ماجد سوس
في زيارتي الأخيرة القصيرة لمصر وجدت أن الرقم القومي الخاص بي سينتهي صلاحيته خلال شهور قليلة فسألت
أخي هي يمكن أن أقوم بتجديده قبل الميعاد فقال لي تعالى معي نسأل في مكتب خدمات مصر.
ذهبت معه إلى قاعة كبيرة مكيفة الهواء نظيفة.
عند دخولك من الباب الرئيس تجد موظف استقبال أمامك للاستعلامات وللحصول على رقم.
تأخذ رقم وتجد على يمينك صالونات فاخرة للانتظار وعلى اليسار طاولات مرتفعة وأقلام لتساعدك
على ملء أو كتابة الاستمارات أو خلافه.
خلف مكتب الاستعلامات يوجد حوالي خمسة عشر موظفا في مظهر جيد
يجلسون على خمسة عشر مكتباً متجاورة على كل منها كمبيوتر حديث، يستقبلونك بابتسامة وترحاب.
جلست أمام أحدهم وسألته هل أستطيع تجديد الرقم القومي أجاب بالإيجاب فقلت له ولكن البطاقة ستنتهي
بعد عدة شهور فقال لي سنقوم بتجديدها لك.
أقل من عشرة دقائق كان قد ساعدني في ملء الاستمارة وتحصيل الأموال وأنا جالساً.
ثم آشار بيده إلى موظفة شابة تجلس أمام كاميرة متصلة بالحاسوب وطلبت مني الجلوس
لتأخذ صورة ضوئية.
بعد الانتهاء من الصورة أرتني صورتي وسألتي أن كنت أريد إعادة الصورة فشكرتها.
فوجئت برئيس المكتب يقترب مني ويسألني ما رأيك في هذه الخدمة فقلت أنا لا أصدق نفسي إذا تفوق
على أحدث دول في العالم فقلت له هل أستطيع أن أحصل على مستخرج لشهادة ميلادي وأولادي
قال بالطبع فقلت له ماذا عن عقد زواجي فقال بالطبع قلت له مداعبا هل أستطيع أن أقوم بتجديد رخصة
قيادة انتهت من خمسة وعشرين عاما فقال لي تستطيع يا فندم.
فقلت ما هذا هل تمزح معي.
ماذا عن العقود هل أستطيع أن اضع على عقد شقتي إثبات تاريخ فقال تستطيع.
هنا قلت له ضاحكا من أنتم.
أجابني الرجل، نحن تحالف عدة وزارات معا العدل، الداخلية، الخارجية تحت مظلة وزارة التخطيط
والتنمية الاقتصادية حيث يتم الحصول على جميع موافقات الجهات والوزارات مرة واحدة
بهدف تسهيل الإجراءات وخفض الجهد والوقت والرسوم المقررة، موضحة أن المركز يقدم العديد
من الخدمات مثل خدمات المرور والأحوال المدنية والجوازات، بالإضافة إلى خدمات التوثيق
والشهر العقاري والسجل التجاري وخدمات الهيئة العامة للتنمية.
الأغرب من هذا أن خدمات مصر قامت بتجهيز سيارات كبيرة تطوف بها مدن وقرى مصر
لتقدم هذه الخدمات العظيمة للمواطنين ولا بد أن أشيد بطريقة معاملة الموظفون للمواطنين
بكل أدب واحترام بلا إكراميات
أو محسوبيات أو تمييز بين الناس.
وهو أمر لم تشهده مصر منذ عقود وعلينا أن نثمّن ما يحدث في مصر وإن الأمر لم يعد مجرد طرق وكباري
ومدن ومواني ومشاريع ومواصلات وبنية تحتية وتطوير عشوائيات وإنما الأمر يتطرق لكل نواحي الحياة.
ستبقى مصر رغم الصعوبات المحيطة بها سواء الاقتصادية والاجتماعية المتمثلة في الزيادة السكانية واللاجئين
تسعى نحو بناء دولة متطورة حديثة تعيد بها بناء مجدها التاريخي في ظل ظروف وتحديات قاسية وتربصات
داخلية وخارجية لعرقلة هذا النجاح.
الأمر الذي يتعين معه على كل مصري اصيل الالتفاف حول قيادته وتعضيدها، لا من منظور شخصي تحزبي بل من منظور وطني مخلص.