الأحد , ديسمبر 22 2024
الكنيسة القبطية
جورجيت شرقاوي

«الفواخر» بالمنيا جريمة كراهية أم إرهاب ؟

كتبت جورجيت شرقاوي

يحاول الباحثون الاتفاق علي مفهوم ما لوصف ما حدث في قرية الفواخر بالمنيا، والذي يعد مشينا في كل الحالات، فهناك فرق بين اعتباره حدثا جنائيا بشكل طائفي وبين الحدث الإرهابي الذي يأخذ أبعاد أكثر طائفية، ومنها الإرهاب الحركي والفكري ويظهر بشكل واضح في الوجه القبلي والقرى التي يجب أن يعاد النظر في الملف الطائفي برمته فيها .

فتحاول الجماعات المتطرفة إعادة تدوير نفسها عن طريق كسب تعاطف للأعمال الإجرامية التي ترتكبها

بحرق دور العبادة، ومنها بث إشاعات وفتن تتعلق حول طبيعة البيت الذي حوله أقباط القرى للصلاة فيه

أو من خلال شرعنه حرقه إذا كان دون ترخيص أو من خلال اعتبار أن الأنبا مكاريوس قد اتخذ قرارا منفردا بفرض أمر واقع علي كل القرية حتى لو كان أوراق دور العبادة قيد البحث

ورأينا أصوات تعلو أن هناك كثرة من الكنائس مقارنة بالنسبة والتناسب في الفترة الأخيرة

وكثيرا ما يقع المسؤول الأمني للميل إلى اعتبار ذلك المشهد بطريقه لي الذراع في حين أنه هناك تحريض

واضح من عرب القرية على مسمع و مرئي من الجميع، و يغض النصر عن الكثير من الجوانب الأخرى

ولذلك أصبح يشارك بجزء من المسؤولية ترتقي لكونها قصورا في مواجهة التطرف وتهيئة الأجواء

ونشر مخبرين بالمكان وإرسال حشد أمني من القوات وسيارات إسعاف و مطافي وتقدير كامل للموقف

وأيضا مكافحه المنشورات التحريضية باستدعاء عمدة أو كبار المنطقة لعمل لقاءات مع الأهالي المعترضه بديلا

عن استغلال الاحداث وتأجيج الصدام حتي خرج علينا بسوء واقعه في بداية الولاية الثالثه للرئيس السيسي

كما يتم الاعتماد على تحليل الاستخبارات المتقدم واستخدام الخوارزميات لتحديد الأنماط القابلة للتطرف

والتهديدات المحتملة، ولكن أصبحت فكرة وجود حيز داخل البلاد لا تستطيع إمداد القوات ووصوله في مدة زمنية

سريعه لتترك فراغا أمنيا فادحا في ظل منظومة البنية التحتية المتجددة وشبكه الطرق باتت غير مقبولة

وتتنافى مع من جاهزيته، مما يهيئ الاجواء لتعزيز فرضية أن الحل الأمني ليس الاجابة المنتظرة

بالرغم أننا طبق نفس الحل في الملف الاقتصادي ومطاردة السوق السوداء وسوق الذهب، ولم يكن هذا الخيار

مناسبا الا أنه أتى بثمارة علي المدي القصير.

الحقيقة نحن بحاجة لطرح تساؤلات مع التأكيد أن الأقباط هم حلقة ضمن خمسة قوي مستهدفة للوقوف باستمرار

مع النظام، فلماذا سقطت القرية من تنفيذ المشاريع القومية بها ؟

ولماذا أصبح ولاء الشعوب للعشائر والقبائل وليس لسلطة الدولة، وكيف سمحت الدولة في غفلة من الزمان تجمع ٥٠٠ متطرف بأسلحه ناريه، وربما تتوجه سمومهم الي مبني مديرية الأمن أو ما شبه في المستقبل القريب

ولذلك فما يحدث يظل معضلة أمنية أكثر من كونه تطرفا، ومن المؤكد وجود أهداف أخرى خفية

تتعلق باستهداف المشروع الرئاسي للرئيس السيسي في ملف المواطنة والمرأة، فنجد السطو علي ذهب الأقباط

حتي شمل أقراط الفتيات في المدارس يتشابه مع مشروع الهجوم علي محالّ الذهب في الثمانينات

فعلينا بحث استخدام نفس الأيديولوجية ونقلها للقري، وهناك أيضا أسباب خفية تتعلق بأراضي الأقباط والتربص بهم، وتخطيط كامل لكل بعد في العملية.

