أمل فرج
يشهد العالم مساء يوم غد الاثنين ظاهرة “القمر الأزرق العملاق”، وهي يعني اكتمال بدر” شهر صفر”
في الساعة التاسعة و29 دقيقة مساء بتوقيت القاهرة وتصل نسبة لمعانه 100%.
و هو ما يطلق عليه أيضا اسم “القمر الأزرق”؛ حيث إنه ثالث قمر مكتمل من أصل أربعة، خلال
موسم الصيف في نصف الكرة الشمالي، ورغم تسميته بـ”القمر الأزرق”، إلا أنه
لن يظهر بهذا اللون في الواقع.
ويعود تفسير هذا المصطلح إلى التقارب بين كلمتي “الأزرق” و”الخائن” بالإنجليزية، حيث يشير
إلى القمر الكامل الذي يظهر كبديل إضافي في موسم يحتوي على أربعة أقمار كاملة بدلاً من
الثلاثة المعتادة، ما قد يؤثر في التوقيت المتوقع للمواسم والاحتفالات الدينية مثل
الصوم الكبير وعيد الفصح.
و حول هذه الظاهرة قال الدكتور أشرف تادرس ،أستاذ الفلك بالمعهد القومي
للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بمصر، إن الأقمار الزرقاء تحدث في المتوسط مرة واحدة
كل سنتين ونصف، على الأغلب، مما أدى إلى ظهور مصطلح “مرة واحدة في القمر الأزرق”
أي نادرا ما يحدث.
وأوضح أن القمر يشرق في ذلك اليوم بعد غروب الشمس مباشرة،
ويظل بالسماء طوال الليل إلى أن يغرب مع شروق الشمس في صباح اليوم التالي؛
حيث إن العين المجردة لا تستطيع تمييز الاكتمال الحقيقي لقرص القمر، لذلك يبدو لنا القمر
كما لو كان بدرا في الفترة من 18 إلى 21 أغسطس.
جدير بالذكر أن تادرس أكد أن وقت اكتمال القمر هو أفضل وقت لرؤية التضاريس
والفوهات البركانية والحفر النيزكية على سطح القمر باستخدام النظارات المعظمة والتلسكوبات الصغيرة.
أساطير الطاقة النووية كيف يخدعنا لوبي الطاقة : ذر الرماد في العيون والبيئة
أراضي الشمس وسواحل الرياح لا تحتاج إلى الطاقة النووية.
الأساطير السبع الرئيسية التي يستخدمها المروجون
لبرامج الطاقة النووية، لم يكن أحد يدرك أن، المنطقة ستشهد والعالم أحداثاً من شأنها تغيير النظرة السائدة تجاه الطاقة النووية من جهة، وكذلك الطريقة التي تدار
بها الدول في العالم العربي من جهة أخرى.
ومع الكارثة النووية التي حلت في اليابان نتيجة تعرض مفاعل فوكوشيما النووي للتأثير المزدوج من زلزال ضخم بقوة 9 درجات على مقياس رختر، وما تبعه من تسونامي كاسح أتى على السواحل اليابانية، وأدى إلى تعطيل مفاعل فوكوشيما، وتدفق نسب عالية من المواد المشعة في الهواء وفي المياه، وفي محصلة الأمر إلى التربة.هنالك علاقة مباشرة، وإن لم تكن واضحة، ما بين تسونامي اليابان وتسونامي فوضي النووي بالدول العربية.
فمنذ عدة سنوات ، بدأت تنتشر في العالم العربي توجهات لتطوير برامج للطاقة النووية في المنطقة كاستجابة لتحدي ارتفاع أسعار النفط، وضرورة التحول نحو حالة من «الاستقرار » في سياق إنتاج الطاقة. ولكن ما يثير القلق هو أن التوجه نحو الطاقة النووية في العالم العربي يعتبر بمثابة القفز في الفراغ، فلا توجد تجارب علمية وطنية وإقليمية، ولا تطور تكنولوجي يتناسب مع هذه الطموحات. ويبدو أن المطلوب هو استيراد المفاعل النووي … ومفتاحه معه، دون المرور بالسلسة المطلوبة من التنمية العلمية والحوار الشعبي حول أفضل الخيارات وأسوئها في درب الطاقة النووية. هذا ناهيك عن عدم عقلانية تغييب خيار الطاقة المتجددة، حيث يمثل العالم العربي أحد أفضل مواقع إنتاجها على الإطلاق؛ لاسيما الطاقة الشمسية ذات السطوع المثالي ولفترات تتجاوز 300 يوم في السنة.
