للباحث القدير القمص يوحنا نصيف شرقاوي – شيكاغو
آباء الكنيسة الأوائل لم يستعملوا مصطلح “وراثة الخطية الجدية أو الأصلية”.. بل قالوا أن طبيعتنا فسدت ودخلها الموت واجتاز الموت لجميع الناس.. فالخطية لا تورث، ولكن نحن بعد السقوط صرنا نولَد بهذه الطبيعة المريضة ونخطئ بها..
2- أغسطينوس في القرن الخامس هو من نادى بوراثة الخطية، ولم يقبل كلامه الآباء الشرقيون.. حتّى بابا روما في ذلك الوقت أدان بعض تعاليمه، ولكن ليس معنى هذا بالطبع أن نعتبره هرطوقيًّا..!
3- عبارة المزمور: “في الخطايا ولدتني أمي”.. معناها أنني وُلدتُ بطبيعة فاسدة وبها مرض الخطية.. وليس المعنى أنّني وارثٌ لذنب أجدادي أو لخطيّة معيّنة.
ما يحزنني بشدّة، هو محاولة البحث في كتابات الآباء عن أسانيد لفكرة وراثة ذنب آدم وحواء، مع تحوير المعاني والخروج باستنتاجات شاذّة، مثل أنّ المعموديّة لا يصير لها فائدة إن لم نكُن قد ورثنا خطيّة آدم، وغيرها من تلك
التصرفات الغريبة.. فهذا يشبه عمل الهراطقة الذين كانوا يبحثون في الأسفار المقدّسة عن إثباتات لهرطقاتهم.. بكلّ أسف..!
الحقيقة أنّنا عندما نقرأ للآباء، ينبغي أن نقرأ نصوصًا كاملة، غير مجتزأة، وبروح الاتضاع والتلمذة، لكي نفهم روح المعني.. وليس لكي نصطاد كلمة من هنا أو هناك، ونفسرها خارج السياق.. كما يفعل البعض..!
أمّا ما يُقال عن مجمع أفسّس أنّه أيّد قرارات مجمع قرطاجنّة الذي حرم أناسًا منشقّين، فوفقًا لقرارات
مجمع أفسس لم يرد إطلاقًا ذكر لمجمع قرطاجنّة بالاسم، بل فقط أيّد مجمع أفسس بابا روما في حرمه لمجموعة كبيرة من الفاسدين.. ولو كان مجمع أفسس قد وافق ضِمنًا على فكرة وراثة الخطيّة، فلماذا لا تؤمن الكنائس الأرثوذكسيّة في كلّ العالم بهذه الفكرة؟!
سؤال يحتاج لإجابة منطقيّة.. ولماذا لم يقُم القديس كيرلس الكبير الذي قاد مجمع أفسس بالتأكيد على هذه الفكرة وبنشرها في كتاباته..؟!
سؤال آخَر يلزم إجابته..لذلك لا يليق عندما تضعُف الحُجّة أن نُشهِر سيوف الحرم، بتأويل غير مقبول لقرارات المجامع المسكونيّة..!