بقلم/ماجد كامل
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يوم 12 طوبة الموافق 20 يناير ( سوف نحتفل به هذا العام فى 21 يناير حيث أنها سنة كبيسة ) .
بتذكار استشهاد القديس الشهيد تاوضروس المشرقي ؛ والجدير بالذكر أن الشهيد تاوضروس المشرقي غير الأمير تاوضروس الشطبي (وتذكار عيد استشهاده يقع في 20 أبيب الموافق 27 يولية ) ؛
وفي البداية نذكر أن معني كلمة تاوضروس هو “عطية الله ” وتنطق تادرس باللغة العربية كما تنطق “ثيؤدوروس ” باللغة اليونانية ؛ وهي تقابل أسم “متي ” في اللغة العبرية “
وتنطق احيانا متاؤس في اللغة القبطية ؛أما الكلمة المقابلة لها في اللغة الهيروغليفية فهي “فوطيفار “.
ولقد ولد توضروس المشرقي الذي نحن بصدده حاليا في مدينة صور حوالي عام 275م
من أبوين مسيحين ؛ وعندما وصل إلي سن الشباب ؛أنتظم في الجندية وواصل الترقي حتي وصل إلي رتبة قائد ؛
وفي عهد الاضطهاد الذي أثاره الأمبراطور دقلديانوس (284- 305 م ) ؛قام بوضع خطة جهنمية للقضاء علي الديانة المسيحية ؛ولخصها في أربعة اجراءات هي :
1- هدم الكنائس
2- حرق الكتب المقدسة
3- طرد جميع ذوي الرتب الرفيعة وتجريدهم من رتبهم
4- – قتل رجال الدين وذبح المسيحين ونتيجة لما أبلاه القائد تاوضروس من بلاءا حسنا في الحرب ضد الفرس ؛أستدعاه الامبراطور “وكان هو الامبراطور مكسمينويس علي أرجح الأراء ” هو وكل جيشه للقائه ؛وإذ علم تاوضروس أن الملك سوف يدعوه إلي عبادة الأوثان قال لجنوده ”
من أراد منكم الاستشهاد فليقم معي أما من كان خائفا فليبتعد ” فصاحوا جميعا بصوت واحد “
نحن نموت معك ؛وإلهك هو إلهنا ” ولما وصل إلي المدينة ترك الجنود واقفين خارجا ؛ودخل علي الملك الذي أحسن استقباله في البداية ؛وسأله عن الحرب والجنود ؛ ثم عرض عليه السجود لأبولون “أحد آلهة الأمبراطورية الرومانية
” فرفض السجود وأعلن بوضوح أنه مسيحي وأنه لا يسجد إلا لإلهه ؛ فأمر الأمبراطور الجنود أن يعذبوه ؛ فجلدوه بالسياط ؛ثم سمروه علي شجرة وشددوا في عذابه ؛ وأخيرا أمر أن يحرق حيا
واستشهد في يوم 12 طوبة من عام 306 م ؛وبعد ما فرغ من قتل القائد تادرس
ألتفت إلي جنوده يدعوهم إلي السجود لآلهة الوثنيين فأجابوا جميعا ليس لنا إله إلا إله قائدنا تاوضروس
” فلما بلغ مسامع الامبراطور هذا الأمر أمر بقطع رؤوسهم جميعا ونالوا أكليل الشهادة .
ومن أشهر الكنائس الأثرية التي علي اسم الشهيد تاوضروس المشرقي كنيسته بمصر القديمة ؛ فلقد ذكرها المقريزي في موسوعته فقال عنها ” كنيسة تاودروس الشهيد بجوار بابليون نسبت للشهيد تاودروس الاسفهسلار “
(وواضح هنا أن المقريزي أختلط عليه الأمر حيث أن تاوضروس الاسفهلسلار “وهي درجة عسكرية تقابل قائد الجيوش حاليا هو تاوضروس الشطبي وليس تاوضروس المشرقي )
كما كتب عنها الرحالة فانسليب (1635- 1679 ) قال عنها في كتابه “تقرير الحالة الحاضرة لمصر 1671 ” “” خارج مصر القديمة ؛وببن خرائب هذه المدينة ثلاث كنائس في صف واحد ؛ الأولي أسمها بابليون الدرج للسيدة العذراء ؛ والثانية للطوباوي يوحنا أبو قير ؛والثالثة للطوباوي تادرس ؛وقد قضيت في هذه الكنيسة ليلة ؛وحضرت فيها عماد وصفته سابقا ” .
ولقد قدم العالم الانجليزي الفريد بتلر Alfred Butler ( 1850- 1936 )
وصفا تفصيليا لهذه الكنيسة في كتابه “الكنائس القبطية القديمة في مصر ” حيث قال عنها ”
أما كنيسة تادرس المشرقي فهي مكرسة علي أسم شهيد يحمل هذا الأسم ؛وهذه الكنيسة بها ثلاثة هياكل تقع في الطرف الشرقي كالعادة ؛ وكل منها له حائط الشرقية ؛ويوجد في الهيكل الجانبي الشمالي خزانة وضع فيها تاج روماني قديم من الرخام ؛ومجمرة من البرونز غير المنقوش ؛وقد علق في الهيكل أمام الشرقية قنديل صغير جميل مصنوع من الفضة .