أراضي الشمس وسواحل الرياح لا تحتاج إلى الطاقة النووية، وفي غياب المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، وذلك بعد دراسة وإدراك وفهم كافة المعطيات العلمية
والاقتصادية والتنموية، تشكل التوجهات نحو الطاقة النووية واحدة من أشد السياسات حساسية التي
لم تخضع للنقاش في العالم العربي. وفي واقع الأمر، ما زال الحراك نحو الطاقة النووية مرتبطاً بالبعدين
السياسي والإستراتيجي، والترويج لفكرة «حق التكنولوجيا النووية » لدى الدول العربية والتمسك النزعة الوطنية. أما الكلفة الاقتصادية وتأثير تخصيص الموارد المالية الهائلة لهذه المشاريع عوضاً عن التنمية
والأخطار المحدقة بإدارة دورة المفاعل النووي منذ فترة التعدين) لدى دول تملك اليورانيوم، أو إنشاء المفاعل وإدارة المخلفات النووية ومصادر مياه التبريد، فهي شؤون تبدو هامشية، ولا تناقش في الإعلام ولا أية
منابر محدودة للتعبير متاحة في العالم العربي.
في خضم هذا التوجه المتسرع وغير الخاضع لضبط علمي وإداري فعال، يصبح من الضروري
المساهمة في إطلاق وتعزيز حوار وطني وإقليمي حول جدوى الطاقة النووية في المنطقة. وقد يبدو هذا
الدور مناطاً بمؤسسات المجتمع المدني والمنظمات البحثية والأكاديمية المستقلة ووسائل الإعلام التي يمكن أن توفر المنابر المطلوبة لحوار مفتوح وعقلاني وغير مشروط لا يخضع للهيمنة ولا يسمح
بالتضليل العلمي، ولا يقوم باتهام المعارضين أو المتخوفين من خيار الطاقة النووية بضعف الوطنية والارتهان للانهزامية، كما يحدث حالياً ضد الأصوات القليلة التي تتجرأ لنقد خيار الطاقة النووية في العالم العربي.
وهذه المذكرة التي بين أيدينا تعتبر مادة دسمة للقراءة، بل وجوهرية من قبل ثلاث فئات رئيسية في المجتمع
العربي. الفئة الأولى هي النخبة صانعة القرار التي قد تحتاج إلى الاستماع إلى صوت مخالف يقدم
تحذيرات غير مؤدلجة وغير مطروحة في سياق مناكفة سياسية داخلية، وبالتالي صوتاً محايداً لا مصالح
له يشعر بمسؤولية عالمية في ضرورة التحذير من المضي المتسرع في هذا الدرب الشائك. الفئة الثانية
هي نشطاء المجتمع المدني والإعلام والرأي العام التي أخذت على عاتقها التحذير من الخيار النووي، والمطالبة
بالتحول نحو سياسات طاقة مستدامة بديلة. هؤلاء النشطاء بحاجة ماسة إلى تلك المبررات العلمية
والاقتصادية المتينة التي يقدمها الكتاب، والتي تقدم الحجج المضادة للأساطير النووية، وتساهم في
نقل خطاب تلك المنظمات من حالة الوعظ الأخلاقي، إلى الاشتباك الواثق مع الخطاب النووي، باستخدام
المفردات والمعايير والبيانات العلمية والاقتصادية التي تواجه «العنجهية المعرفية » السائدة لدى مروجي
سياسات الطاقة النووية. الفئة الثالثة والمهمة التي يجب أن تصل إليها الحقائق والحجج الموجودة في هذا
الكتاب هي الرأي العام العربي، وبخاصة المواطنين الذين يجدون في خيار الطاقة النووية نوعاً من «الهوية
الوطنية » التي يجب الدفاع عنها، والحصول عليها أسوة بالدول الأخرى. إن هؤلاء الناس من أصحاب النوايا الحسنة يجب أن يتم التعامل معهم بمنتهى الشفافية عن طريق طرح المخاطر ومصادر القلق السائدة حول تبعات البرنامج النووي، وليس استخدامهم كموجة بشرية من المؤيدين المتحمسين للقرارات القومية، حوالوطنية التي تسعى إلى الحصول على التكنولوجيا النووية.
