خطاب مفتوح لآباء مجمع الكنيسة المقدس الجمعة ٩ فبراير ٢٠٢٤
كمال زاخر
“وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذًا فَانْطَلَقُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى الْجَبَلِ، حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ.وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ، وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا.فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلًا: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ،فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ”كانت تلك السطور التى اختتم بها متى البشير انجيله، تسجل ارسالية المسيح لتلاميذه، عند ظهوره لهم عقب قيامته المجيدة، والمهام التى كلفهم بها، والتى تعد محاور عمل الكنيسة: تلمذوا، عمدوا، علموا.
وانطلقت الكنيسة بثقة وقوة تترجم الارسالية الى فعل، فى كل ارجاء المسكونة، مدعومين بوجوده معهم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر.
كانت القوة من الله وبه الذى – بحسب توصيف القديس بولس – أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ اللهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.” (2 كو 4: 6).
ويحدد القديس بولس ماهية الخدام الذين آلت اليهم هذه المسؤلية أنهم ” خُدَّامِ الْمَسِيحِ، وَوُكَلاَءِ سَرَائِرِ اللهِ، ثُمَّ يُسْأَلُ فِي الْوُكَلاَءِ لِكَيْ يُوجَدَ الإِنْسَانُ أَمِينًا”ويستطرد ق. بولس فى توصيف من ثُقلوا بهذه المهمة ” أَرَى أَنَّ اللهَ أَبْرَزَنَا نَحْنُ الرُّسُلَ آخِرِينَ، كَأَنَّنَا مَحْكُومٌ عَلَيْنَا بِالْمَوْتِ* لأَنَّنَا صِرْنَا مَنْظَرًا لِلْعَالَمِ، لِلْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ.* نَحْنُ جُهَّالٌ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحُكَمَاءُ فِي الْمَسِيحِ! * نَحْنُ ضُعَفَاءُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَقْوِيَاءُ! أَنْتُمْ مُكَرَّمُونَ، وَأَمَّا نَحْنُ فَبِلاَ كَرَامَةٍ! * إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ نَجُوعُ وَنَعْطَشُ وَنَعْرَى وَنُلْكَمُ وَلَيْسَ لَنَا إِقَامَةٌ. وَنَتْعَبُ عَامِلِينَ بِأَيْدِينَا.* نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ. نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ. يُفْتَرَى عَلَيْنَا فَنَعِظُ. صِرْنَا كَأَقْذَارِ الْعَالَمِ وَوَسَخِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى الآنَ. لَيْسَ لِكَيْ أُخَجِّلَكُمْ أَكْتُبُ بِهذَا، بَلْ كَأَوْلاَدِي الأَحِبَّاءِ أُنْذِرُكُمْ.”(١ كو ٤).
ولعلك عزيزى القارئ تابعت معى صدمة التصعيد فى أزمة ابينا المطران الأنبا بنيامين مطران ايبارشية المنوفية، مع المهندس كيرلس رفعت ناشد، احد رعية الكنيسة، والتى قفزت من فوق اسوار الكنيسة واقتحمت باحات المحاكم، بالمخالفة لما استقر فى قوانين وأعراف الكنيسة.
واظنه تصعيد كاشف لأزمة الكنيسة فى استيعاب مفهوم وابعاد وتبعات الرعاية، وقد اختلط بما استقر خارج اسوارها بالسيادة والسلطة والتراتبية، التى تخالف ما يناظرها داخل اروقتها المحكومة بغطاء الأبوة والبنوة، الذى يضع على كاهل الأب ويثقل قلبه بالسعى لاحتواء ابنائه لحساب المسيح والملكوت.
فى استحضار ما سبق وأوردناه على لسان القديس بولس الرسول.
ويقينى أن حكماء الكنيسة يئنون من هذا التصعيد والذى قد يحدث شرخاً له تكلفته الباهظة خصما من سلام وبنيان الكنيسة، ويتطلعون لمن يبادر برأب الصدع، وأظنها مهمة وواجب مجمع الأساقفة، فى لحظة دقيقة تعيشها الكنيسة، تنطبق عليها ما قاله ق. بولس “لأَنَّنَا لَمَّا أَتَيْنَا إِلَى مَكِدُونِيَّةَ لَمْ يَكُنْ لِجَسَدِنَا شَيْءٌ مِنَ الرَّاحَةِ بَلْ كُنَّا مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ: مِنْ خَارِجٍ خُصُومَاتٌ، مِنْ دَاخِل مَخَاوِفُ.” (2 كو 7: 5).ه
ل يبادر آباء المجمع بالتصدى لدورهم فى مبادرة مصالحة بين الأب المطران وابنه، أم نكرر ما قاله ايوب فى القديم: لَيْسَ بَيْنَنَا مُصَالِحٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى كِلَيْنَا.” (أي 9: 33).