ولو نظرنا الي توصيات المؤتمر الدولي الأول لمركز سلام لدراسات التطرف برعاية رئاسة الوزراء، فنجد أنه يجب

تطوير مجال دراسة ومكافحة التطرف والإرهاب وتنسيق الجهود والتشبيك بين المؤسسات الدينية

وصناع القرار لتشمل القري أيضا، حتي نرى مجهود الدولة في وضع ضوابط حول المتصدرين للخطاب الديني

والتغلغل نحو كتب التنظيمات مثل فكر المقاومة الشعبية وهل يتفق مع الشريعة وتنظيم ورش عمليه للتوعية بمخاطر التطرف ومناقشة منطلقاته الفكرية وتفكيك منظومة أفكاره، حتي لو من خلال مسابقات دورية

ورصد مكافآت تشجيع للأعمال الدينية الموجهة لمكافحة التطرف مع العمل علي تخفيف حدة تحورات الفكر المتطرف علي منصات التواصل الاجتماعي بديلا عن تغذيته علي هيئه باحثي ويوتيوبرز يبثون السموم

وتنقية الكادر التعليمي وخاصة موقع التدريس والتربية وعمل لجان تشرف عليها جهات دينية وتعليمية

وتربوية للنظر في استراتيجية إعداد المناهج التعليمية لنشر ثقافة التعايش السلمي ومبادئ التعايش بين الأديان

والتخلص من التخوفات التي تحيط برجل الدين في المواجهة مع الأغلبية من حاملي الفكر الملوث

ولكن لم نر تحرك وزارة التربيه والتعليم تجاه مدير المدرسة الابتدائية بالقرية والذي قام بالتنمر علي بعض

الفتيات القبطيات وطرد ذويهم، فأن كانت المؤسسات الدينيه معنية بمواجهه التطرف، فإن من الضروري أن تصبح

مكافحة الإرهاب مسؤولية الدولة والمجتمع كله بأستراتيجيات متسلسلة أيضا للتعامل مع التوترات الطائفية

بفاعلية وتحقيق الاستقرار الاجتماعي. ينطوي الإرهاب على العنف فحسب، بل يشتمل أيضا على إيصال

الرسائل الأيديولوجية والحرب النفسية بالرغم أن أشكال التعصب هذه ليست من مكونات أي ديانة أو عقيدة

أو عرق بشيء بعينه

ولا ترتبط بأي منها حر، فالإرهاب حينما يتطور يشمل التطهير العرقي أو التهجير الطوعي

من كثرة التضييق فإن خلق بيئة دينامية ومتطورة باستمرار تطرح تحديات متجددة على الأجهزة الأمنية

ويعد استمرارية الإرهاب، تكتيك استراتيجية وأسلوب حرب، وتوصيل رسائل سياسية بأنه باق رغم أنف

الدول العازمة على دحره، ويتطور و ينبثق منه حركات جديدة تطرح تهديدات لم تكن متوقعة

لذلك فهي جريمة إرهابية ذي التخطيط المسبق متكاملة الأركان، ولكن المنظور الأمني والاجتماعي يضعها

في ثوب الكراهية وانعكس ذلك خلال وسائل الإعلام الرسمية التي لم تصف الهجوم ولا الفاعل بأوصاف ملاءمة،

وجاء التعبير عن أهل القرية بديلا عن “المتشددين”، واعتباره حدثا جنائيا كأنهم محتجون شرعيون رغم حصار