وإذ نبدأ لطرح النقد لأساطير الطاقة النووية، فهو ينطلق من حقيقة أن هذه التكنولوجيا، تبقى معرضة للكثير من الأخطاء وليست آمنة. وحتى في حال عدم تسجيل تاريخ الطاقة النووية إلا لحالات معدودة من الحوادث، فإن هذا ليس سباقاً في كسب النقاط، لأن حادثاً واحداً كفيل بجلب مأساة إنسانية إلى موقع الكارثة ومحيطها. إن إدارة مفاعل نووي تعتبر أصعب وأقسى امتحان لثقافة الإتقان الإداري في العالم.
وتنطلق الأسطورة الثانية من وهم إمكانية السيطرة على التهديدات الإرهابية، وفي ذلك السياق هنالك
الكثير مما يقال حول تواجد الطاقة النووية في العالم العربي. إذا ما كان الألمان والأوروبيون قلقين من
إمكانية قيام متطرفين باختطاف طائرات مدنية أو توجيه طائرات مسيرة وتوجيهها نحو مفاعل نووي، ويضعون سيناريوهات، للتعامل مع هذا الموقف، فإن علينا أن نشعر بقلق مضاعف، لأن مصادر التهديد الإرهابي في بلادنا العربية أشد تنوعاً وأكثر «ابتكاراً »، وفي أحيان كثيرة أسهل تنفيذاً.
أما قضية النفايات النووية فهي شائكة وصعبة، وإذا كانت الدول الغربية المتطورة صناعياً لم تجد بعد
موقعاً لدفن هذه النفايات بطريقة نهائية وآمنة، وذلك نتيجة الرفض الشعبي والمعايير الصارمة لحماية
البيئة والصحة العامة، فكيف سيتمكن العالم العربي برصيده المؤسف من قلة احترام المعايير البيئية
والصحية من معالجة هذا التحدي؟ … حتى الآن لم تقم أية دولة عربية أعلنت عن نيتها خوض تجربة نقل
التكنولوجيا النووية من الإفصاح عن خططها لمعالجة وتخزين المخلفات النووية، بل إن هذه المشاريع لا تزال
حتى الآن غير مقيدة بالقوانين البيئية الوطنية التي تفرض إجراء دراسات تقييم الأثر البيئي.
ونؤكد إلى أن اعتبار الطاقة النووية أحد الخيارات المستدامة في مواجهة تغير المناخ هو واحد من الأساطير التي يجب مواجهتها علمياً، وفي العالم العربي من المعتاد سماع المسؤولين عن برامج الطاقة النووية يقومون بتقديم هذه الحجة إلى الرأي العام المحلي والدولي كأحد الأسباب وراء النزوع إلى الطاقة النووية. وفي واقع الأمر، فإن الدول العربية كافة، لا تساهم إلا بحوالي % 4 من مجمل الانبعاثات العالمية من غازات الدفيئة، وهي نسبة يمكن معادلتها وتحويلها إلى صفر من خلال تحول مطّرد نحو الطاقة المتجددة، أو السعي في مشاريع طموحة للتشجير وتعزيز امتصاص الكربون من الجو.
ان المنافسة ما بين الطاقة النووية والطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء وكيف أن وجود الطاقة النووية سيشكل عقبة أمام نمو الطاقة المتجددة بسبب عدم انتظام الكهرباء الناجمة عن الطاقة المتجددة واعتمادها على الظروف الجوية. وهذا ما قد يكون صحيحاً في أوروبا، ولكن في العالم العربي، حيث يستمر سطوع الشمس لأكثر من 300 يوم في السنة، من الصعب القول إن الكهرباء الناجمة عن الطاقة الشمسية ستكون متقطعة، في حال تم تجاوز العقبات التكنولوجية التي لا تزل حتى الآن تؤخر الانطلاقة الحقيقية للطاقة الشمسية كمصدر للكهرباء.
