الأربعاء , نوفمبر 20 2024
حبيب نادي

لـكِ يـا مصْـرُ السـلامة إنْ رَمـَى الـدهـرُ سِـهـامَـه، أتّـقيـهـا بـفـؤادي، واسْـلـمِي فـي كـُلِ حـيـن.

إنْ رَمـَى الـدهـرُ سِـهـامَـه، أتّـقيـهـا بـفـؤادي، واسْـلـمِي فـي كـُلِ حـيـن.

مالك يا بلدي شكلك حزينة الأيام دي؟ مش طابعك ولا لونك.

زي ما تكوني مَهّمومة، زعلانة، يمكن غضبانة! صح ؟ ولا أنا بطلت أحس بيكي؟ أبدًا صدقيني.

أنا حاسس بزعّلك وحزين على حزنك وفاهم وعارف مالك! طب أقولك حاجة يمكن تطْيب قلبك؟

بحبك يا بلدي، أيوه بحبك، وعلى فكرة يا بلدي يا وطني يا غالية! مش أنا بس اللي بحبك، فيه كتير أوي بيحبوكي، وأكتر مني.

بس هم مش بيقولوا، مش بيعبّروا.

حافظين حُبك في صدورهم، وفي عقولهم مقررين أنهم هايعملوا كل حاجه لخيرك

صبح شغالين وبالليل سهرانين، وعمرهم ما هيعملوا حاجه تكسر قلبك وتِحْزنك.

عارفة يا بلدي؟ فيه كتير أوي مُخلصين ليكي جدا.

صدقيني، من كل الأعمار والمستويات والخلفيات.

صغْير وكبير، ولد وبنت، راجل شهم و أجدعها ست، بيفك الخط بالعافيه ومثقف واخد أعلى شهادة، عامل بسيط عايش يوم بيومه أو رجل أعمال عنده مليارات.

طب أقولك على حاجة يا بلدي! فيه اللي بيحبوكي حتى وهما بعيد عنك

في الناحية التانية من الكرة الأرضية، مشتاقين ليوم يرجعوا فيه يشوفوا الأهل والصحاب

يقعدوا على قهوة بلدي يشربوا شاي أو عِنّاب، يمشوا في شوارعك حتى لو شمّوا حَبة تراب

ويمكن رجليهم تأخدهم لقبر مدفون فيه أغلى الأحباب، أو يسهروا سهراية مع الغاليين

هاتك يا ضحك وحكاوي ولحد الصبح سهرانين، في إسكندرية أو السخنة أو حتى في البرهمانية مبلبطين

أكلة كشري أو كباب أو على عربية فول واقفين.

يتمنوا بس يعدوا من قدام البيت القديم والحتة اللي كانوا فيه ساكنين.

لحد ما يجي يوم ما يكونوا خلاص راجعين

تبقى الدِمعة خلاص هاتنزل من نني العين، أيوه راجعين على بلاد فيها نظام ونضافة وحبة قوانين

تضمن ليهم أنهم يعيشوا مرتاحين متأمنين، لكنهم كمان جواهم عارفين أنهم للدفا مفارقين، وللجدعنة والشهامة مودّعين، ولذكريات الطفولة والصبا والشباب مليانين بالحنين.

لكن أرجع تاني يا غالية للي عايشين جوه. بصي! أنا عارف أنه فيه كتير طمعانين فيكي، وكتير كمان عاوزين يوقعوكي، وللأسف بقى فيه منهم عايش جواكي، ماشي على أرضك، بيشرب من نيلك وبياكل من خيرك.

ماتزعليش! مش جديد عليكي.

ياما حصل، وياما دقت على الراس طبول.

من زمان، مرة يجولك من البحر الأساطيل راكبين، ومرة من البر دبابات ومدافع وجنود راجلين، ومرة من الجو بطيارات ومروحيات وصواريخ للقارات عابرين.

ولا عدو منهم قدر يوقّعك أو يكّسرك حتى لو قعدوا كام سنة مُحْتلين.

كلهم هزمتيهم وتحت الرجلين والبيادة كانوا منداسين.

خرجوا مهزومين متهانين ومشيوا يجروا أذيال الخيبة بخُفى حنين، لكن عارفة يا بلدي هما إزاي الأيام ديه راجعين؟

مش بقنبلة ولا لغم ولا مسدس ولا بندقية حاملين، راجعين بشوية زراير في موبايل أو على لوحة مفاتيح مرصوصين، وشاشة وراها مئات والالاف اللّجان متنطورين، في كل موقع وكل منصة وكل شات راشقين

هاتك يا زيف وكدب وأحيانًا مع جزء من الحقيقة خالطين، كل ده عشان يبثْوا سموهم في عقول وصدور المشاهدين والمتابعين.

الصراحه! عندك حق تزعلي لأن فيه كتير من ولادك صدّقوهم، وبحكاياتهم وأفلاماناتهم

قدروا من ناحيتك يغيروهم، لكن عاوز أقولك مفاجأة سارة يا بلدي! اللي في الغيط بيسقى الزرعة، واللي قاعد بيدرس ويذاكر تحت لمبة جاز والعه، واللي واقف سهران في إيده سلاحه بيحرس الجبهة، واللي واقف بال 12 ساعة بيعمل عملية لمريض حياته كانت رايحة، واللي ماقامش من قعدته طول اليوم بيخطط لرحلة للأطفال طالعه

واللي بيشرح في الفصل شوية دروس لأجيال عشان تطلع فاهمة، واللي واقف قدام النار عشان يأكل لقمته من نقطة عرق من جبينه نازله

أو قاعد في إجتماع بيخطط لطريق ولا نفق وفات عليه ميعاد الأكلة، ورياضي بيتمرن ويكّد عشان نشيدك يتغنى وسيرتك للسما تكون طالعه، واللي نازل في إنصاص الليالي بيصلح ماسورة مكسورة والناس في سرايرها نايمة.

عارفة يا بلدي؟ الناس دي موجود منها كتير، وكتير أوي ، وكتير اوي أوي أوي لحد الصبح، أسواني، إسكندراني، بورسعيدي وصعيدي، شرقاوي وجيزاوي، سيناوي وبحيري، من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها، بطرف العين بس شاوري، هاتعرفي اد ايه بيحبوكي.

يمكن مش بيقولوا، مش بيعبّروا، يمكن كمان مش بيعرفوا يرسموا ولا بيغْنوا.

أقولك على حاجه يا بلدي! عارفه الناس ديه عاوزه تقول ايه؟

عاوزه تقول الكلمات اللي قالها في يوم من الأيام الشاعر: جَـانِبـي الأَيْسَـرُ قـَلْبُـه الفُـؤَاد، وبِـلادِي هِـيَ لـي قـَلْبِـي اليَمِيـن، لكِ يا مصْرُ السـلامـة، وسَـلامًـا يا بلادي، إنْ رَمَـى الدهـرُ سِهَـامَه، أتّـقِـيـها بفـؤادي، واسْلَمِـي في كُلِّ حيـن. أيوه .. أتّـقِـيـها بفـؤادي، واسْلَمِـي في كُلِّ حيـن.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!

كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.