الأهالي قرابة ساعتين، في حين أن الدولة يجب ألا تخضع لابتزاز المأجورين وتخفف من الصيغ التعبيرية

خاصة أن نظرنا للتوقيت نجدة سانحا، فجميع الأنظار تتجه إلى العملية في رفح

مع انشغال الجبهة الداخلية في المشاكل الاقتصادية

فإن تعريف الإرهاب يشمل العنف الموجه بدوافع سياسية ضد المدني والعزل يعد عمل إرهابي من أجل الرضوخ

لمطالبهم أو تفريغ جزء من شحنة مكبوتة ضد الحاكم، يخرج علي هيئه أعمال سلب وبلطجة علي الاقليات

ولكن الحكومات لازالت تسعا لتتوافق حول تعريف واحد للإرهاب، رغم أن الدافع السياسي موجود في واقعة

«الفواخر» وهو الاعتراض علي سياسه الحاكم الذي ينتزع حقا يكفل به حريه العبادة للأقليات

لذلك فهو عمل موجه للدوله وليس الأقباط وحدهم، و اقترنت أيضا بجريمه تمس هيبه الدوله مثل قطع الكهرباء

عن القريه بالكامل، كما أن هناك تعريف آخر هو استخدام القوة أو العنف، الذي يغرس الخوف والإرهاب

ضد الأفراد أو الممتلكات في محاولة لإكراه أو تخويف المجتمعات، أو إحكام السيطرة على السكان

لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو إيديولوجية.

وعلى الرغم من استخدام بعض المصطلحات المشتركة مثل العنف والخوف، فإن التعاريف تتباين تباينا

واضحا باختلاف منظور واضعها.

لذلك أن الإرهاب مصمم خصيصا ليكون له آثار نفسية بعيدة المدى تتجاوز ضحيته أو ضحاياه المباشرين أو المستهدفين بالاعتداء.

والهدف هو زرع الخوف لدي جمهور أوسع، وهو الاستخدام المتعمد للعنف أو التهديد لفرض

تغيير السلوك السياسي الذي يتضمن تقنين أوضاع الكنائس، وينطوي أيضا على أعمال عنف القصد

منها توجيه رسالة سياسية على نطاق أوسع من الحدث نفسه، أن وجد فرد مساره الخاص

نحو التطرف، يدخل في دائرة من مستويات التماسك الأيديولوجي داخل الجماعات الإرهابية

ولذلك يجب استخدام معرفتنا بشأن محركات الدفع والجذب والدوافع الشخصية لدورة حياة الجماعات المتطرفة

وهناك دينامية أخرى التشابه والتفاعل بين أهداف وسرديات واستراتيجيات

وتكتيكات مختلف الجماعات المتشددة، التي قد تبدو ظاهريا متباعدة، لكنها تجد فائدة داخل

دورة العنف والتشدد التي تتغذى منها الواحدة والأخرى لتحقيق مآربها الخاصة

ووجدنا ذلك في حوادث مشابهة مثل منسية الزعفران والفرن وآشروبة وعلي الباشا والبرشاء بالمنيا.

فإن كانت الدولة جادة في في المواجهة لا بد من تأخذ في الاعتبار جمعيات الشرعية المنتشرة بكثافة

في القرى وتمويلها منذ التسعينيات والتي يجني البراعم ثمارها هذه الأيام في هيئة بؤر تنمو اقتصاديا

بعيدة عن أعين مراكز الشرطة، فإن فرض هيمنة فرض الإتاوات السائدة علي الأقليات والتي ربما يفشل

فيها فيتجه إلى التنفيس عبر سياسة نهب البيوت و الممتلكات وتصفيتها كنوع من أنواع ربح النزال الطائفي

في ظل غياب خطب كاملة عن التسامح ومواجهة الفكر.

شاهد أيضاً

المغرب

مهرجان الفوضى الخلاقة ؟

نجيب طـلال كــواليس الفـوضى : ما أشرنا إليه سلفا حول المهرجان الوطني للمسرح (؟)(1) اعتقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.