د.ماجد عزت إسرائيل
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يوم الثلاثاء الموافق(10 يوليو ٢٠٢٤م./ 3 أبيب ١٧٤٠ش)؛ بتذكار استشهاد القديس كيرلس الأول عمود الدين.
وقد لقب بعدة ألقاب منها الأنبا كيرلس الأول البابا الـ 24 (412-444م) في تاريخ بطاركة الكنيسة القبطية
وأيضًا لقب بـ “البابا كيرلس الأول أو الكبير” وكذلك “البابا كيرلس عمود الدين” أو “القديس كيرلس عمود الدين”.
وَبَعيدًا عَنِ نشأته يَهِمْنَا في هذا السياق موقف القديس كيرلس الأول من أديرة الثيئوتوكوس في مصر.
ومصطلح الثيئوتوكوس هو مصطلح لاهوتي عبارة عن لقب من ألقاب السيدة مريم العذراء “والدة الإله”.
وهو مكوَّن من مقطعين باللغة اليونانية “Θεός” (الإله)، و”τόκος” (الولادة أو الوضع)
يتضح أن المصطلح كان يُستخدم على الأقل بداية من القرن الثالث الميلادي، وما بعده في كِتابات أثناسيوس السكندري (300 م)
غريغوريوس اللاهوتي (370 م)، يوحنا ذهبي الفم (400 م)، وأغسطينوس، وكل هؤلاء استخدموا مصطلح “ثيوتوكوس”،وفي حين يُقال أن العلامة أوريجانوس من أوائل المؤلفين الذين استخدموا هذا المُصطلح
في حين نرى ديونسيوس السكندري (250م) يستخدم المصطلح صراحةً في رسالته إلى بولس السموساطي.
كما وجد في مصر لحن على ورقة بردي من عام450م تقريبًا به هذا المصطلح.وبالطبع نذكر في هذا السياق زيارة السيدة العذراء لإليصابات
حيث ذكر إنجيل لوقا قائلاً: ” قَقامَتْ مَرْيَمُ في تِلْكَ الأَيَّام وَذَهَبَتْ بُسْرِعَةً إلى الجَبَال، إلى مَدِينَةٍ في يَهُوذَا.
ودَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا، وسَلَّمَتْ عَلَى أليصابات. فلَمَّا سَمِعَتْ أليصابات سَلامَ مَرْيَم، ارْتَكَضَ الـجَنِينُ في بَطْنِها، وَامْتَلأَتْ إليصابات مِنَ الرُّوحِ القُدُس.
وصرخت بصوت عظيم وقَالَتْ: “مُبارَكَةٌ أَنْتِ في النِّسَاء، وَمُبارَكَةٌ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! مِنْ أَيْنَ لي هذَا، أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ ربِّي؟..”(لو1: 39-44).
وهناك شواهد أخرى استند عليها مجمع أفسس لإثبات أن العذراء هي والدة الإله المتجسد، مثل (لو1: 28-35؛ إش 7: 7-14؛ إش 9: 6).
وكان أول مَنْ اعترض على هذه تسمية الأديرة والكنائس باسم “والدة الإله” هو نسطور بطريرك القسطنطينية الذي كان يظن أن للسيد المسيح طبيعتان وشخصان إله وإنسان فذكر قائلا:
” أن العذراء مريم بوصفها إنسانة ولدت الطبيعة الإنسانية فهي تُدْعَى “أم يسوع” أو “أم المسيح”
وليست “أم الله” أو “والدة الإله”.” وقد تصدى له البابا كيرلس الأول الكبير(412-444م)
الملقب بعمود الدين البطريرك رقم(24)
مؤكدًا أن تلقيب القديسة مريم بوالدة الإله ضرورة لاهوتية تحتمها حقيقة التجسد الإلهي، فالتجسد في
الإيمان الأرثوذوكسي هو اتحاد كامل بين الطبيعيتين؛ فالمولود من العذراء هو ابن الله المتجسد
وليس مجرد إنسان.
وقام مجمع أفسس المسكوني المقدس الذي انعقد عام(431م). بحضور 200 من أساقفة العالم بإقرار عظمة السيدة العذراء ووضع مقدمة قانون الإيمان التي وُرِدَ فيها: “نعظمك يا أم النور الحقيقي
ونمجدك أيتها العذراء القديسة والدة الإله لأنك ولدت لنا مخلص العالم أتي وخلص نفوسنا”.
ويقول نيافة الأنبا متاؤس أسقف ورئيس دير السريان العامر فى مقدمة كتاب للقمص سمعان السرياني
بعنوان”دير السريان بين الماضى والحاضر
“حيث ذكر قائلاً:”من هنا تم دحض بدعة نسطور وحرمه ونفاه البابا كيرلس الأول إلى صعيد مصر
حيث مات هناك”، وبعد ذلك سميت العديد من الأديرة والكنائس باسم السيدة العذراء “والدة الإله”
وكان من بينها “دير السيدة العذراء والدة الإله السريان”وبالتحديد عرف بهذا الاسم منذ عام (431م).
وهنا نسجل اشهر الأديرة في مصر تسمت بدير “السيدة العذراء .
والدة الإله”.
أو أديرة الثيئوتوكوس” فنذكر أول الأديرة في برية شيهيت عرف بهذا الأسم هو “دير البراموس“
ويقع دير السيدة العذراء براموس في الطرف الغربي لبحيرات النطرون وتبلغ مساحته نحو فدانين
وثلاثة عشر قيراطًا من الفدان،ويرجع تاريخ أنشائه إلى القرن الرابع الميلادي
حيث ذكر في سيرة القديس مقاريوس الكبير، أنه عاش حتي أبصر الأربعة أديرة العامرة بالرهبان
ونذكر للتاريخ أن منطقة دير البراموس هي أول منطقة تنشأ فيها جماعة رهبانية.
ومن هنا نؤكد أن دير البراموس هو أقدم الأديرة في وادي النطرون.
ويقع دير السريان في المنطقة الواقعة بين دير البراموس ودير الأنبا مقار إلى الجنوب الشرقي من
دير البرموس، ويبعد عن دير أنبا بيشوي الواقع في نفس المنطقة بمسافة 500 متر وتبلغ مساحته
نحو فدان وستة عشر قيراطًا،وترجع نشأته إلى أواخر القرن الرابع الميلادي، وقد بورك بزيارة العائلة المقدسة
في القرن الأول الميلادي.
وقد اتخذ دير السريان أكثر من اسم عبر التاريخ،فقد أطلق عليه منذ نشأته وحتى القرن أوائل القرن الخامس
الميلادى اسم دير”سيدة الأنبا بيشوى”،ويرجع ذلك لرهبنة الأنبا بيشوي بها،ك
وأطلق عليه دير السيدة مريم العذراء “والده الإله” أى من مجموعة الأديرة الثيئوتوكوس
ودير “دير السيدة العذراء والأنبا يحنس كاما – السريان”
وكان ذلك نتيجة خراب دير الأنبا يحنس كاما القس المجاور لدير السريان بسبب النمل الأبيض
ونتيجة لذلك لجأ رهبان الدير لاستكمال حياتهم الرهبانية بدير السريان، ولذلك عرف الدير باسم”
دير السيدة العذراء والأنبا يحنس كاما – السريان ” ويطلق عليه اختصاراً دير السريان.