الجمعة , نوفمبر 22 2024
Hany Sabry
هاني صبري

هل يحمي قانون أعالي البحار والقانون الدولي أمن وحرية الملاحة في البحر الأحمر ؟

هاني صبري – الخبير القانوني والمحامي بالنقض

شنت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا غارات على مواقع تابعة للحوثيين في اليمن عبر ضربات من الجو والبحر، وذلك ردا على هجمات نفذتها الجماعة على سفن في البحر الأحمر.

وتسببت هجمات الحوثيين في تعطيل حركة التجارة الدولية وأجبرت شركات شحن عالمية على قطع الرحلة الأطول حول الطرف الجنوبي لقارة أفريقيا لتجنب الاستهداف. وأثارت زيادة تكلفة عمليات نقل السلع والشحنات مخاوف من موجة جديدة من ارتفاع التضخم في العالم.

تجدر الإشارة إن أستراليا والبحرين وكندا وهولندا دعمت عملية الولايات المتحدة وبريطانيا ضد الحوثيين، كما سعت واشنطن لتصوير الضربات الجوية على أنها تأتي في إطار جهود دولية لإعادة حرية تدفق التجارة في البحر الأحمر الذي يشهد نحو 20 بالمئة من عمليات الشحن الدولي.

وأدانت الحكومة اليمنية هجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الأحمر.

جدير بالذكر ان جماعة الحوثيين جماعات مسلحة مدعومة من إيران في المنطقة

تأسست في أواخر التسعينيات، من يد عائلة الحوثي في أقصى شمال اليمن

حركة إحياء ديني للطائفة الزيدية الشيعية التي حكمت اليمن يوما ما في السابق، لكن معقلها في شمال البلاد.

وتصاعدت الخلافات مع الحكومة اليمنية ، وسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء.

وانطلاقا من الشعور بالقلق من النفوذ المتزايد لإيران بالقرب من حدود السعودية، تدخلت المملكة على رأس تحالف مدعوم من الغرب في مارس 2015 دعما لحكومة معترف بها دوليا تساندها الرياض.

وهناك تهديد من الحوثيين على حركة الملاحة في البحر الأحمر حيث ارتكب الحوثيين 27 هجوم على الملاحة في البحر الأحمر واستهداف السفن.

وهنا يثار تساؤل عن أزمة المضايق ؟ وكيف يحمي القانون الدولي حرية الملاحة؟.

يُعرف القانون الدولي العام المضيق الدولي بأنه الممر المستخدم للملاحة الدولية بين جزء من أعالي البحار أو المنطقة الاقتصادية الخالصة وجزء من أعالي البحار أو المنطقة الاقتصادية الخالصة.

هذا التعريف الذي يمثل ما استقر عليه العرف الدولي في تعريف المضيق ينطبق على مضيق باب المندب .

وقد حددت منظمة الملاحة الدولية فيه ممرات ملاحية ونظاماً للفصل بين حركة الدخول والخروج للسفن المارة في مياهه.

في المقابل يعتبر نظام المرور العابر ونظام المرور البريء أحد أكثر وأهم الأنظمة والقواعد القانونية استقراراً وتفصيلاً في القانون الدولي العام للبحار.

حيث تتضمن هذه القواعد تفاصيل بحقوق وواجبات السفن والطائرات أثناء المرور العابر كما تتضمن كذلك حقوق وواجبات الدولة الساحلية المطلة على المضيق أو تلك التي يتم في بحرها الإقليمي ممارسة حق المرور البريء.

في تقديري الشخصي هناك مسؤولية للحوثيين عن الانفجارات التي وقعت في مياه المضيق وفقاً لقواعد القانون الدولي واتفاقية قانون البحار لعام 1986، ولا يملك الحوثيين كدولة مشاطئة وقت السلم حق عرقلة هذا المرور العابر أو إيقافه أو تقييده .

ولا يحق لأي دولة مشاطئة لمضيق دولي أن تنكر أو ترفض نظام المرور العابر بحجة أنها تدعم دولة ما أو أنها ليست طرفاً في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار .

وقد أكدت محكمة العدل الدولية في نزاعات سابقة أن الدولة المشاطئة لا تملك الحق في عرقلة أو منع أو تعطيل هذا المرور العابر في مياه المضيق الذي تطل عليه حتى لو كانت مياه هذا المضيق أو القناة تشكل جزءاً من بحرها الإقليمي.

وأضافت المحكمة بأن هناك التزاماً قانونياً على الدولة المشاطئة أن تعلن عن أي مخاطر ملاحية في المضيق أو الممر حتى تتمكن السفن العابرة من اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتأمين عبورها لهذا الممر.

بموجب اتفاقية قانون البحار لعام 1986، يحق لسفن وطائرات جميع الدول في المرور العابر (أو ما يسمي بالترانزيت)، ويقصد بهذا المرور حرية الملاحة بغرض العبور المتواصل السريع في المنطقة، أو المرور من أو إلى دولة أخرى تطل شواطئها على المضيق، مع مراعاة تشريعات تلك الدولة المتعلقة بالدخول في مياهها الإقليمية، حيث نصت الفقرة الأولي من المادة (38) على الآتي:

“تتمتع جميع السفن والطائرات في المضايق المشار إليها في المادة (37) بحق المرور العابر الذي لا يجوز أن يعاق، إلا أن المرور العابر لا ينطبق إذا كان المضيق مشكلاً بجزيرة للدولة المشاطئة للمضيق وببر هذه الدولة، ووجد في اتجاه البحر من الجزيرة طريق في أعالي البحار، أو طريق في منطقة اقتصادية خالصة، يكون ملائما بقدر مماثل من حيث خصائص الملاحة والهيدروجرافية”.

