كتبت جورجيت شرقاوي
يُعد الفن القبطي كنزًا ثقافيًا غنيًا، يعكس تاريخًا عريقًا وإيمانًا عميقًا. تميز هذا الفن بألوانه الزاهية، ورموزه المميزة
وأسلوبه الفريد الذي يمزج بين التأثيرات المصرية القديمة والبيزنطية، حيث يُقدم الفن القبطي
رحلة عبر الزمن، حاملاً رسائل روحية وإنسانية عميقة.
ويُعدّ الذكاء الاصطناعي تقنية حديثة تُحدث ثورة في مختلف مجالات الحياة، بما في ذلك الفن والدين.
ونظرًا لارتباط الفن القبطي والكنيسة ارتباطًا وثيقًا، فإن تأثير الذكاء الاصطناعي على هذين المجالين مثير للاهتمام.
و تنقسم الآراء حول استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة قوية للحفاظ على هذا الفن وتطويره
أو لفتح أبوابه أمام أجيال جديدة، حيث انتشرت تصميمات للسيد المسيح و القديسين بالذكاء الاصطناعي
مما أحدث جدل حول تأثير ذلك علي الفن القبطي وتداول عدد من مستخدمي التواصل الاجتماعي
«فيس بوك» عدد من الصور لشخصيات بالكتاب المقدس
في كل مناسبه كنسيه تغير من معالم الأيقونات المعتادة ،فمن خلال تقنيات ، يمكن تحليل اللوحات القبطية
القديمة وفهم رموزها بشكل أفضل. كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء لوحات جديدة مستوحاة
من الفن القبطي
وإعادة ترميم اللوحات القديمة، وترجمة الرموز الدينية إلى لغات مختلفة، و لذلك يرسخ الفنانين الاقباط
آثر ذلك علي مستقبل الفن القبطي سلبا و ايجابا .
صور السيد المسيح والقديسين:
تعكس اللوحة الشهيرة “المسيح البانتوكراتور” من دير سانت كاترين، جمال لوحة السيد المسيح
جالسًا على عرشه، مرتديًا ثوبًا ذهبيًا، ويحمل في يده اليمنى إنجيلًا، وفي يده اليسرى صليبًا.
تميزت اللوحة بألوانها الزاهية، وتعبيرات وجه المسيح الهادئة والمهيبة، كما أظهرت أيقونة “السيد المسيح الطفل” من كنيسة المعلقة: تُظهر الأيقونة المسيح طفلًا صغيرًا، محمولًا على يدي مريم العذراء، حيث تميزت
الأيقونة بألوانها الدافئة، وتعبيرات وجه المسيح البريئة، اما أيقونة “القديسة مريم العذراء”
من دير أبو مقار تُظهر مريم العذراء جالسة على عرش، مرتدية ثوبًا أزرق ، وتميزت بألوانها الهادئة، وتعبيرات وجه مريم العذراء الحنونة.
و
في هذا الصدد ، يقول الفنان التشكيلي بيشوي شولح الحاصل على لقب فنان العرب مرتين،أن من مميزات الذكاء الاصطناعي أنه يقوم على إتخاذ القرار والتصميم من خلال جمع البيانات لسجلات سابقه
وفي وقت قصير جدا على عكس البشر.
بالنسبه للفن القبطي ،فهو فن شعبي كما لقب في بعض الاحيان عبر من خلاله الفنان عن معتقد الديني
من خلال الرموز والسمات اذ حرص الفنانون على تسجيل احداث ومعجزات مروا بها او سير القديسين
في اتجاه الى الزهد والبعد عن الطرف وكذلك الابتعاد عن رسم الاشياء المتنافيه مع الدين
و يقول الكاتب ميلان هوبل في كتابه الضحك والنسيان ان أردت ان تلغي شعبا ابدا اولا بشل ذاكرته
ثم تلغي كتبه وثقافته وتاريخه ثم يكتب طرف آخر كتبا اخرى ويعطيه ثقافات اخرى ويخترع له تاريخا
اخر عندها ينسى هذا الشعب من كان ماذا كان والعالم ينساه ايضا.
