ألبوم الذكريات ملي بالحكايات.
حكايات صغيره وأحداث بسيطه قد تبدو تافهه للبعض ولكنها ذات شأن كبير لصاحب الالبوم
ألبوم اصابته تخمه الحوادث والحكايات والصور والأغانى والأفلام والأيام بعضها حلو… وكثير منها مر .
لست أدرى كيف ومتى امتلأ هذا الألبوم بكل هذه الذكريات..!! أغنيه “جواب” لعبد الحليم حافظ فتحت البوم الذكريات على مصرعيه ، سمعت أول دقه قلب وصوت التنهيد ورأيت أول لمعه عين وحسيت بأول سلام بالإيد
مع سماعى للأغنية من راديو ترانستور سونى – مازلت محتفظاً به – تُبث من إذاعة الاغانى فى النصف ساعة المخصصة لعبد الحليم من الساعه السابعة والنصف ، استيقظت الذكريات وهبت نشيطة مدمرة لروتين
وملل الحياة وبرودة المشاعر ، كما كتب أحمد رامي وغنت أم كلثوم فى رائعتها ذكريات :
ذكريات عبرت أفق خيالى .. بارقاً يلمع فى جنح الليالى ذكريات نبهت قلبى من غفوته لعوالم سابقة
لأول حب فى حياتى فى أواخر السبعينات ، فبعد مرورى تحت بيت الحبيبة لمدة عام تقريباً وفشلى الذريع فى
إيجاد وسيلة للتواصل واللقاء ، فلم يكن هناك موبايل ولا تليفون أرضى ، كان الاتصال عن طريق السنترال
فقط وهذا كان فى حد ذاته كارثة وفضيحة مدوية حيث سيعرف الجميع إنى زرت السنترال وطلبت ” ترنك ”
لمنزل المحبوبة ، مغامرة محفوفة بالمخاطر .
لكن صديقي وزميلى فى الدراسة الشاعر الجريح وجد حلا عبقرياً للتواصل مع الحبيبة ، الغريب إنه إلى يومنا
هذا لم اعرف لماذا سمى نفسه الشاعر الجريح مع إن إسمه كان حسين .. !؟ الحل الذى وجده حسين
كان بسيطاً جداً وهو إنى أكتب لها جواب واصفاً لها شوقى وحبى وهيامى وأشواقى وغرامى ورغبتى فى اللقاء .
ومن هنا كانت الكارثه فأنا لا اعرف ماذا أكتب لأنى بلا خبرة لا فى الحب ولا فى كتابة خطابات الغرام
ولا فى اى شىء غير الكتاب المدرسى ولا هو أيضا ولا نملك موهبة يوسف وهبى في كتابه خطابات الغرام
لعمر الشريف فيلم إشاعة حب.
أشعل حسين سيجارته النفرتيتى واخذ نفساً عميقاً مفكراً فى الحل الأمثل لكتابه الجواب الذى سيقهر الحبيبة
ويوقعها على جذور رقبتها مستسلمه على وزن إعلان جلب الحبيب فى 24 ساعة مثل اعلانات احدى القنوات الفضائية هذه الايام .
وجدتها … هكذا صرخ حسين فرحاً بعدما انتهى من تدخين علبة سجائر كاملة سالف فلوسها منى
وقال لى بمنتهى الالاطة والحزم: هات 25 قرش وده كان مبلغ كبير جدا وقتها ، سألته مستفسراً بخوف
وحذر بإعتباره المنقذ الوحيد لأزمتى العاطفيه لماذا الفلوس !؟ قال بثقة شديدة هانشترى شريط كاسيت
لعبد الحليم حافظ عليه أغنية اسمها “جواب”من فيلم جديد لانج شاهدته فى السينما .
صدقته بالطبع مع إن الفيلم لم يكن جديد ولا لانج ، فالسينما التى تعرض الفيلم كانت سينما من سينمات الدرجة الثالثه التى كانت منتشره فى كل مكان فى القاهرة والأقاليم وتقوم بعرض 3 أفلام قديمة عربى واجنبى
عرضاً مستمراً ،اى إنك تدخل السينما بتذكرة ب 3 قروش ونصف فى حفلة العاشرة صباحاً
وتخرج منها مساءاً ومن الممكن أن تنام أثناء العرض نوماً هنيئاً واثقاً من أن مفيش حد ها يقدر يوقظك
من النوم أو يقلقك الا شوية العيال اللى بيلعبوا استغماية فى صاله السينما وممكن واحد يستخبى وراك
وسينما الدرجة الثالثة هى اللى شكلت الثقافة السينمائية لجيل كبير جدا – وأنا واحد منهم
من جيل الستينات والسبعينات والثمانينات الى أن جاء الانفتاح وسينما المولات وانتهت سينما الغلابة
تماماً بعرضها المستمر وجمهورها من الناس الطيبين وظهر الإرهاب بين الطبقات المتوسطه التى حرمت
من الفن الذى كان متاحاً للجميع. المهم كانت أغنية جواب من فيلم البنات والصيف لإحسان عبد القدوس إنتاج 1960.
