من منتصف القرن التاسع عشر وحتى نهاية ستينيات القرن العشرين، شهدت مصر وجود مقابر مخصصة لغير المؤمنين بأي دين تحت مسمى “الجبانات المدنية” أو “جبانات أحرار العقيدة” في القاهرة والإسكندرية.
وفي الفترة من 1944 وحتى 1954 صدرت قرارات تخصيص مقابر للمؤمنين والمؤمنات بغير الأديان الثلاثة المعترف بها، وذلك في مدن القناة وفي القاهرة.
وقد اشتملت تلك القرارات على الإشارة لانتفاع البهائيين بها، ووثقت عدة خرائط رسمية للمدن المصرية وجود هذه المقابر.
لم يتبق من هذا التاريخ إلا استثناء وحيد مع بقايا مهملة لباقي هذه المقابر التي لم تعد متاحة لدفن الموتى.
ولا زالت التعديات مستمرة على ما تبقى منها، حتى أن الإشارة لوجود هذا المتبقي اختفت من الخرائط الرسمية الأحدث.
يتتبع تقرير”تجاهل الموتى” تاريخ هذه المقابر عبر الشهادات والوثائق التاريخية والقرارات الرسمية والخرائط. كما يوثق لما تبقى منها بالزيارات الميدانية والصور، وذلك على خلفية من سرد الإطار القانوني لتنظيم اتخاذ المقابر للمجموعات الدينية المختلفة، وشهاداتهم عن الوضع الحالي لدفن موتاهم.
ينبه التقرير على ضرورة الحفاظ على ما تبقى من هذا التقليد الضروري الذي يوثق تاريخ احترام أبسط الحقوق الإنسانية لكل أطياف التنوع الديني للمواطنين والمواطنات والمقيمين والمقيمات في مصر.
ويوصي التقرير بضرورة استمرار هذا التقليد والالتفات إلى المطالبات الحالية بمقابر خاصة للمواطنين من غير أتباع الديانات الثلاث والمسجل في خانة الديانة في أوراقهم الرسمية فراغ أو علامة (-)، والإقرار بأن التنوع الديني وما يرتبط به من حقوق أساسية لا يشمل فقط الأديان الثلاثة، الإسلام والمسيحية واليهودية.