ويقول عالم القبطيات بير برجيه ،أن الفن القبطي هو فن له خصوصيه واضحه وبدون منازع يحتل مكانه أولى كفن اصيل شاهد حضاري يمثل الشخصيه المصريه القديمة
واضاف شولح ، أن الفن القبطي له ملامح خاصه بعيده عن الزخرفه لانه نشأ في الأديرة في القرن الثالث
فكان فنا شعبيا بيد رهبان لا يملون الى الزخارف في حياتهم العامه بل كانت الألوان زاهيه والخطوط حاده علامه على جدية الحياة والعيون واسعه علامه الاستناره والتطلع وكانت الوجوة مشرقة و مفرحة
الأيقونة وطريق الآلام ظهور العذراء على أيقونة القديس الأنبا رويس بديره أيقونة المسيح وطريق الآلام أيقونة السيد المسيح أيقونة السيد المسيح
دائما علامه على السلام الداخلي وفي عصر النهضه في أوروبا بدأت نهضه فنيه ثم تلاه عصر الباروك
الذي أهتم بالزخارف والتفاصيل واضاف على اللوحات عامل الحركه ثم تلاه عصور اخرى فنيه ولكن هذا أثر على الشرق ايضا وعلى الايقونه خاصه في القدس فقد بدأت مدارس فنيه للرسم تمزج بين الفن البيزنطي والأوروبي
واهتمت بالزخارف وانتقلت الى مصر في القرنين السابع فنانين في النصف الثاني من القرن العشرين
الى احياء الفن القبطي القديم وخاصه الفنان ايزاك فانوس.
واختتم شولح ، أن الأيقونه هي تفسير وشرح الكتاب المقدس وسير القديسين لذلك هي روح وإحساس وإلهام
فكيف يكون الذكاء الاصطناعي به هذه الميزات ، أما خطوره الذكاء الاصطناعي مع زياده الاعتماد
على (الآلات) ، فنحن نتجه الى وقت سوف يكون القدرات العقليه والتفكير عند البعض معتمد علىها
ونتيجه لذلك سوف تنخفض القدرات العقليه والتفكير مع مرور الوقت.
تأثير الذكاء الاصطناعي على الفن القبطي والكنيسة
إيجابيا: حفظ وترميم الفن القبطي:
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل اللوحات الجدارية والرموز الدينية القديمة، وتحديد الأضرار التي لحقت بها، واقتراح طرق لترميمها بدقة وإنشاء فن قبطي جديد و يمكن استخدام برامج الذكاء الاصطناعي
لإنشاء لوحات جدارية ورموز دينية جديدة مستوحاة من الفن القبطي التقليدي ،كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء تطبيقات تفاعلية ومواقع إلكترونية تُتيح للمستخدمين التعرف على تاريخ الفن القبطي
وأهم رواده و يمكن استخدام برامج الترجمة الآلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي لترجمة النصوص الدينية
القبطية إلى لغات مختلفة، مما يجعلها في متناول جمهور أوسع ، ويمكن استخدام منصات
التواصل الاجتماعي المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتعزيز التواصل بين الكنيسة والمجتمع
ونشر الوعي حول القيم الدينية والأخلاقية.
أيقونة السيد المسيح ظهور العذراء على أيقونة القديس الأنبا رويس بديره أيقونة البابا شنودة الثالث
و يقول الفنان القبطي وائل اسحق ،أن الصورة المطبوعة لا تدشن ، لان لها طقس معين لكن مع الذكاء الاصطناعي ، هناك محاولات جماليه بكل حياديه، و كفنان كنت ضد الصور التي تصنع عن طريق
“ديجتال ارت” فهي تنتج صور أشبه بالبلاستيك بدون روح لكن بالذكاء الاصطناعي أجد تكوين فني
وتناسج باللون و تعبير في الوجه ، فالاختلاف علي حسب المستخدم للبرنامج قد يكون فنان
يستطيع ضبط الوصف المدخل للبرنامج حتي اخراج الصور بها ضبط ،و نجد ايضا صور سيئه ترجع لفرق الجودة
والمستخدم ، وهذا يخضعنا للمستحدثات
واستطرد اسحق قائلا ، في البدايه تعود عصر النهضه للصورة بشكل يدوي أما مع اختراع الكاميرا
أدخلت متغيرات أثرت علي طريقه رسم جسم الانسان و لجأوا للافكار الحديثه بعيدة عن الشعبي ، فعندما نجد
برنامج يختصر ذلك لا اجد مبرر ان يصاد الفنان و يرفضه لانه مع الوقت أجد أن الذكاء الاصطناعي فرض نفسه مع مساهمات أقل لتدخل الانسان أحدثت اختصارات للوحات التي كانت تأخذ عدة شهور.
