في الفترة التي ساد فيها التعليم الشعبوي والوعظي وانعدام المصادر الآبائية باللغة العربية وقلة عدد الدارسين بالخارج والتضييق على الدارسين لصالح مركزية التعليم.. ظهر الأب متي المسكين وبدأ في التعلم الذاتي، فهو لم ينتسب مباشرةً أو رسميًّا إلى أي جامعة لاهوتية معروفة في أوروبا أو غيرها
تعلم وحده ولذلك كان يتأرجح في بدايته العلمية بين الأفكار.. وكأي دارس هاوي وليس محترف كان يتطور
كل يوم في قراءاته وتحليلاته ومصادره ظ. لكنه بالتأكيد كان مجتهدًا للغاية مقارنةً بالركود والكسل المميت
الذي كانت عليه المؤسسة التعليمية بشكل عام في زمنه.
كان مبادرًا ومغامرًا وشجاعًا ليدخل حقل الدراسات الكتابية من أوسع أبوابها بالاطلاع على المصادر العلمية
العالمية وإن كان بحسب إمكانيات عصره يُقدم ما استطاع الوصول إليه بأمانة
لا أحد ينكر أنه كان أمينًا فيما ينقله من معارف سواء كتاببة أو لاهوتية للمصادر التي ينقل منها
وهي بالتأكيد جيدة في زمنه
وفي وقت خلت فيه المكتبة العربية من الدراسات الأكاديمية كان هو المنبع العربي الأشهر
لكل باحث عن المعرفة ولا يستطيع القراءة باللغات الأجنبية.. وكان يكتب بلغة فصيحة وأدبية إلى حد جيد
بالطبع وهو ما اكتسبه
بسبب اطلاعه على الدراسات الأجنبية التي تستعمل لغة علمية وليس شعبية أو وعظية
طرح إشكاليات كثيرة شهيرة في الأوساط العلمية الأجنبية لكنها كانت مصدر فزع غير مبرر في الشرق
وفي مصر بالأكثر مثل الإشكاليات النصية في تفسير الأناجيل وغيرها.. طرح إشكاليات لاهوتية أيضًا لأنه كان يستعمل لغة الآباء
وكان حرًا في نحت مصطلحات مزعجة على العقل والاذن المصرية مثل التأله وغيرها.. كان تركيزه على
اللاهوت الشرقي واختلافه الواسع عن اللاهوت الغربي مصدر إزعاج أيضًا لأن اللاهوت الغربي كان مسيطرًا
بقوة في العقلية المصرية.
تبقى أي شهادات عن الأب متي المسكين بلا قيمة أمام الإنتاج العلمي الكبير والعظيم مقارنة بالعدم والخواء
في المكتبة العربية.
يبقى أب لأكبر الأديرة مهما كانت المؤسسة الرهبانية لديه بها بعض المشاكل فهذا هو طابع كل الأديرة.
يبقى تأثير الأب متى المسكين على الأجيال لزمن بعيد أمر لا مفر منه ويبقى مصدر نور للمبتدئين
لاستكمال ما لم يستطع الوصول إليه.
Adam Stephanie