الأحد , ديسمبر 22 2024
مدحت عويضة

البابا تواضروس ظاهرة مصرية .

بقلم: مدحت عويضة
كل بابوات الكنيسة المصرية ال 118 كانوا عظماء، كل منهم خدم وطنه وكنيسته حسب الإمكانيات المتاحة له في عصره، وحسب القدرات التي وهبها الله له والتي تكفي أن يقود دفة الكنيسة، فالله يعطي المواهب والحكمة ليس لمجد الإنسان الذاتي، بل ليتمجد أسم الله من خلاله.

ولكن الحقيقة أريد أن أتوقف عند شخصية قداسة البابا توhضروس الثاني، سبب توقفي عند شخصية قداستة، هو التغيير الذي حدث في الشخصية المصرية خلال تولي قداسته قيادة الكنيسة، فمنذ بداية أحد الشعانين، ونجد شركائنا في الوطن والهم والحلم من أهلنا وجيراننا وأصدقائنا المسلمين، ينهالون علينا بالتهاني بمناسبة أحد الشعانين، ثم ببدأ أسبوع الآلام والبصخة المقدسة، وتتوالي التهاني بخميس العهد وبالجمعة العظيمة لنصل لعيد القيامة، ثم نهنئ جميعا انفسنا بالعيد المصري الخالص ” شم النسيم”.

الموضوع لم يتوقف علي التهاني، بل رأينا كاميرات التلفزيون الخاصة والحكومية، تتسابق لدخول الكنائس المصرية من أجل تغطية الاحتفال بأحد “السعف”، ما الذي حدث وكيف تم هذا التغيير بالكامل، ونحن الذين كنا ننتظر أن نري كنيستنا في التلفزيون المصري مرتين يتميتين في العام، في عيد الميلاد وعيد القيامة وكانت كل مرة لوقت قصير وكان الإرسال ينتهي عند مصافحة الضيوف لقداسة البابا.

الذي حدث هو ظهور البابا تاوضروس ليس كشخصية وطنية مصرية، نالت حب وأحترام كل أبناء الوطن وقياداته، فأنعكس الحب والاحترام والتقدير لقداسة البابا علي الشعب القبطي، وحتي لا ننسي دور الشباب القبطي الذي رفض محاولة الإخوان إستقطابهم، وأنضم لشباب مصر، ورفض حتي الجلوس ولا التحاور بل ورفض المناصب، فكانوا أيضا سببا لأن يحترم المصريين الأقباط شركائهم في الكفاح ضد الإخوان.

البابا تاوضروس كان له موقف عظيم بعد الثورة، ورد فعله الهادئ علي حرق الكنائس جعل العالم كله يحترمه، فقداسته قدم تضحيات عديدة من أجل مصر، كما أغلق علي الدول الغربية محاولة استغلال الموقف ضد مصر وضد ثورتها، كذلك كان لأبناء البابا في المهجر ودورهم في الثورة ودفاعهم عن خارطة الطريق في بلاد المهجر دورا بارزا في أن تتقارب قلوب المصريين وتتألف في حب ومودة.

قداسة البابا قاد الشعب القبطي ليس فقط للتصالح مع الدولة ومع قياداتها، بل للتعاون وعلي أن نعمل معا كمصريين من أجل مصر، بعد عقود طويلة من عدم ثقة الأقباط في القيادات السياسية، قداسة البابا أستطاع أن يدمر حواجز الخلاف والإختلاف، التي خلفتها أزمنة أخطأت فيها قيادات سياسية في حق جزء أصيل من الشعب المصري ومكون أساسي من مكوناته.

البابا أيضا قام بالانفتاح علي الكنائس الأخري في محاولة للم شمل البيت المصري فعقدت الكنيسة لقاءات مع الكاثوليك والبروتستانت المصريين، بل أمتد عمل قداسته ليشمل التعاون مع الفاتيكان وزيارته التاريخية لروما ومقابلته مع قداسة البابا المعظم “فرانسيس”، إضافة علي إرتباطه بعلاقات أخوية حميمة مع فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب.

هكذا كسب البابا تواضروس احترام الجميع وكسب معه الأقباط احترام كل المصريين لهم، لتعود العلاقة بين الشعب المصري كما كانت قبل ثورة 1952، وفي ظل محاولاته، بل مازلنا نحلم بالكثير في عهد قداستة، مازلنا نحلم بالمواطنة الكاملة الغير منقوسة لكل المصريين، ولدينا أمل في مساندة الله لقداسته في أن يتحقق الحلم بفضل حكمته ووطنيته التي شهد لها الجميع.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.