الثلاثاء , ديسمبر 3 2024
أخبار عاجلة
وزارة الكهرباء المصرية

المصريون يموتون داخل محطات الكهرباء بسبب غياب الأمن الصناعي


قتلى ومصابون وخسائر بالملايين.. والتحقيقات تسير بسرعة السلحفاة
 أوامر الشغل تصدر دون اعتماد من مسؤولي الأمن الصناعي 

الصعوبة الأساسية فيما نكتبه أن الضرر يحدث بعيدا عن أعين العامة وإن كان يترك آثاره البالغة على الضحايا وعائلاتهم فضلا عن خسائر مادية بمئات الملايين، فمن حين لآخر قد يظهر خبر في وسائل الإعلام عن حريق أو مشكلة فنية في محطة كهرباء هنا أو هناك لكن ليس من السهل أن تتحرى الصحافة وراء البيانات الرسمية لتعرف مدى مصداقيتها في التحدث عما يحدث وراء أسوار محطات الكهرباء.


لكننا نجحنا في الحصول على وثيقة مهمة عن أمر التشغيل الذي كشف القصور في مراعاة اجراءات الأمن الصناعي في واقعة راح ضحيتها اثنان وأصيب أربعة من العاملين في محطة الكريمات التابعة لشركة كهرباء الوجه القبلي التي تتبع بدورها الشركة القابضة لكهرباء مصر.

وفتح الحصول على الوثيقة الباب للتنقيب وراء نقاط محددة تكشف الإهمال والتساهل في تطبيق الإجراءات ربما تحت ضغط العمل في وقت كثرت فيه الشكاوى من انقطاع الكهرباء في مصر.


ونجحنا في الدخول إلى محطة كهرباء لنعاين غياب اجراءات الأمن الصناعي في مواقف تعرض العاملين لخطر داهم.

وساعدت الزيارة في نقل مشاهد واقعية لما يدور وراء أسوار المحطات.

واتضح أن المسألة لا تقف عند التقصير في تطبيق الإجراءات فقط وإنما أيضا في محاسبة المسؤولين الحقيقيين عن الخطأ لدرجة أن أحدهم حصل على ترقية.


وكان لابد من البحث في تاريخ الحوادث المشابهة لبيان أن المسألة ليست حادثا عابرا وتوضيح حجم الخسائر المادية والبشرية بما يرسم صورة أوضح عن المشكلة.


وكان مجهود معد التحقيق وما حصل عليه من أدلة سببا كافيا لجعل كبار مسؤولي الشركة يقرون ببعض الوقائع ويؤكدون فتح تحقيق فيها. لكن التحقيق جري هذه المرة ببطيء كالعادة حتي يتم نسيانه…


هذه المأساة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة نتيجة الإهمال والتساهل في تطبيق إجراءات الأمن الصناعي التي تحولت إلى مجرد إجراءات تجميلية في محطات كهرباء  باتت كأنها “مصائد موت”

ووسط شبكات وتوصيلات وأجهزة تحمل خطرا محدقا بالعاملين في الشركة القابضة لكهرباء مصر، والذين يزيد عددهم عن 70 ألف موظف.


والمفاجأة التي نكشفها في هذا التحقيق الاستقصائي أن التقصير في تطبيق إجراءات الأمن الصناعي في تلك المحطات تحول إلى ما يشبه وضعا ممنهجا لا يحفز إدارات المتابعة والمراقبة والأجهزة الحكومية المسؤولة عن التأكد من اتباع تلك الإجراءات وتوافر الأجهزة الوقائية.


المسؤول عن العمال في محطة الكريمات التابعة لشركة الوجه القبلي لإنتاج الكهرباء

يستذكر مأساة 29 أغسطس  2012، قائلا: “لو كان الأمن الصناعي موجودا كان شال بلوة”.

وأظهر تقرير النيابة والمستشفى أن الحروق الناتجة عن الحادث أودت بحياة المهندس محمد الهواري وراجي محمد (فني شبكات المعلومات).

