الجمعة , نوفمبر 22 2024
صلاح عبد السميع
دكتور صلاح عبد السميع عبد الرازق

كارثة التعليم.. إعادة هيكلة الثانوية العامة بين التسرع والتخبط

الدكتور / صلاح عبد السميع

لا شك أن التعليم هو الركيزة الأساسية التي تقوم عليها الأمم، وهو الاستثمار الحقيقي في المستقبل. ومع ذلك، فإن القرارات المتسرعة والمتهورة التي تتخذها وزارة التربية والتعليم في مصر بشأن إعادة هيكلة نظام الثانوية العامة تثير القلق والخوف على مستقبل الأجيال القادمة، ومن المدهش والغريب أن يتم ذلك بين ليلة وضحاها دون علم مسبق ودراسة متأنية ، بل يتم الاعلان عن منظومة اعادة هيكلة المرحلة دون استشارة

أهل التخصص من العلماء والمتخصصين ، واشراك الرأى العام المجتمعى من المعلمين واولياء الأمور والطلاب .

إلغاء مواد أساسية وتجاهل الآراء المتخصصة

من أبرز ما يثير الاستغراب في هذه الإصلاحات هو إلغاء مواد أساسية كالفلسفة والمنطق

وعلم النفس للشعب الأدبية، بالإضافة إلى دمج مواد علمية وتقليص ساعات دراسة اللغات.

هذه القرارات اتخذت دون استشارة أهل الاختصاص في المجالات الأكاديمية والتربوية، مما يدل على استخفاف بقيمة الرأي العلمي والخبرة المتراكمة.

التسرع في التنفيذ وتجاهل الواقع الميداني

من المدهش أن يتم تطبيق هذه الإصلاحات الجذرية في بداية العام الدراسي الجديد دون فترة كافية للاعداد والتجهيز.

هذا التسرع يؤكد غياب الرؤية الشاملة والاستراتيجية للإصلاح التعليمي، ويعكس عدم إدراك صعوبة تطبيق مثل هذه التغييرات في بيئة تعليمية تعاني من مشاكل عديدة، كالنقص الحاد في المعلمين وعدم كفاءة البنية التحتية.

تداعيات خطيرة على مستقبل التعليم

ولعل ما يتم الاعلان عنه بأنه اعادة هيكلة ،انما يؤشر الى معنى واحد فى ظل الشراكة الحقيقية الا وهو استمرار فوضى وفوبيا الثانوية العامة ، والمشكلة ليست فى تقليص العدد ، وانما فى غياب العدة والعتاد وغياب المدرسة اصلا ، ان التسرع فى فرض منظومة جديدة على الرأى العام قد يؤدى الى  تداعيات خطيرة على العملية التعليمية وعلى مستقبل الطلاب

من أبرزها:

تضييق آفاق التفكير والاعداد النفسي والعلمى للطلاب :

عبر  إلغاء مواد أساسية مثل الفلسفة والمنطق وعلم النفس

والغاء اللغة الأجنبية الثانية ، والغاء الجيولوجيا كمادة اساسية ،ودمج مقررين فى مقرر واحد

( الكيمياء والفيزياء ) ودمج فروع الرياضيات ضمن مقرر واحد واعتبار الجغرافيا ضيف شرف فى المرحلة الثانوية ، ولا نعلم ما الذى سوف يتم حذفه او اضافته فى التاريخ ، كل ماسبق قد يساهم

فى حرمان الطلاب من اكتساب مهارات التفكير النقدي والتحليلي والحوار، وهي مهارات ضرورية

في الحياة العملية، فى حين ان من اهداف التدريس فى تلك المرحلة تنمية تلك المهارات وغيرها .

تدهور المستوى العلمي :

دمج المواد العلمية وتقليص ساعات دراستها سيؤثر سلبًا على فهم الطلاب للمفاهيم العلمية الأساسية.

ضعف الكفاءة اللغوية :

تقليص ساعات دراسة اللغات الأجنبية سيؤثر على قدرة الطلاب على التواصل والتنافس في سوق العمل العالمي.

زيادة العبء على الطلاب :

التغييرات المتسارعة في المناهج الدراسية ستزيد من الضغط على الطلاب وستؤثر سلبًا على تحصيلهم الدراسي.

تفاقم أزمة الدروس الخصوصية :

في ظل هذه التغييرات المتسارعة، سيلجأ العديد من الطلاب إلى الدروس الخصوصية لتعويض النقص

في المعرفة والمهارات، ومن ظن انه سوف يقضى على الدروس بما يسمى باعادة الهيكلة فهو واهم

سوف تستمر ومعها سوف يستمر استنزاف اولياء الأمور ماديا ونفسيا

وسوف يتسع سوق الجامعات الخاصة والمدارس الخاصة .

