ذات ليلة رأي القديس القمص متى باسيلى حلما جميلا رأي ملاكين وأمامه قطار , فسأل الملاكين :
هل جئتما لتأخذاني للسفر معكما ؟ فقال له الملاكان : نحن سنأخذك في العام المقبل أما الآن فأنت ستأتي معنا
لكي تري بعينيك المكان المعد لك … وفعلا أخذاه إلي مكان جميل فرحت به نفسه وتعزي جدا
كما أنه بعد ما قام من هذه الرؤية أو الحلم عرف ذويه وأهله أن الرسالة التي اختارها الله لها بقي عليها عام .
قبل نياحة القديس القمص متي بأيام وفي حضور عدد كبير من محبيه كانوا التفوا حوله طالبين من أجله الشفاء
لكنه نظر إليهم في حب واغرورقت عيناه وقال لهم : أنا مسافر يوم الاربع الساعة 9 صباحاً
وبعدها بساعات استدعي ابنه القمص عازر وقال له :
جهزوا المقبرة علشان ادخلها يوم الاربع … وكان قد تبرع ببناء هذه المقبرة العالم الأثري الكبير
الدكتور لبيب حبشي وعرف الناس أن أبونا متي قال أنه مسافر يوم الأربعاء فتجمع الناس حول منزله مئات
وألوف لتنال بركته ورغم شدة مرضه التي كانت تصل إلي حد الغيبوبة
إلا أنه لم يبخل علي أحد بالبركة والدعاء
وفي ظهر يوم الثلاثاء 2 / 4 / 1968 م حدثت له غيبوبة وكان الأب متي حدد يوم الأربعاء لانتقاله
ولكن شدة الغيبوبة جعلت أحدي السيدات تصرخ باكية , فتنبه الأب القديس وفتح عينيه وقال :
( ليه بتعملوا كده ؟ أنا قلت ماشي يوم الاربع . يعني بكرة )
وبعدها طلب ابنه القمص عازر وأخواته البنات وأحفاده وطلب استدعاء حفيده نصيف القمص عازر
من القاهرة حيث كان طالبا بالكلية الاكليريكية ووضع يده علي رؤوسهم وباركهم وصلي من أجلهم ثم نظر
إلي ابنه القمص عازر وقال : أبعت لكل أولادي المحبين في كل مكان يحضروا جنازتي
أنا مسافر بكره صباحا الساعة 9 ….وكانت ليلة الأربعاء هي ليلة الوداع
تجمع الأهل والأقارب حوله .. كل ينظر إلي الآخر في حسرة مستغربين كيف يمر الوقت سريعاً
وأنهم مع شروق شمس الأربعاء يودعون أحن وأحب قلب إليهم هو القديس القمص متي
وقام ابنه القمص عازر باستدعاء أحباء القديس وأولاده حتى أن الأستاذ بشارة شكري المحامي
حضر من القاهرة إلي الأقصر خصيصا لوداعه
وفي حوالي الساعة التاسعة من صباح الأربعاء نظر الأب القديس إلي أولاده والجموع المحتشدة حوله وقال :
( الله يباركم واستودعكم الرب ) وأغمض عينيه إلي الأبد وسط هالة من النور حلت علي وجهه المبارك
وانقباض قلب محبيه وشعبه وأولاده , وأسلم روحه الطاهرة لتنطلق إلي عنان السماء
وتشارك الأطهار والقديسين أفراح السماء , وما أن أعلن نبأ انتقاله إلا وتجمع الناس حول منزله
والتف حوله الكهنة والمرتلون والشمامسة وقرأوا التسابيح والصلوات والشموع موقدة حوله
ولم يستطيع أحد أن يعبر عن ألمه وأسفه إلا بالدموع والبكاء
وآن أوان خروج موكب الوداع من منزله بالأقصر وزحفت مدينة الأقصر وتخومها خلفه
الكل يبكي دون استثناء …. رجال ونساء … كبار وصغار …. مسيحيين ومسلمين
وكانت سيدات المدينة يتطلعن من شرفات منازلهن وهن يلوحن بأيديهن باكيات صارخات
( مع السلامة يا أبونا متي .. مع السلامة يا بركة .. مع السلامة يا قديس صلي لأجلنا … من يمسح دموعنا … مين يسأل عنا … يا خسارة … يا ألف خسارة … ) .
وكان يتقدم الموكب الرهيب لفيف من الآباء الكهنة من الأيبارشية وخارجها
وكان خلفهم أبناء المؤسسة المسيحية بنين وبنات إلي أن وصل الموكب إلي كنيسة القديسة العذراء مريم بالأقصر
وتم عمل المراسم الدينية والصلوات وتوديعه من المذبح بزفته ثلاث مرات
ثم ألقيت كلمات الوداع من الشخصيات المختلفة كرجال الدين المسيحي بطوائفه المختلفة ورجال الدين الإسلامي .. الخ
وكانت الكلمات مختلفة منهم من تكلم عن وداعته ومنهم من تكلم عن قداسته ومنهم من تكلم عن تضحيته
وبساطته .. الخ , ثم شيعت الجنازة إلي غرب مدينة الأقصر إلي دير المحارب حيث مقر خدمته
وحيث أعدت له المقبرة … وكانت المسافة من الأقصر إلي دير المحارب من 6 – 8 كيلو مترات
ولكن أولاده ومحبيه أصروا علي أن يأخذوا هذه المسافة سيرا علي الأقدام وهم يحملون جثمانه
وأمام إصرار محبيه في حمله علي الأعناق حتى دير المحارب خضع الجميع وواصلوا السير
ولكن كان هناك أمرا ملحوظا وهو أن نعش القديس القمص متي باسيلي طائر فوق أصابعهم
إلي درجة تستدعي الانتباه لدرجة الدهشة لدرجة أن بعض الحاملين للنعش كان يشب لكي يمسك به
وكان البعض يحاول لمسه ولو للبركة ….ووصل الجثمان الطاهر إلي دير المحارب بعد ظهر يوم الأربعاء
كما وعد وتم وضع جثمانه في المقبرة التي جهزت له خصيصا ليضم دير المحارب إلي عداد قديسيه جثمان قديس جديد وهو القمص متي باسيلي .