الموقف المصري
-“ما هذا يا أحمد! جول عالمي يا ناس.. جول عالمي”
صوت حفيظ دراجي اللي مابننسهوش وهو بيوصف تصويبة أحمد رفعت على الطاير في زاوية التسعين من مرمى المنتخب السوداني في بطولة العرب ديسمبر 2021.
“أي بني آدم لازم يبقى فاهم إنه في لحظة ممكن ميبقاش موجود.. حصلت وأنا في الملعب وأنا بجري.. مش في حادثة أو في مشكلة.. السيرة بتفضل أكتر واللي إنت بتعمله في حياتك”أحمد رفعت قبل رحيله بأيام في مقابلة مع الإعلامي إبراهيم فايق.
جناح يسار، بيلعب برجليه الاتنين بنفس الحرفنة، بيسجل أهداف بالاتنين وبيصنع بالاتنين، علشان كده من وسنه 20 سنة بس تحول للاعب أساسي لنادي إنبي في موسم 2013/2014، وبعد موسم واحد بس، يروح منتخب مصر في عام 2014.
على مدى 3 مواسم، تحول أحمد رفعت لواحد من أبرز اللعيبة المهاريين في الدوري المصري، علشان كده
يقرر نادي الزمالك في 2016 إنه يضم رفعت وسنه 23 سنة فقط.
مع الزمالك، وبعد بداية قوية في بطولة الدوري، بيواجه أحمد رفعت صعوبات متكررة، إصابة وتذبذب مستوى الفريق ككل وأزمات متكررة للنادي مع الاتحاد الأفريقي، علشان كده مبيلاقيش فرصته اللي يستحقها
وبيذهب في إعارة لنادي الاتحاد علشان يرجع يثبت إنه واحد من أكتر اللعيبة الواعدة في مصر بعد المساهمة في 15 هدف خلال 24 مباراة، وهو معدل مش بيحصل كتير في الدوري المصري.
بعدها بينتقل أحمد رفعت للمصري ويواصل تألقه لحد ما تبدأ مشكلة الجيش الخاصة بيه في 2021
ويحاول نادي طلائع الجيش يضغط على النادي المصري للحصول عليه، وبعدها ينتقل أحمد لفيوتشر.
“الله عليك يا ولد.. الله عليك شويط.. الله عليك فنان.. الله عليك هداف.. الله عليك لاعب كبير غير عادي.. مكسب كبير أوي تواجد هذا اللاعب”..محمد الكواليني يوصف هدف رفعت مع فيوتشر في شباك مصر للمقاصة في الدوري المصري الممتاز.
فيوتشر وقتها كان نادي جديد بيلقى دعم إعلامي وعنده ميزانية كبيرة، وده يدي فرصة لأحمد إن اسمه يظهر أكتر، ويرجع المنتخب، ورغم مشاركاته القصيرة في البطولة العربية في 2021 بيسجل هدفين ويصنع هدف ويتحول لأبرز اللاعبين الي ظهروا في البطولة دي، لكن فجأة بيتم استبعاده من قبل المدرب كارلوس كيروش
من قائمة المنتخب لأمم أفريقيا لأسباب وصفها جهاز المنتخب وقتها بأنها فنية.
مع ذلك بيواصل أحمد رفعت تألقه مع فيوتشر، ويجيله العرض المغري للإعارة من نادي الوحدة أحد أبرز أندية الدوري الإماراتي، موسم واحد مقابل نصف مليون دولار وقيل أكتر من ذلك، لكن هنا بتبدأ كمان رحلة المتاعب المعروفة لرفعت بعد سفره بناء على طلب رئيس النادي وقتها أحمد دياب بدون أن يقوم دياب
باستيفاء الأوراق المطلوبة بما فيها تصريح القـوات المسـلحة.
والنتيجة إن رفعت بدل ما يأخد فرصته في الاحتراف والانضمام لمنتخب مصر وتمثيل بلده كما يستحق
وكما تستحق بلده، يتحول لسجين في السجن الحربي، وكأنه مجرم، وحتى بعد عودته بيشعر رفعت اللي عمره وصل 30 سنة إن حلمه بإنه يكون واحد من أهم لعيبة الكورة في مصر زي ما يستحق وفقا لموهبته اللي ربنا ادهاله، يتحول فجأة للاعب كبير في السن، بيحاول يقضي سنواته الأخيرة في الملاعب بشكل جيد
ويعمل قرشين قبل الاعتزال.
ناس كتير ممكن تشوف إن الأزمة أو المشكلة الي اتعرض لها أحمد أبسط من أزمات ومشاكل بيعاني منها ملايين المصريين اللي عايشين في فقر بيحرمهم من احتياجاتهم الأساسية، أكلهم وشربهم وصحتهم وأمانهم، لكن لازم نفتكر إن كل إنسان عالم لوحده، وكل ألم بيشعر بيه الإنسان هو ألم من نوع فريد وتجربة ماتشبهش تجارب غيره،
والقهر اللي اتعرض له رفعت يمكن يساوي في ألمه على نفسه ألم أي شكل من أشكال المعاناة الجسدية كان ممكن يتعرض ليها.
الأهم هو رمزية اللي حصل مع أحمد، رمزية قتل حلم إنسان وقهره بسبب الاستهانة بيه والتعامل معه كمجرد شيء بيجيب فلوس ضمن منظومة بتدار بشكل خطأ، وبتتحكم فيها مصالح خاصة ومؤسسية الإنسان فيها مش موجود على سلم الأولويات.
– لما أحمد وقع في ماتش فيوتشر والاتحاد في ستاد إسكندرية، قلبه وقف، مش إنه بلع لسانه، ده وفقا للي نعرفه عن الحادثة، نسبة عودة القلب للعمل بعد الإنعاش القلبي الرئوي هي فقط 10% وفقا للجمعية الأمريكية لطب القلب.
أحمد قضى كمان شهور على جهاز تنفس صناعي طبعا بعد الأزمة دي، وبعدين ربنا أرادله الحياة أيام فقط قبل ما يفارقنا علشان يطلع ويقول للناس كلها إيه اللي حصل معه وإيه اللي اتعرض ليه.
ده بيضاعف شعورنا بالمسئولية تجاه اللي حصل ده، كأن شخص رجعلنا من الموت علشان يقول لنا مين اللي أذاه الأذى ده ويحملنا مسئولية أخد حقه بالقانون.
وداعا أحمد رفعت اللي سيرته هتفضل عايشة أضعاف أضعاف عمره زي ما هو قال بنفسه قبل ما يسيبنا.