بقلم / أحمد ياسر الكومي الباحث في العلاقات الجيوسياسية
تتشكل السياسة الصينية في الشرق الأوسط بفعل عاملين: تصورات الصين للتهديد وحساباتها الاستراتيجية في ما يتصل بمنافسة القوى العظمى مع الولايات المتحدة.
وعندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الولايات المتحدة، فإن النهج الذي تتبناه الصين يتلخص في ثلاث “لاءات”: لا تعاون، ولا دعم، ولا مواجهة. هذه العقيدة تكمن وراء قرار الصين بعدم التصدي للحوثيين المدعومين من إيران أثناء قيامهم بهجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ على ممرات الشحن في البحر الأحمر.
إن هجمات البحر الأحمر – رداً على الحرب الإسرائيلية ضد حماس في غزة – لم تشكل تهديداً مباشراً للسفن الصينية، ويصر الحوثيون على أن هذا لن يتغير: لن يتم استهداف السفن الصينية أو الروسية، كما أعلن مسؤول حوثي كبير الشهر الماضي، طالما لأنهم غير مرتبطين بإسرائيل.
لكن الهجمات ستظل تؤثر على المصالح الاقتصادية للصين، وليس فقط بسبب الحاجة إلى تجنب الروابط مع إسرائيل.
(اضطرت شركة كوسكو، وهي أكبر تكتل للشحن البحري في الصين، بالفعل إلى تعليق جميع عمليات الشحن إلى إسرائيل، بسبب مخاوف أمنية).
إن تحديد هوية السفن (أو الدول التي ترفع أعلامها) ليس بالأمر السهل دائما، ولا يزال من الممكن استهداف الشحن الذي يؤثر على مصالح الصين.
لكن تجنب المنطقة أمر مكلف.
يعد البحر الأحمر أحد أكثر الممرات حساسية للتجارة العالمية.
وإذا كان على السفن الصينية المتجهة إلى أوروبا أن تدور حول رأس الرجاء الصالح، بدلا من اتباع الطريق التقليدي عبر قناة السويس، فإن الرحلة التي تستغرق 26 يوما تنمو إلى 36 يوما وتضيف إلى حد كبير التكاليف.