الجمعة , نوفمبر 22 2024
الجزائر
الدكتورة منال سخري

بيئتنا بيتنا المشترك

بقلم : د.منال سخري 

البيئة هي ذلك البيت الذي تأسست أعمدته بجودة ونقاء الطبيعة العذراء بتفاصيلها وتنوعها البيولوجي  الفريد والذي إهتزت أركانه في ظل الممارسات االنسانية غير المستدامة لوحداته) الدول (طمعا منها في مزيد

من العطاء على حساب قدراته وتوازنه الذي جبل عليه،يرجع المعجم العربي

اشتقاق مصطلح  البيئة إلى الجذرو وهو يؤخذ منه الفعل الماضي أباء وباء واالسم البيئة

هذه االخيرة تشير أيضا إلى  المحيط لذا يقال االنسان ابن بيئته وهنا إشارة للبيئة االجتماعية . 

البيئة موروثنا 

البيئة ليست ذلك االمتداد للمساحات الخضراء ،الصحراء أو التلال والأنهار والهواء العليل الذي نستنشقه

فحسب بل هي موروثنا الثقافي الذي يسرده التاريخ أمم وشعوب إرتبط وجودها بالأرض

وهي  موردنا الاقتصادي الذي تقوم عليه كل القطاعات والتي يبقى ما تقدمه من خدمات مرهون

بصيانة  استدامة مقدراتها لتلبي حاجياتنا الساسية . 

باختصار إنها سكن ومأوى ومصدر داء ودواء االنسانية، هي مستقبلنا ومصدر بقائنا الإجتماعي 

وجودة ورفاهية حياتنا هي بيتنا وموروثنا المشترك الذي يقطنه حوالي سبعة مليار إنسان

وترتبط به قضية إستمرارية البشرية من على هذا الكوكب. 

 البيئة أمننا الإنساني 

 إن المتأمل في تاريخ الحضارة االنسانية وكيف أبدعت في سبل البقاء بتأمين أمنها الغذائي وأمنها المائي من خلال صيانة وضمان استدامة مقدراتها من خلال نظم إدارة متكاملة لها كنظم المياه والإنتاج الزراعي ،

كما هو الشأن في الحضارة الفرعونية وحضارة بالد الرافدين وغيرهما ،وكما كانت البيئة  

مصدرا للسلام واستقرار الشعوب فإنها كانت محل للحروب والنزاعات من أجل غريزة البقاء نظرا إدراك

الحضارات المتعاقبة ألهمية تأمين أمنها االنساني )الغذائي،المائي،السياسي.

( وضمان  استمراريتها هذا الدافع إلى يومنا هذا لكن طرق تحقيقه تطورت. 

 مع التطور التكنولوجي الذي عرفته االنسانية تزايدت تهديدات بيتنا المشترك ذلك أن المشكلات البيئية

التي تعترف بالحدود الجغراسية للدول فدعت الحاجة لضرورة تكاثف الجهود لمواجهتها

وهو ما ترجمته عديد االاتفاقيات والمؤتمرات ، من هذه التحديات التي أعتقد أنها تترابط كسبب

ونتيجة أضحت  ترهن مصيرنا

أذكر منها:

تحدي التلوث بأنواعه المختلفة) الهوائي،الرياضي،المائي،الإلكتروني  ،الضوضائي

( وهو نتيجة لممارسات غير مستدامة بإدخال مكونات دخيلة على الطبيعة سواء الماء أو الهواء

أو لنأخذ مثال عن الإدارة غير السليمة للنفايات فهي تؤدي إلى انبعاث الغازات الدفيئة وتلوث  الجو ومنه

فهي عامل للتغيرات المناخية ونتيجة للممارسات غير الصديقة للبيئة.

أضيف أيضا مشاكل البلاستيك هو الأخر يحتاج إلى سنوات ليتحلل بحسب طبيعته

والذي ترحج  االاحصائيات إلى تزايد الطلب على استخدامه بأضعاف مضاعفة في السنوات القادمة

بالرغم من أنه  سببب في تشويه المنظر العام للمحيط وتدمير الحياة البحرية ،أيضا تحدي فقدان التنوع البيولجي،إدارة المياه

وزحف التصحر كلها مشكلات مترابطة مع بعضها البعض ونتيجة حتمية اختلال التوازن  الإليكولوجي لبيتنا. 

اليوم نعرف جميعنا هذه المشكلات التي تتفرع عنها تحديات وقضايا أخرى ،أعتقد أن ما يلزمنا للحفاظ 

على بيتنا التوقف على إدراكنا لكل هذا ولكن إلى الرؤية والإستراتيجية ذات الكفاءة والفعالية في التطبيق

والتقويم لصيانة موروثنا وبيتنا المشترك بشكل مستدام،كما أعتقد أن على وحدات هذا  البيت)الدول

( أن تعمل منفردة ومجتمعة على مستواها المحلي والوطني والإقليمي والعالمي في مواجهة  هذه التحديات

من خلال العمل على تعزيز الممارسات المستدامة في إدارة مقدراتها ومواردها مما يصون 

رأسمالها الطبيعي،الاقتصادي والإجتماعي وهو ما يتحقق بتبنيها لمقاربة الحوكمة البيئية وهي العملية 

التي ترافقها عديد الميكانيزمات منها التوعية لتحصيل الوعي البيئي الجمعي للمواطنين وعليه أعتقد أن 

صيانة بيتنا وضمان إستدامته يبقى مرهونا بسياساتنا وإستراتيجياتنا الوطنية وإلتزاماتنا الدولية .

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

قومى استنيرى

كمال زاخر رغم الصورة الشوهاء التى نراها فى دوائر الحياة الروحية، والمادية ايضاً، بين صفوفنا، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.