و أوضح المُعلم مينا ملاك ، أحد خدامي الكنيسه و مصمم الصور بالذكاء الاصطناعي ، ما أقوم بتصميمه بشكل واقعي بمعني انها ليس فوتوغرافية ، بل أشبه بأيقونات موجودة في الكنيسة
و أضاف ملاك ، أن تجربتي بدأت من حوالي اسبوع ، لاني أحب أن أري القديس كأنه شخص يبدو بشكل واقعي
وحي نوعا من الفضول ، و أرجح أن الايقونات داخل الكنيسه تظل كذلك و لا أحبذ اي نوع اخر كالرسم الايطالي
ولا صور فوتوغرافيه ، لذلك الذكاء الاصطناعي مرفوض داخل الكنيسه ، لكن قد نصل لتجسيد أيقونه كاملة حقيقة
بالذكاء الاصطناعي ، لكن الاختلاف يأتي من أستخدام الطريقه و هي الفاصل ، فمثلا نجد البعض
يحب صور السيد المسيح من الافلام رغم انها صور فوتوغرافيه لكن ليس لها تواجد كنسيا
ونجد بعض التخوفات إستخدام الذكاء الاصطناعي تؤثر علي الرسم ، و قد نجعلها نهج مختلف كمثل الصور المرسومه باليد.
التأثيرات السلبية:
قد يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء نسخ تجارية من الفن القبطي، مما قد يُفقد هذا الفن قيمته
الروحية والرمزية مع إمكانية انتشار المعلومات المضللة حول الفن القبطي، مما قد يُسبب ضررًا كبيرًا و إضعاف دور الإنسان في الفن والدين ، مما قد يُفقدها طابعها الإنساني.
و يقول الباحث القبطي عصام نسيم ، انها موضه ظهرت بعد تصميم مواقع وانتشرت علي كل المستويات
وفكرة انتشارة لانها مصاحبه للذكاء الصناعي ، مما أعتقد انها مسأله وقت ستنتهي قريبا لأنه الفن القبطي له
مواصفات وشروط ،و الايقونه القبطيه ليس مجرد صورة عاديه بل يلقب من يرسمها بكاتب الايقونه، لانه كل تفصيله لها رمز و معني حتي في الالوان و الاشكال و الملامح و الملابس بشكل روحي و لا يوجد وجه مقارنه بالذكاء الاصطناعي .
و أضاف نسيم ، الأمر يقتصر علي كونه صورة بهيجه قد تحمل احيانا شرح في العهد القديم ،أما خطورتها في
الانتشار علي المجموعات و البعض ليس لديه الوعي الكافي ،فقد نجد صور للسيدة العذراء كمثال باللون الاخضر
تغير من الرمز ، ولا تمثل الايقونه القبطيه أو تنتشر صورة مبتسمه تظهر أسنان القديسين ،لكن نحتاج لوعي لمصمم هذة الصور ، و قد نستغل الذكاء الاصطناعي في تجسيد حدث ليس له اي أيقونه متوفرة مثل عبور شعب اسرائيل من البحر ، عدي ذلك فكرة مرفوضه.
الضوابط:
و يجب وضع ضوابط أخلاقية لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في الفن القبطي والكنيسة
ويجب أن تتعاون الكنيسة مع المجتمع لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل إيجابي، مع نشر الوعي حول مخاطر الذكاء الاصطناعي، وكيفية استخدامه بشكل مسؤول.
ويقول الفنان جورج نعوم ،أن صور الذكاء الاصطناعي تعتبر حاجة جمالية وهي بعيدة كل البعد
عن المشاعر والاحاسيس الروحية التي نتعامل بها مع الأيقونات المرسومة ولا يمكن أن تتواجد داخل الكنائس
ولكن يمكن أن تتجمل بها الأسر في منازلها كمثل مكمل للديكور، و لذلك ليس لها تاثير علي الايقونة
و أكد ناعوم، من جهتي كفنان أيقونة قبطية ، يتوافق فيه معي جميع فناني الأيقونة القبطية إن هذه الاعمال
سينبذها كل من لديه ثقافة الأيقونة من حيث طقوسها و لاهوتها غير مريحة نفسيا بأن أتعامل معها فهي مرفوضة.