عمومًا هو ده رأي عريسها فيها، مش رأي المعازيم أو الجيران أو حتى القرايب.
أو شايفنها زي القمر فعلًا، بس من حيث ان القمر كوكب مظلم في أصله! وشايفنها كده زي ما بيقولوا : لا مال ولا جمال.
لكن نعمل ايه بقى في العريس اللي شايفها كده؟ والحقيقة الموضوع لا يخضع لمقولة “مراية الحب عميا” لأن عريسها مش من النوع اللي تخدعه المظاهر أو ممكن يتبلف بكلمتين حلوين أو تسبيلة عين.
بالعكس بقى، عريسها شاب جميل ووسيم، قليل ما تلاقي وسط الشبان شاب في جماله، تشوفه وهو ماشي تقول: ملك ابن ملك، حقيقي.
مع إنه في منتهى البساطة، لبسه بسيط، أكله بسيط، الأماكن اللي بيروحها اماكن عادية، واقل من العادية كمان
حتى اغلب كلامه تلاقيه مع الناس البسيطة والمهمشين والوحشين والغلابه! لما تشوفه قاعد بيتكلم مع حد، يشدك اسلوبه، طريقته في الكلام، نظرات عينه للشخص اللي بيتكلم معاه، نبرة صوته اللطيفة والقوية، الفاظه اللي كلها رُقي، لفتاته، حركة ايديه وهو بيشرح ويوضّح اللي بيقوله.
لو ولد صغير قاعد قدامه بيسمعه أو شيخ كبير، الإتنين هيفهموه، هيحسوه. أصل الفكرة مش بس في الكلام، الفكرة الأكبر في الشخص نفسه، الهِيبَه، الكاريزما، القوة، الحنيّه، الطيْبه، الحِكمة، المَنطق، الحْق. كل الحاجات ديه واكتر بكتير تحسها، تلمسها، تشوفها، ده انت ممكن كمان تشمها وانت بتتعامل مع العريس.
يا نهار أبيض! احنا نسينا العروسة!! نرجع بقى لعروستنا الجميله، أو عروسته هو، احنا مالناش دعوة! الصراحه وبيني وبينكم، الناس يمكن يكون عندها حق، مش عارف هو حبها على ايه! بس هو كده، اللي عينه جميله بيشوف كل اللي حواليه جميل، اللي قلبه فيه نور بيحب ومابيعرفش غير انه يحب.
يوووه! نسينا العروسة تاني! كل ما أجي أتكلم على العروسة، الكلام يروح للعريس.
خليني أكون أمين وواضح وكمان صريح، العروسة بمقاييس الجمال مش حلوة! بمعايير الحلاوة والإفتتان هاتاخد اقل من النص بكتير، وبعدين ولا مهاره ولا شطاره، بالبلدي كده مفيش أماره. انا عارف ان رأيي صدمك.
عارف اننا دايما بنحاول نجمّل كلامنا ونجامل في كلامنا، بس أصل ديه جوازه، وانا شايفها بالشكل ده هاتتحول لجنازة. وفجأة…، العروسة إتسجنت! ايوه بجد دخلت السجن. وياريت على كده وخلاص، لأ.. ديه محكوم عليها بالإعدام كمان! اصل الحكاية إن العروسة طلع عليها كام قضية قديمة، إشي قتل، إشي خيانة أمانة، إشي تزوير، على حبة سرقة وحاجات تانيه مش هينفع تتقال! ورغم إنهم جابولها محاميين كتير، إلا إن القضية كانت لابساها، لأنها كانت فعلًا مُذنبة، والقاضي حكم عليها بالإعدام!
ويجي يوم تنفيذ الحكم، والعروسة ملبسينها فستان أبيض في أبيض، والسّياف واقف وسيفه حامي بيلمع، وبعد ماغمّوا عينيها وربطوها ونيموها على الخشبة وكتفوها، والسّياف بيستعد، و يرفع سيفه لفوق عشان ينزل على رقبتها، فجأة.. القاضي والعساكر اللي حواليه والموجودين سمعوا صوت بيصرخ من بعيد:
إستنى يا حضرة القاضي .. أستنى يا حضرة القاضي! بيبصوا، لقوه العريس! جاي جري وماسك في ايده حاجه، عامله زي ماتكون رسالة من بتوع زمان اللي معموله من جلد أو ورق بردي.
يرفع القاضي إيده ويشاور للسيّاف انه يستنى، ويفتح القاضي اللفافه ويقراها. ومن غير ماحد من الواقفين يفهم، يشاور القاضي للعساكر اللي حواليه ويقولهم: فكوها، وأربطوه مكانها! تقوم العروسه مذهولة، متاخدة، متفاجئه. مش مصدقه نفسها، السيف كان خلاص نازل يقضي على حياتها.
لكن في الوقت التمام،
يجي العريس الهُمام،
ماسك في ايده صك العبودية،
واداه للقاضي وقاله انا مش هي،
عارف انها مذنبه وخاطية،
لكنها حبيبتي ونفسي عن موتها مش قابله،
أدفع أنا التمن وحياتي فداها،
ويحطوا العريس على الخشبه قدامها،
والعروسة واقفه مذهوله مرعوبه مش قادرة،
تستوعب انه فيه حب كده لواحده الناس شايفنها انها زانيه،
وينزل سيف العدل على اللي مايستحقش،
عشان يحقق الرحمة والحرية للي ماتستحقش،
والفستان الأبيض بقى لونه أحمر،
ده لون دم حبيبها اللي عن خلاصها ما اتأخر.
ومات العريس!
والصويت والبُكا واللطم اشتغل، ، الأطفال اللي ياما العريس كان بيضحك ويلعب معاهم كانوا بيصرخوا من الحزن، ده حتى الرجالة كانت بتبكي.
وفي وسط ما الدنيا مقلوبة، والهرج والمرج بيعج في المكان، والشمس غابت والضلمة ملت المكان، الناس فجأة مش لاقية العريس، ناس يقولوا ده احنا دفناه بإيدينا، وناس تقول ده كان قاعد بياكل وسطينا! وفجأة وفي لقطة ماتحصلش ولا في الخيال، الناس تشوف العروسة أم فستان أحمر، متشعبطة في دراع عريسها، ماشيه جنبه ولا كأنها في يوم زفتها، وفجأة الزعاريد تشتغل، والناس بقيت فرحانة، والعيال الصغيرة طايرة من الفرحة.
المنظر الصراحة مَهيب، عريس وشه منور أكتر من نور الشمس، ماشيه جنبه عروسته، اللي هو وحده شايفها، عروسه زي القمر!