فإذا طبقنا أحكام المادة (37) والمادة (38)، نجد أن المرور العابر ينطبق على باب المندب أو المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، حيث إن مضيق باب المندب يصل بين جزء من أعالي البحار أو منطقة اقتصادية خالصة، وجزء أخر من أعالي البحار أو منطقة اقتصادية خالصة، حسب منطوق المادة (37).

وما هي واجبات السفن والطائرات أثناء المرور العابر ؟ وضعت أحكام المادة (39) من اتفاقية أعالي البحار لعام 1982، واجبات السفن والطائرات أثناء المرور العابر.

أ. على السفن والطائرات، أثناء ممارستها حق المرور العابر

(1) أن تمضي دون إبطاء خلال المضيق أو فوقه.

(2) أن تمتنع عن أي تهديد بالقوة أو أي استعمال لها ضد سيادة الدولة المشاطئة للمضيق، أو سلامتها الإقليمية، أو استقلالها السياسي، أو بأية صورة أخري، انتهاكاً لمبادئ القانون الدولي .

(3) أن تمتنع عن أية أنشطة غير تلك اللازمة للأشكال المعتادة لعبورها المتواصل السريع، إلا إذا أصبح ذلك ضرورياً بسبب قوة قاهرة أو حالة شدة.

(4) أن تمتثل لما يتصل بالأمن من أحكام أخرى في هذا الجزء.

ب. على السفن المارة مروراً عابراً

(1) أن تمتثل للأنظمة والإجراءات والممارسات الدولية المقبولة عموماً للسلامة في البحر، بما في ذلك الأنظمة الدولية لمنع المصادمات في البحر.

(2) أن تمتثل للأنشطة والإجراءات والممارسات الدولية المقبولة عموماً، لمنع التلوث من السفن وحفظه والسيطرة عليه.

ج. على الطائرات المارة مروراً عابراً

(1) أن تراعي قواعد الجو الموضوعة من قِبل منظمة الطيران المدني الدولية، والمنطبقة على الطائرات المدنية، وتمتثل الطائرات الحكومية بصورة اعتيادية لتدابير السلامة هذه، وتقوم بنشاطها في جميع الأوقات، مع التزام المراعاة الواجبة لسلامة الملاحة.

(2) أن ترصد في جميع الأوقات الذبذبة اللاسلكية المحددة من قِبل السلطة المختصة المعينة دولياً لمراقبة الحركة الجوية، أو الذبذبة اللاسلكية الدولية المخصصة لحالات الشدة.

وماذا عن حقوق الدول المشاطئة للمضيق قد منحت الاتفاقية لتلك الدول مجموعة من الحقوق وردت في المادتين (41)، (42) من الاتفاقية، :

أ. الحق في تعيين ممرات بحرية في المضيق، وأن تقرر نظماً لتقسيم حركة المرور حين يكون ذلك لازماً لتعزيز سلامة مرور السفن.

ب. أن تحل، عندما تقتضي الظروف ذلك وبعد أن تعلن عن قرارها الإعلان الواجب، ممرات بحرية أخرى ونظماً أخرى لتقسيم حركة المرور محل أي من الممرات البحرية، على أن تتطابق هذه الممرات البحرية وتنظيم تقسيم حركة المرور مع الأنظمة الدولية المقبولة عموماً.

ج. الحق في وضع قوانين ونظم بشأن سلامة الملاحة وتنظيم حركة المرور البحري العابر، ومنع التلوث وخفضه والسيطرة عليه، ومنع الصيد.

د. الحق في وضع قوانين وأنظمة تكفل حماية المصالح الجمركية، أو الضريبية، أو المتعلقة بالهجرة، أو الصحة.

إلا أن الاتفاقية أوجبت على الدول المشاطئة للمضيق أن تُعلن عن هذه القوانين والأنظمة، وعلى السفن الأجنبية أن تمتثل لهذه القوانين والأنظمة، عند ممارستها حق المرور العابر؛ فإذا تصرفت أي سفينة أو طائرة تتمتع بالحصانة السيادية على نحو يخالف هذه القوانين والأنظمة، فإن دولة علم السفينة أو الدولة التي تم تسجيل الطائرة فيها تتحمل المسؤولية الدولية عن أية خسائر أو ضرر يلحق بالدولة المشاطئة للمضيق.

وألزمت المادة (44) من الاتفاقية، الدول المشاطئة للمضايق ألا تعيق المرور العابر، وأن تقوم بالإعلان المناسب عن أي خطر يكون لها علم به يهدد الملاحة، أو التحليق داخل المضيق أو فوقه، ولا يتوقف المرور العابر.

مما تقدم، وبموجب أحكام اتفاقية قانون البحار لعام 1986، فإن على الدول المشاطئة لمضيق باب المندب أو المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وهي الجمهورية العربية اليمنية، وجيبوتي، والصومال، وإريتريا، الالتزام بأحكام المرور العابر المنصوص عليها في الاتفاقية.

وإن ما تقرر لها من حقوق بهذا الشأن، وكذا ما تقرر على السفن التي تمر بالمضيق أو الطائرات التي تعبره من واجبات، إنما يهدف بالدرجة الأولى إلى ضمان استمرار الملاحة في المضيق حرة وغيره معوقة، شأنه شأن باقي المضايق التي ينطبق عليها هذه الوصف.

ونأمل وقف هجمات الحوثيين في أسرع حفاظاً على أمن وحرية الملاحة في البحر الأحمر، وحماية الاقتصاد العالمي وأن يحل السلام العادل والشامل العالم بأسره.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

قومى استنيرى

كمال زاخر رغم الصورة الشوهاء التى نراها فى دوائر الحياة الروحية، والمادية ايضاً، بين صفوفنا، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.