كما كتب عنها العالم المعروف الدكتور رؤوف حبيب (1902- 1979 ) في كتابه “الكنائس القبطية القديمة بالقاهرة ” فقال عنها تحت أسم كنيسة الأمير تادرس المشرقي ” وهي مكرسة علي أسم القديس المذكور ومبناها كالمعتاد يحتوي علي صحن الكنيسة وجناحيها ثم الهياكل الثلاثة
وتقع إلي جهة الشرق ؛ وتوجد القبلة في كل هيكل منها ؛وأمام قبلة الهيكل الأوسط معلق بوسطها مصباح فضي جميل ؛كما يوجد في الجناح الجنوبي صندوق به بعض الكتب القديمة؛وسقف الكنيسة غير منتظم ويحوي أربع قباب واحدة منها فوق الكنيسة وبها أربع صلبان بارزة علي الصحن
وكانت جدران هذه الكنيسة تحتوي علي كثير من الزخارف القديمة الرائعة أكثر من غيرها من الكنائس الأخري ولكنها زالت تلك الرسوم الأخري بسبب الدهانات الحديثة التي أستعملت عن جهل فطمست معالمها .
وكتب عنه أخيرا العالم الالماني أوتو ميناردس Otto Meinardus ( 1925- 2005 )
في كتابه “المسيحية القبطية في ألفي عام ” والذي صدر عن المركز القومي للترجمة تحت رقم (2353 )
فقال عنه ” يقع دير تادرس المشرقي مباشرة بجوار كنيسة العذراء بابليون الدرج ؛ويتكون الدير من كنتستين ؛واحدة علي أسم القديسين أباكير ويوحنا ؛والأخري علي أسم القديس تادرس المشرقي ؛وذكر ابن دقمماق كلتا الكنيستين ( القرن الرابع عشر ) .
وأيضا من الأديرة الأثرية التي علي أسم الشهيد تادرس المشرقي نذكر دير المحارب بالأقصر ؛ وهو يقع خلف مدينة هابو ؛ويبعد عنها 1 كم غربا ويصل بينهما مدق ممهد لسير العربات ؛ويتكون الدير من مبني الكنيسة القديمة وبعض القلالي ؛ ويوجد بداخل حوائط الكنيسة بعض الأحجار الفرعونية المأخوذة من المعابد الفرعونية الموجودة في البر الغربي من مدينة الأقصر .
ولقد ذكره القمص عبد المسيح المسعودي ( 1848- 1935 ) تحت أسم “دير الشهيد تاودروس المحارب وهو تادرس المشرقي بالجبل الغربي بحاجر ناحية البعيرات فقال عنه “بمديرية قنا بين قنا وقوص ؛ وهو قديم ؛وفيه كنيسة يصلي فيها قسوس البعيرات .بكرسي مطران إسنا .
خبرنا عنه جاورجي باخوم .
وذكر في سجل الكنائس باسم دير بعيرات في كرسي إسنا ” .
ولقد كتب عالم القبطيات الدكتور رؤوف حبيب ( 1902- 1979 ) في كتابه “تاريخ الرهبنة والديرية في مصر وآثارهما الإنسانية علي العالم ” عن هذا الدير فقال عنه ” دير بمعبد مدينة هابو في طيبة أنشيء به دير علي أسم القديس ثيودور وبه كنيسة علي أسمه أيضا وترجع إلي القرن الثاني عشر ” .
والجدير بالذكر أن عالم المصريات لبيب حبشي (1906- 1984 )
مدفون جسده في هذا الدير بناء علي وصيته ؛حيث كتب في وصيته فقال ” عندما يحين أجلي سأرقد في قبر صغير في دير قديم يسمي دير المحارب فوق جبانة طيبة “.
ولقد كتب عنه اوتو ميناردس في الكتاب السابق الاشارة اليه فقال عنه ” يقع دير الشهيد تادرس المحارب علي بعد خمسة كيلو مترات غرب معبد مدينة هابو ؛وبعد دخول الدير يمر الزائر عبر ساحة صغيرة تؤدي إلي الكنيسة ؛وتنقسم كنيسة القديس تادرس إلي خمسة أقسام من الشرق إلي الغرب .
في أقصي الشرق توجد الهياكل الأربعة ؛وهي مكرسة علي أسماء : السيدة العذراء ؛القديس كلوديوس ؛القديس تادرس ؛والملاك ميخائيل ؛وأحجبة الهياكل مزينة برسوم حديثة ؛ويتكون سقف الكنيسة من سبعة عشر قبة معقودة بها نوافذ للإضاءة ؛وتقع المعمودية في الطرف الجنوبي للكنيسة .
ونذكر أيضا من ضمن الأديرة الأثرية الشهيرة التي علي أسم الشهيد تادرس المشرقي نذكر دير تاوضروس المشرقي بالصوامعة شرق أخميم ؛ ويرجع تاريخ إنشاء هذا الدير إلي عصر الملك قسطنين وأمه الملكة هيلانة ؛
ولقد تم بناء هذا الدير علي النظام البيزنطي الذي يعتمد علي شكل القباب ؛ولقد أهتم بإعادة بناء هذا الدير البابا كيرلس الرابع الملقب بأبو الإصلاح حيث قام بإستدعاء أثنين من الآباء الرهبان من دير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر من أجل إعادة تعمير هذا الدير ؛ويوجد بالدير معمودية أثرية يقال أنها ترجع إلي تاريخ بناء الدير نفسه
كما يوجد بالدير عمودان أثريان يحملان القبة الرئيسية للدير ؛ ويوجد بالدير مجموعة رائعة من الأيقونات الأثرية النادرة .
ولقد أهتم المتنيح قداسة البابا الأنبا شنودة الثالث (1971- 2012 ) بإعادة تعمير هذا الدير أهتماما كبيرا جدا .