جريدة الأهرام الجديد الكندية 
مقالات مشابهة
اعتذارك عزيزي القس ماهر صموئيل لفنانة تعرضت علنا لحياتها الشخصية هو الجزء المحمود في اعتذارك لكن كل ما كتبته عدا ذلك مرفوض شكلا وموضوعا ويعبر عن الردة الفكرية السلفية الهائلة التي تمزق مجتمعنا.
أنت لم تعتذر عن استخدام كلمة كفر إلا بسبب ما ترمز إليه عند الناس من عنف وخروج من الدين
ولكنك أكدت أنك تعني معناها الحقيقي وهو تغطية الحق بالباطل بما يعني أنك فعلا تكفر الفنون
التي تتغنى بحب الإنسان للإنسان كأن تقول أغنية”أنا ملك إيديك” أو “انت روحي ونور حياتي” أو “أنا كل حاجة
فيا بتناديك” واعتبرتها فنون كفرية لإنها تخاطب الإنسان بخطاب لا يجب أن يوجه إلا للإله
ونسيت أن هذه هي أدوات وفنون اللغة البشرية في التعبير من تشبيه وإستعارة وكناية وكلها تستخدم
بعض المبالغة حتى تبرز المعنى وتحقق هدف الشعر والغناء من شحن أحاسيس ومشاعر المستمع
وزيادة استمتاعه بالكلمات، وأن ملكية الحبيب للحبيب لا تعني العبودية أو التعبد في الحقيقة.
هذا التكفير للأسف ناتج عن تعريفك الشديد السلفية والرجعية للإنسان يا حضرة القس بأنه
“كائن عابد” والذي تنفي به صفة الإنسانية عن مليارات البشر وعشرات الشعوب اللادينية
وتعيد به البشرية إلى القرون الوسطى حيث كان الإنسان عند الكنيسة وأمثالها في الأديان الأخرى مجرد كائن
عابد ومن حق رجال الدين التلاعب بأفكاره واحتياجاته حسب أهوائهم ومصالحهم.
يا سيدي الإنسان اليوم كائن حر وسيد الكون وسيد الوطن بصرف النظر عن لونه وجنسه ودينه وجنسيته
وإيمان هذا الإنسان بنفسه واعتزازه بعقله وإرادته واستقلاليته هو الذي مكنه من تغيير شكل حياته
على الأرض خلال ٧٠٠ سنة فقط بعد ملايين السنين عاشها في ندرة وفاقة وظلام وجهل وخوف ومرض.
أما الحب الرومانسي الذي تعتبره كارثيا فهو هدف إنساني نبيل وفي نفس الوقت وسيلة
لتحسين ظروف الحياة، وحب الإنسان لزوجته وأولاده لا يتعارض مع حبه للإله أو الوطن أو عشقه
للتفوق والنجاح في عمله، أما الفشل في الحب أو الزواج فهو سوء حظ يتعرض له المؤمن
وغير المؤمن وعلينا أن نحسن تربية أبنائنا ليتعلموا كيفية إختيار الشريك
وحسن التصرف في مواجهة الشدائد والمحن العاطفية والنفسية والمادية.
القضية تربوية ومجتمعية وليس من مصلحة أحد إلباسها ثوب الدين إلا تجار الدين.
وأحسب أن درجتك العلمية كطبيب أمراض نفسية سوف تجعل من اليسير على سيادتك تفهم ردي هذا.
