رغم أن الحكماء والفلاسفة والشعراء يميلون غالبًا إلى العُزلة، فإن كثيرًا منهم تحدث عن مفهوم “الصداقة” بإجلال وإكبار شديدين.
وفيما يقول “فولتير”: “أيتها الصداقة.. لولاكِ لكان المرء وحيدًا، وبفضلك يستطيع المرء أن يُضاعف نفسه، وأن يحيا في نفوس الآخرين”، فإنَّ ميخائيل نعيمة كتب: “متى أصبح صديقك بمنزلة نفسك فقد عرفت الصداقة”، أمَّا سيلفيا بلاث فترى أنه “ليس هناك فرح وسرور يُعادل مقابلة الأصدقاء الأوفياء، ولا حزن يُعادل فقدهم”
كما وضع الدكتور أحمد خالد توفيق تفسيرًا للصداقة بقوله: “معنى الصداقة هو أنني تلقائيًا أراك جديرًا بأن أئتمنك على جزء من كرامتي”.
ولأهمية الصداقة في حياة الشعوب والمجتمعات، وإدراك جدواها وأهميّتها بوصفها إِحدى المشاعر النّبِيلة والقيمة في حياة البشر في جمِيع أنحاء العالم..حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثين من يوليو كل عام مناسبة للاحتفال باليوم العالمي/ الدولي للصداقة.
وعندما جرى التوافق على تحديد هذه المناسبة في العام 2011 قالت “الأمم المتحدة” في حيثياتها: “الصّداقة بين الشُّعُوب والبُلدان والثقافات والأفراد يمكن أن تصبح عاملاً مُلهمًا لجهود السلام، وتُشكل فرصةً لبناء الجسور بين المُجتمعات، ومُواجهة وتحدّى أي صور نمطيّة مغلُوطة والمُحافظة على الروابط الإنسانِيّة، واِحترام التنوُّع الثقافيّ”.
ولا شكَّ في أن الأصدقاء الحقيقيين هم كنزٌ إذا وجدناه لن نحتاج شيئًا آخر غيره.
والأصدقاء ليسوا بكثرتهم، وإنما قد يُغني صديق مخلص عن عشرة أصدقاء لا يعرفونك سوى لمصلحتهم الشخصية.
ومن عظيم الأرزاق صديقٌ صَدوق، نقيُّ السريرة يحفظك في غيابك ووجودك. يقول الأديب إبراهيم عسعس: “صِدق الصداقة يعني: صدق المشاعر، صدق المواقف، مطابقة الظاهر للباطن، صراحة القول؛ فتغييب الحقيقة عن الصديق مخالفة لحدِّ الصداقة، وخيانة لحق الإخاء”.
وكتب عبدالله بن المقفع يومًا: “صُحبة الأخيار تورث الخير، وصحبة الأشرار تورث الندامة”، فيما اعتبر توفيق الحكيم الصداقة شيئًا عظيمًا، وأنها الوجه الآخر غير البراق للحب، ولكنه الوجه الذي لا يصدأ أبدًا.
أمَّا جبران خليل جبران فقال:”لا يُطلق مسمى الصداقة على كل عابر يمر بحياتك، حتى لا تقول يومًا: الأصدقاء يتغيّرون”، فيما قال أوليفر هولمز: “الصداقة، جبلٌ شاهق لا يتسلقه إلا الأوفياء”. وفيما قطع أونوريه دي بلزاك بأن: “الصداقة الحقيقيّة، أجمل وأنقى وجوه الحياة”، فإن باولو كويلو يرى أن “الصداقة كلمة ثمينة جدًا، لا تقال لكل إنسان”.
الشاعر أبو العتاهية أنشد في تعريف الصديق قائلاً: ألا إنّما الإخْوانُ عِنْدَ الحَقائِقِ/ ولا خيرَ في ودِّ الصديقِ المُماذِقِ/ لَعَمْرُكَ ما شيءٌ مِنَ العَيشِ كلّهِ/ أقرَّ لعيني من صديقٍ موافقِ/ وكلُّ صديقٍ ليسَ في اللهِ ودُّهُ/ فإنّي بهِ، في وُدّهِ غَيرُ وَاثِقِ.
أمَّا الشاعر محمود سامي البارودي فنظم عن الصديق قائلاً: ليسَ الصَّدِيقُ الَّذِي تعلو مَنَاسِبه/ بلِ الصديقُ الذي تزكو شمائلهُ/ إنْ رابكَ الدهرُ لمْ تفشلْ عزائمهُ/ أَوْ نابكَ الْهَمُّ لمْ تفتُرْ وسائِلُه/ يرعاكَ في حالتَيْ بُعْدٍ ومَقْربه/ ولا تغبكَ منْ خيرٍ فواضلهُ.
الصداقة لا توزن بميزان ولا تقدر بأثمان، فلا بدّ منها لكل إنسان. تقاس الصداقة بصدق المواقف وليس بطول السنين.
ثمار الأرض تجنى كل موسم، لكن ثمار الصداقة تجنى كل لحظة، فما أسعد الإنسان الذي يمتلك أصدقاء مخلصين أنقياء
كل عام والأصدقاء الحقيقيون فقط بخير وسعادة وسلام.