كما أصيب أربعة عمال فيما بلغت الخسائر المادية نحو (حوالي 281000 دولار)


 وتشترط أنظمة العمل حصول أوامر الشغل التي تحدد المهمة والإجراءات الواجب مراعاتها في التنفيذ على اعتماد من الأمن الصناعي، وسط المخاطر في محطات الكهرباء.

لكن اتضح أن أمر الشغل في حادث الكريمات الذي حصلنا على صورة منه كان خاليا من توقيع مسؤولي الأمن الصناعي في المحطة.


وكان مديرو عموم التشغيل بمحطات التوليد التابعة للشركة قرروا سابقا انه لتنفيذ مهام الصيانة يجب إصدار أمر شغل يتضمن (اسم الوحدة- اسم المعدة- رقم المعدة-خطوات العزل للوحدة موضع العمل)

بمعرفة مهندس الصيانة واعتماده من مدير عام الصيانة.

ويتولى مهندس الصيانة بعدئذ إجراءات استخراج أمر الشغل ومراجعة إجراءات العزل وتأمين المعدات مع مهندس الوردية ومهندس الأمن الصناعي مع إبداء أي ملاحظات عليه إذا وجدت وإضافتها.


وتم الاتفاق في الاجتماع على أنه لا يمكن البدء في أي أعمال في المحطة دون استيفاء توقيعات أمر الشغل لحماية العاملين على المعدات داخل المحطات.

لكن تضمنت نسخة أمر الشغل رقم 4133 الخاص بحادث الكريمات وتبين أنه لم يستوف التعليمات التي اتفق عليها في اجتماع مديري التشغيل إذ لم يوقع مدير عام الصيانة المختص على أمر الشغل الذي لم يتضمن أيضا توقيع مسؤول الأمن الصناعي.

كما لم تحدد أي بنود للعزل والمواد التي من المفترض أن يستخدمها العاملون. 

وأن أوامر شغل تلت الحادثة، بأكثر من شهر لم تتضمن كذلك توقيع مسؤول الأمن الصناعي على تصريح الشغل، ولم تحدد أي بنود للعزل فيما يكشف استمرار مسلسل الإهمال.


مسؤول كبير في السلامة المهنية بالشركة القابضة يقول إن لائحة الجزاءات تعاقب على عدم توقيع أمر الشغل بخصم يتراوح بين ثلاثة وعشرة أيام.

لكن اكتشفنا أن المهندس هاني محمد علي -الذي لم يوقع على أمر شغل الحادثة في خانة مدير عام الصيانة المختص- رقي ليصبح مديراً عاماً للصيانة، بقطاع نظم المعلومات، الذي وقع فيه الحادث.

وتم تجديد عقده في يوليو  2014 رغم أنه حين كان مديراً لإدارة الحاسب الآلي بقطاع النظم عام 2010  تعرض لثلاثة جزاءات أخرى.


أما فتحي محمد عبد الهادي، رئيس قطاع النظم والاتصالات، وصاحب فكرة توصيل الكابلات هوائياً، التي أفضت لوفاة اثنين وإصابة أربعة فأسند إليه منصب رئيس قطاع محطة الوليدية في أسيوط التي تنتج 600 ميجا وات.

وتمت ترقيته حديثاً، ليصبح نائباً لرئيس شركة الوجه القبلي لإنتاج الكهرباء، التي تتبعها محطة الكريمات.
 اشتعال الحرائق والتخلص من المخلفات القابلة للاشتعال مثل الصناديق الخشبية التي تتخلف عن عمليات الصيانة أو تركيب المعدات”.


ورأىنا أثناء عمل التقرير عمالا في المحطات لا يهتمون بارتداء الخوذات الواقية أثناء عملهم على المعدات كما أن بعضهم يدخل إلى مناطق محظورة دون متابعة من مسؤولي الأمن الصناعي.

واكتفى رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر المهندس جابر دسوقي مصطفى، والتي تضم 16 شركة منها 6 شركات توليد وشركة نقل و9 شركات توزيع، بالرد حول عدم توقيع أمر الشغل الصادر في حادث الكريمات والمهمات التي أعقبته بالقول:

“إن التحقيقات ما تزال جارية ولن يكون هناك أي تهاون”. وبينما يؤكد أن “أمر الشغل لا بد أن يستوفي جميع التوقيعات حتى يبدأ العمل”، لا يستبعد جابر دسوقي وجود “استسهال” من قبل عمال حين تكون أوامر الشغل كثيرة.

