والتوجيه لتصبح عادات،فالشخص الذي يرمي النفايات من نافذة سيارته أو من نافذة البيت إلى الشارع
هو ذلك الطفل الذي نقل التجربة /العادة من أن التخلص من النفايات يكون بإبعادها من طريقه ولايهم
في طريق من تكون ! .
والسؤل هنا كيف يمكن أ ن نغرس سلوكيات بيئية سليمة لتصبح عادات متأصلة ؟
إن الانسان هو الركيزة الأساسية للتغيير ومحوره فلابد أن يدرك قيمة ما تقدمه له بيئته من موارد
وما يمكن أن ينتج عن سلوكياته في حفظ أو زيادة تدهور ها وتبقى قضية الوعي البيئي مسألة أساسية
في التعامل مع مختلف القضايا البيئية لحماية بيئتنا ليس للأجيال الحاضرة فقط بل والقادمة أيضا .
أعتقد أنه لا يمكن أن يتبلور الوعي البيئي لدى الفرد إذا لم تتحرك شبكة واسعة من الفواعل والأدوار
التي تقدم لنا في نهاية المطاف سلوكيات سليمة وصديقة للبيئة ،فالوعي البيئي مرتبط بالأفراد
والحكومات /صناع القرار .
إننا بحاجة إلى تفعيل قنوات التوعية البيئية انطلاقا من الاسرة إلى المدرسة فوجود برامج
ونوادي بيئية يساهم في دعم علاقة ارتباط الفرد ببيئته وصنع جيل صديق للبيئة
والتي تكون ضمن رؤية واستراتيجية حكومية واضحة في إطار الاستدامة ( لا يكفي المقام لشرحها)
والتي ترسم الأطر التشريعية والمؤسسية لحماية البيئة تتفاعل في اطارها أدوار وسائل الاعلام و
وتنظيمات المجتمع المدني المختلفة من خلال تنظيم ورشات،ندوات وحملات التوعية مبتعدة
عن الاطار المناسباتي في التعامل مع القضايا البيئية.
نصل إلى أن تحقيق الوعي البيئي يساهم في إنجاح تطبيق السياسات البيئية كما أن توفير الاطار
المؤسسي والتشريعي الفعال يشجع على تبني السلوكيات الصديقة للبيئة مما يدعم الوعي البيئي .