وكان الفيلم جديداً بالنسبة له والأغنية مفاجأه بالنسبه لي وكان مطلعها يتناسب تماماً مع الموقف العاطفى
المصيري لأنها كانت جواب بالفعل كتب كلماته مرسي جميل عزيز ولحنه كمال الطويل
توكلنا على الله وبدأنا فى نقل الأغنية من جهاز الراديو الكاسيت اللى جاء لنا من ليبيا حيث كانت ليبيا هى المصدر الوحيد تقريبا لهذا الإختراع العبقرى الذى يأتينا بصحبه العاملين المصريين هناك .
وهذا الجهاز كان سبباً فى انتشار مطربين منعتهم لجنة الاستماع فى الاذاعة المصرية لضعف مستواهم الفنى
ومنهم أحمد عدوية.. !! أخدت أكتب كلمات الأغنية فى ورقة بيضاء رسمنا عليها صوره قلب يخترقه سهم
كيوبيد … حبيبي الغالي من بعد الأشواق .. بهديك كل سلامي وحنيني وغرامي …. نور عيني .. روح قلبي حبيبي .. حياتي مشتاق لعينيك .. مشتاقلك مشتاق وأنا لسه مقابلك وبعز الشوق يا حبيبي وفي عز الليل بكتبلك لا .. لا ..
قلبي اللى بيكتبلك الليل صحاه .. والشوق خلاه .. يكتب لك توقفنا كثيراً وعملنا مليون استوب ورجوع للشريط حتى لا تفوتنا كلمة واحدة الى أن وصلنا الى كلمه أصبحت معضلة لأنها غير واضحة زى كلمه “حاااا ”
فى فيلم إسماعيل يس فى مستشفى المجانين اللى كان الخواجة بيجو بيحاول يكتبها لحث الحمار على السير
وفشل فى كتابتها كما فشل أيضاً اسماعيل يس وعبد الفتاح القصرى الذى اطلق عبارته الشهيره يأساً واستسلاماً “أنا فى عرض المجمع اللغوى” .
أنا ايضاً كنت فى عرض المجمع اللغوى ولكن الشاعر الجريح حسم الأمر وكأنه قائد لمعركة حربية
وليس لخطاب غرام قائلا أكتب … بحبك .. بحبك .. بحبك وكتبتها ولكنى اكتشفت بعد ذلك لما شاهدت الفيلم إن
عبد الحليم فى الفيلم بيشطب على الكلام فى الخطاب وإن كلمة بحبك كانت صوت القلم أثناء الشطب
وعرفت الشاعر الجريح كان نائماً فى السينما اثناء هذا الجزء من الفيلم .
دى كانت اول دقه لقلب مراهق فتره السبعينات ، قبل ذلك بسنة واحده وفى 8 ديسمبر 1969
تم عرض فيلم بنفس الاسم ” الحب سنه 70 ” بطوله نيللى واحمد رمزي ومحمد عوض ونوال ابو الفتوح
وناهد يسري ، القصه لالهامى سيف النصر والاخراج لمحمود ذو الفقار
وتدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي رومانسي حول شريف ذو العلاقات النسائية المتعددة، وابن عمه محسن القادم من الريف، والذي يقع دائمًا في مشاكل بسبب مغامراته الغرامية بينما في النهاية يقع في غرام نورا الفتاة البسيطة.
قصه المقال مختلفه تماما ً عن الفيلم ولكن زمن الحب واحد وابطال القصة فى الواقع
وفى الفيلم بنفس البساطه والبراءه وقلة الحيلة.
براءه الحب سنه 70 تختلف تماماً عن الحب الآن ، فالحب أصبح سهلا ، الموبايل قرب المسافات وأصبحت رؤية الحبيب فى منتهى السهولة ، بضغطه واحدة تقدر تتكلم مع حبيبك وتشوفه وتقعد معه على مدار الساعة
وعلى بعد الاف الاميال … ولكن هل سحر الحب وغموضه مازال موجوداً أم ضاع وأصبح تيك اواى مثله مثل
إيقاع الحياه !؟
هل مازلنا فى حاجه للشاعر الجريح ليكتب لنا خطاب حب؟
رضا شوقى