وفي آخر الأساطير التي يمكننا ذكرها، يتم نقض الإدعاء الجذاب بوجود انبعاث جديد للطاقة النووية، كما يروج أنصارها في المنطقة، ففي واقع الحال، يقتصر هذا النمو الجديد على الصين، وبعض دول آسيا والمنطقة العربية، بينما لم يتم إنشاء أي مفاعل جديد في الولايات المتحدة، ولا يوجد إلا مفاعلان قيد الإنشاء في أوروبا الغربية على الرغم من حزم الحوافز التي تقدمها الحكومات لاجتذاب المستثمرين. وفي حقيقة الأمر، فإن المستقبل هو للطاقة المتجددة التي تشهد نمواً استثنائياً في السنوات الماضية على الرغم من العقبات التي أثارتها الأزمة المالية العالمية، حيث ما زالت استثمارات الطاقة المتجددة تتواصل في الدول التي تميزت بالذكاء والحكمة في تطوير بنيتها التشريعية والتنظيمية لجذب هذه الاستثمارات،أما الدول التي ما زالت تتفرج باستكانة ولامبالاة مثل معظم الدول العربية، فإنها -وللأسف- قد تخسر سباق الاستثمار في الطاقة المتجددة، وهي الثمرة الأسهل والأقرب للالتقاط من أحلام الطاقة النووية بعيدة الأجل وغير المضمونة.
ومن أهم الحقائق التي يجب تصديرها، ويجب أن تحظى باهتمام كافة المعنيين بموضوع الطاقة النووية فيالعالم العربي، غموض التكلفة الحقيقية لبناء المفاعل النووي من الأجيال الجديدة، إذ أن التجربة حتى الآن أثبتت أن الكلفة تتزايد بشكل هائل، وبالتالي تضيف المزيد من الأعباء على الموازنة العامة في حال اضطرت الحكومات إلى تغطية هذه الفجوة من المال العام، وبخاصة أن اتفاقيات الشراكة مع المستثمرين المحتملين تضع هامشاً محدداً للربح لدى المستثمر لن يتنازل عنه في حال زادت التكلفة، ما يعني أن الكلفة
الحقيقية قد يدفعها المواطن والمستهلك في نهاية الأمر.
وقد انجزنا في هذا المقال سبع أساطير مهمة، فإنه قد نسي، وربما بسبب اختلاف البيئة الطبيعية، واحداً
من أهم المحددات والعقبات التي تقف في وجه الطاقة النووية في المنطقة، ألا وهو ندرة المياه. إن الدول
العربية كافة تقع تحت خط الفقر المائي، وفي العام 2025 سوف تعاني هذه الدول كافة من أزمة في
المياه يجعل من تخصيصها لأغراض الشرب معضلة تنموية واقتصادية وبيئية بحد ذاتها، فكيف سيتم
تأمين المياه للمفاعلات النووية؟ من المؤكد أن خيار دول الخليج ومصر سيكون في تحلية مياه البحر أو استخدام تكنولوجيا لمعالجة الصرف الصحي وهي الدورة المفتوحة لمنشآت نووية ساحلية، وهذه بدورها تكلف الكثير من الطاقة. أما في الدول التي لا تمتلك الموارد المالية أو الطاقة الكافية لتحلية المياه، ستكون
عملية تخصيص موارد مائية للمفاعل النووي مهمة في غاية الصعوبة، تبدو الدول العربية في شمال إفريقيا هي الأكثر قابلية لإحداث النقلة النوعية في التحول نحو الطاقة المتجددة نظراً لعوامل عدة، أهمها السطوع العالي والمستمر لأشعة الشمس، وتوفر المساحات الكافية، لإنشاء المجمعات الكبيرة لإنتاج الطاقة الشمسية، كذلك وجود السواحل الطويلة على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي التي تمثل مواقع مناسبة جداً لإنشاء توربينات الرياح. وفي هذه الدول أيضاً، يعتبر التحول التدريجي بعيداً عن الرضوخ لهيمنة سوق النفط شأناً إستراتيجياً للمستقبل، ويحتاج إلى قرار سياسي حكيم وحازم.