حلول مقترحة :

إعادة النظر في القرارات:

يجب إعادة النظر في جميع القرارات المتخذة بشكل عاجل، مع الأخذ في الاعتبار آراء الخبراء والمعلمين والطلاب وأولياء الأمور.

الحوار المجتمعي :

يجب فتح حوار مجتمعي واسع النطاق حول مستقبل التعليم في مصر، مع إشراك جميع الأطراف المعنية.

تطوير المناهج الدراسية :

يجب تطوير المناهج ا لدراسية لتكون أكثر شمولية وتلبية احتياجات سوق العمل.

تدريب المعلمين :

يجب توفير برامج تدريبية مكثفة للمعلمين لتأهيلهم للتعامل مع المناهج الجديدة.

توفير الموارد اللازمة :

يجب توفير الموارد المالية والبشرية اللازمة لتحسين جودة التعليم، لا يعقل ان تغيب المدرسة

ويغيب المعلم عن المشهد ، من المهم ان تكون هناك مسابقات جادة لتعيين المعلمين

ولسد العجز فى كل التخصصات ، وان يكون الخطاب للمجتمع فيه من المصارحة الجادة

وما ينفق على الدروس الخصوصية ، ينفق على التطوير الحقيقى وبناء وتطوير المعلم والمدرسة

فى حال عادت الثقة بين المنزل والمدرسة .

مكافحة الدروس الخصوصية :

يجب اتخاذ إجراءات حاسمة لمكافحة الدروس الخصوصية، وتحسين جودة التعليم داخل المدارس

ولقد اثبتت التجارب السابقة الفشل المستمر فى مواجهتها ، لغياب الارادة والادارة

وانتشار الفساد والمحسوبية ، هذا معلم مشهور وله مدارس دولية ، وهذا مسئول مشهور وله مدارس دولية

لا نتعرض على ملكية المدارس ولكن نعترض على ان التعليم تحول الى تجارة ومن يدفع اكثر يملك اكثر

ويسمع له، ولهذا القضاء على الدروس الخصوصية يحتاج الى اعادة الثقة بين المعلم والوزارة

وبين اولياء الأمور والوزارة ، استعادة الثقة يحتاج الى عودة المدرسة الحقيقية ، عودة المعمل الحقيقى

والنشاط الحقيقى ( الرياضى ، والثقافى ، والفنى والموسيقى ) عودة الكشافة

وعودة الحياة الى البيئة المدرسية ، هذا فى حال عاد المبنى والمعنى وعاد المدير الحقيقى

وليس المحسوب على التبعية والفساد سواء على مستوى الادارة العليا او الادارة الوسطى او المدرسة .

تقييم مستمر :

يجب إجراء تقييم مستمر لآثار هذه الإصلاحات على أداء الطلاب وتحسين النظام التعليمي باستمرار.

الخلاصة:

إعادة هيكلة نظام الثانوية العامة في مصر هي خطوة مهمة، ولكن يجب أن تتم بشكل مدروس ومتأنٍ.

يجب أن يكون الهدف الأساسي هو تحسين جودة التعليم وتلبية احتياجات الطلاب وسوق العمل.

يجب أن يتم ذلك من خلال الحوار المجتمعي والشراكة بين جميع الأطراف المعنية.

والى ان يتم ذلك نحن فى الانتظار ، والا ما نقول ونكتب ليس الا صدى اصوات فى فراغ غاب عنه من يسمع

وبقى من يصرخ ولا مجيب ، وسوف تغرق السفينة بكل من فيها ووقتها لن ينفع الندم

واخيرا قد تبدوا دعوتى شخصية ، ولكنى على يقين انها دعوة كل العقلاء ممن يحبوا هذا الوطن

وينتموا اليه بشكل حقيقى ،ادعوا معالى رئيس الوزارء ومعالى وزير التعليم

وكل من شارك فى رسم تلك الهيكلة من  المسؤولين

إلى التراجع عن هذه القرارات المتسرعة، وإلى فتح حوار وطني جاد حول مستقبل التعليم في مصر.

صلاح عبد السميع

شاهد أيضاً

جورج البهجوري بنكهة وطن !!

بقلم عبدالواحد محمد روائي عربي فنان تشكيلي كبير عاصر كل نجوم الثقافة العربية محيطا وخليجا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.