ويؤكد أن التحقيقات تجري على أعلى مستوى وستكون هناك عقوبات رادعة وحساب للمسؤولين مهما بلغت درجاتهم.


وسعينا لمعرفة نتائج التحقيقات في الحادث لكن المهندس جابر دسوقي لم يرد على اتصالات متكررة طلبا للتعليق في هذا الشأن رغم أننا ارسلنا له عدة رسائل على هاتفه المحمول منذ يوم الحادثه..


ويؤكد مسؤول في السلامة المهنية بالشركة أن العقوبات التي وقعت بعد التحقيق تراوحت بين جزاءات بخصم يوم او ثلاثة أيام بتهمة عدم اتباع اجراءات الأمن الصناعي.

ولم يكن المهندس هاني رئيس القطاع ضمن المعاقبين. وأشار المسؤول إلى أن الإجراءات المقصودة تتمثل في عدم ارتداء العاملين الملابس الواقية من الكهرباء أو الحريق.


وفيما يتعلق بحادث محطة التبين القريبة من حلوان في اكتوبر 2012 الذي يقدر خسائره بحوالي نصف مليار جنيه (حوالي 71 ألف دولار)، يقول المهندس جابر دسوقي إن ما حدث في التبين “غير مسبوق على المستوى الفني” وعلى مدى 30 عاما من وجوده في الشركة.

ويضيف أنه حدثت تداعيات غير متوقعة بداية من الحريق إلى كسر الريشة الخاصة بالتوربينة وصعوبة السيطرة على الأمر.


لأجل هذا يدرس استشاريون والشركة المصنعة والفنيون ذوو الخبرة في الوزارة أسباب ذلك الحادث، بحسب جابر دسوقي ، الذي ينفي “أن يكون الأمن الصناعي أظهر تقصيرا في تعامله مع الحادث”، معتبرا أن “جهود السيطرة على الحريق تمت طبقا للمواصفات العالمية”.


 ويجادل جابر دسوقي بأن حريق محطة كهرباء طلخا بمحافظة الدقهلية في اكتوبر 2012 نجم بالأساس عن خطأ بشري، حين فتح أحد العاملين فلتر زيت لتغييره بشكل مغلوط. وردا على ذلك، تم نقل رئيس القطاع ومدير عام الأجهزة المسؤول عن الحادث كما نقل العامل الذي غير فلتر الزيت. ويشير إلى أنه يجري اتخاذ اجراءات تصحيحية أخرى في محطة كهرباء طلخا وسائر المحطات التي وقعت فيها حوادث.


 ويؤكد أن 25 % من العاملين بالوزارة يحصلون على دورات إجبارية سنويا في السلامة والصحة المهنية.ويصل إجمالي عدد العاملين بالشركة القابضة لكهرباء مصر، لنحو 70 ألف موظف، بما فيهم الإداريون.


وللأسف ان هذا ما يحدث داخل محطات الطاقة فما بال ما يحدث في شركات توزيع الكهرباء من فوضي وإهمال لا حصر لها
وأيا كانت العقوبات التي تصدر فيما وقع من حوادث تبقى الأولوية لمراعاة إجراءات الوقاية كي لا تضيع أرواح أخرى ويوقف الهدر.. 
ننتظر من الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء الجديد وفريق عمله محاسبة المقصرين الحقيقيين عن تلك الحوادث واستبدالهم بوطنيين مخلصين لإتمام مسار التنمية
اعتقد أن مثل هذا الحوادث لو حدثت في دول اخري لكانت اطاحت بكبار القيادات

شاهد أيضاً

السعودية

المنظمة الأوربية السعودية حول إعدام ثلاثة مصريين بسجن تبوك اليوم ” السعودية تتجاهل القوانين الدولية “

علقت المنظمة الأوربية السعودية على واقعة إعدام  ثلاثة شباب  مصريين  داخل سجن تبوك اليوم  وهم  …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.