كان يحضر مبكراً قبل القداس وبيده قطعه صغيرة من القماش المهلهل يذهب إلى كنيسه الملاك يمسح بها مذبحه
ومن ثم المنجلية ثم صور الإله ووالدته ثم صور باقى القديسين ثم ينتقل سريعاً بنفس الهمة
من كنيسة الملاك إلى كنيسة مارمينا ليعمل نفس عمله بذات القماشة يمسح المذبح ثم المنجلية
ثم الصور ومنها إلى كنيسة مارجرجس ثم لكنيسة مارمينا ثم يختار مكاناً مشمساً فى فناء آخر كنيسة ذهب
إليها و يفترش الأرض بها والجميع ينظر إليه بذات النظرة المملؤة سخرية
واستهزاء البعض يلقى له بلقمة والبعض يعطف عليه بقربانة والبعض يعطيه ساندوتش قد يأكله
وقد لا ولكن الجميع متفقون .. أنه بضابا العبيط وتمضى السنوات سنه تلو الاخرى ومات ال ..
أعنى بضابا ولكن أين بيته ؟ من سيدفنه؟من سيكفنه ؟ من سيقوم معه بواجب الدفن؟
ليس له أهل أو أقارب أو أصدقاء لم يترك سوى قماشته المهلهلة والتى يمسح بها مذبح وصور الإله إلى إن علم الأنبا مينا
المتنيح مطران جرجا مكانه وطلب من أبنائه أن يذهب به إلى فناء منزل أحد الأتقياء المسيحيين
ليكفن بضابا ال .. فعلاً ذهب التلميذ ومعه الكفن والصندوق و بدء يمسك بإناء الماء كى يغسل جسد العبيط
ولكن كلما يضع القماش المبلل يشتم رائحه البخور ، فيبللها مرة أخرى ليمسح الجسد الملقى أمامه
ليشتم رائحة الحنوط وفى لحظات انتشرت رائحة الحنوط والبخور بصوره بالغة الوصف
وأمتلىء فناء المنزل بالأشخاص الذين يشتمون ذات الرائحة وأسرع التلميذ يعدو يخبر الأنبا مينا
فإرتدى الأنبا مينا ملابسه وركب الحنطور وبمجرد إن دخل فناء المنزل .
واشتم رائحة البخور والحنوط تملىء المكان .. وتسمرت قدمه وأخذ يرشم الصليب قائلاً :
مبارك أسمك يارب نعم أنك اخترت الجهلاء والفقراء وإمسك بكوب زجاجى وملاءه من الماء
الذى غسل به جسد بضابا العبيط أعنى بضابا القديس الذى لم يعرفه أحد وشربه
وأخذ الجميع يتناولون من بركه هذا الماء المقدس بعد سيدنا وحملوا القديس على الأعناق
ودفنوه بمكان خاص كما أوصى نيافه الأنبا مينا .
عندئذ استدار الأنبا مينا ونظر للجموع وقال : ياما ناس فى وسطنا لا نعلم مقدارهم ولا مكانتهم امام الله .. هذا ال .. الذى ينظر إليه البشر نظرات الرثاء والشفقة .. .. هو من أخذه رب المجد إلى أحضانة .. هو من استقبلته الملائكة بالإبتهال والتهليل .. هو بضابا .
كم من أبرار عاشوا جهال ،عاشوا بيننا لا نعرف عنهم وعن قداستهم شئ
هؤلاء تفوح رائحة أجسادهم بالطهارة والقداسة ،عوض عن أطياب وعطور الأرض ،
لقد أفاحت السماء رائحة أجسادهم العطرة ،،
صلواتك يا عم بضابا