الثلاثاء , نوفمبر 19 2024
المخرج رضا شوقي

الحرحور والجحش وحمار الحكيم…

الذكريات كتاب مفتوح ووقائع مازالت تحيا فى القلوب وبقاياها يعشش فى العقول ، وعندما نسافر فى رحله عبر الماضى تتداعى الذكريات بعضها مشوش والبعض الأخر واضحاً وضوحاً جلياً كالشمس فى صندوق الذاكره

ذكريات عن العصر الذهبى لماسبيرو ، تذكرت عندما التحقت بالعمل فى القناه الثانية بالتليفزيون المصرى

فى الثمانينات ، وبتكليف من استاذى المخرج يسرى غرابه بتصوير حلقه من برنامج كانت أيام –

وهو من البرامج التى وثقت تاريخ مصرى من خلال رموزه وشوارعه وحاراته وناسه

ويذاع حتى الآن على قناة ماسبيرو زمان

فن

المهم اصحبت معى المذيعه نجوان أحمد والاستاذ يحى تادرس ومدير التصوير عونى جعفر

واتجهنا الى مبنى جريدة الأهرام بشارع الجلاء بالقاهره لعمل حوار مع الاديب والفليسوف الكبير توفيق الحكيم

فى مكتبه بالدور السادس على مااتذكر .. حكى لنا فى حوار ممتع وشيق جدا عن اسرار ثورة 1919

والحرب العالمية الاولى والثانيه وثورة 1953 وعن تاريخ مصر الذى لا نعرفه من خلال معايشته للأحداث

كان معروف عن توفيق الحكيم إنه بخيل ولاحظ الاستاذ يحي تادرس ان الحكيم لم يقدم واجب الضيافة

للمذيعه ولا لفريق العمل فقال له ضاحكاً : ان بشرب القهوة ساده .. ضحك الجميع

ولكن توفيق الحكيم لم يهتم فأضاف يحي بذكاءه الشديد :

إنت كتبت عده كتب عن الحمار أشهرها حمار الحكيم وحمارى قال لى .. طيب إحكي لنا عن عضويتك

فى جمعية الحمير المصرية كعضو فعال وخصوصا كان معاك فى الجمعية الفنانة المشهورة نادية لطفى

وبلاش القهوة لأن

كتير من الناس يشككون فى حقيقيه جمعيه الحمير … ضحك الحكيم وقال :

فكرتنى بالحمير يا يحي إنت عارف إنى بحب الحمار وبقدره جداً لدرجه إنى كتبت عده مؤلفات عنه اثارت

ضجة كبيرة وقتها، هاأحكيها وبعدين نشرب القهوة كلنا مع بعض قال الحكيم :

جمعية الحمير المصرية ضمت نخبة كبيرة من رموز الفن والأدب فى مصر ومنهم الفنانه نادية لطفي

طبعا التى كانت مشهورة بالجدعنة وبالعطاء بلا مقابل وقد أصرت على الانضمام

إلى الجمعية التى اختارت”الحمار” رمزا لها ، واختيار الحمار رمزا لها لما يتميز به من صبر وطول بال

وقوة على التحمل ، وصلت نادية لطفى إلى أعلى مناصبها بها فتدرجت حتى وصلت إلى رئاستها

بناء على توصية من ذكى طليمات مؤسس ورئيس الجمعيه التى أنُشئت عام 1930

ردا على ضغوط الاحتلال البريطاني على الملك فؤاد لإغلاق معهد الفنون المسرحية ،وشاركه في التأسيس شكري راغب مدير دار الأوبرا انذاك .

أما مواصفات العضو فلا بد ان يكون بيعمل حاجات للخدمه العامة وبدون مقابل وعنده صبر زي الحمير

ولو عنده مبدأ يحزن عليه وعاملين كروت والكارت عليه حمار، مكتوب عليه حامل الحدوة

وده حرحور وده جحش …. الخ

كان من أعضاء الجمعية أيضاً الفنانة زينب صدقي وفكري باشا أباظه وطه حسين وعباس العقاد، وتوفيق الحكيم

وفي وقت لاحق انضم اليها الفنان الكاريكاتير مصطفى حسين، دكتور محمود محفوظ وزير الصحة السابق، المخرج سيد بدير، الفنان التشكيلي سيف وانلي، والكاتب الساخر أحمد رجب وضمت الجمعية 30 ألف عضو من المصريين ولهم عدة ألقاب “فعند انضمام العضو للجمعية يلقب بالـ (حرحور) أي الجحش الصغير ثم يحصل على رتبة أعلى حسب مجهوده .

وقد يظل العضو 20 عاما دون أن يحصل على اللقب وهو حامل البردعة أي حمار كبير، ولم يحصل على

هذا اللقب سوى 5 أعضاء هم زكي طليمات، وشكري راغب، والمرسي خفاجة، ووزير الصحة محمود محفوظ، والفنانة نادية لطفي.

وفي عام 1986 كادت جمعية الحمير المصرية أن تغلق أبوابها، وذلك بعد وفاة آخر أعضائها المؤسسين

وهو السيناريست والمخرج والممثل السيد بدير ، ولكن جهود وزير الصحة محمود محفوظ أسهمت في استمرارها.

واجهت الجمعية منذ تأسيسها مشكلة عدم اعتراف الحكومة بها بسبب اسمها، الذي اعتبرته غير لائق

ولا يوافق التقاليد، ورغم ذلك لم يمنع الإحباط أعضائها من تقديم خدماتها المختلفة، ومنها محو الأمية، ومد المستشفيات بالأجهزة الطبية، وتشجير الحدائق وغيرها…. انتهى حكى توفيق الحكيم

وانتهت الحلقات ولم نشرب القهوة حتى الأن … ! تمر هذه الذكريات الأن امامى سريعاً

عندما اشاهد نشرات الأخبار وارى كيف أن “الحمار” لعباً دوراً حيوياً فى نقل سكان غزة إلى اماكن آمنه بعدما انقطعت عنهم شريان الأمل والطاقه والوقود وتم تدمير الطرق تدميراً كاملا من عدو لايعرف معنى الرحمه فجاء الحمار الاكثر رحمه لينقذ مايمكن انقاذه بصبر شديد.

ذكريات أيام جميله عشناها بحلوها وبمرها ، بناسها وبحميرها .. تحيا الحمير

المخرج رضا شوقي

دخوللقد أرسلت

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!

كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.