تفتح نشرة الاخبار تلاقهم بيقولوا خبر عن موضوع أو شخصية عامة أو سياسية، لو قلبت القنوات هاتلاقي برنامج توك شو بيتكلم عن نفس الموضوع وبيقول حاجه في الاتجاه المُعاكس، ولو دخلت على المنصات الالكترونية
تدْور عن نفس الموضوع، هاتلاقي كلام تاني خالص غير اللي هنا وهناك! ولو الكلام عن شخص مثلًا، في مكان تلاقي الشخص ده ملاك، وفي مكان تاني تلاقيه شيطان، وفي مكان تالت تلاقيه وطني مخلص، وفي مكان رابع تلاقيه عميل مزدوج!
وانت وأنا وكل اللي حوالينا بنتأثر باللي بنسمعه ونشوفه ونقراه، وبعد ما بنتأثر، بيتْكون جوانا وجهة نظر ومُعتقد معين وأفكار، والافكار ديه في الأخر بتترجم لأفعال وتصرفات ومواقف.
وأكيد أكيد كل حد فينا جواه مساحة من الإخلاص، وعاوز يوصل للحقيقة، وعاوز يعمل الصح.
لكننا هنا بنقف قدام مبدأ مهم جدًا بيقول: “مابُنيَ على باطل فهو باطل”. وساعات المبدأ ده بيكون بداية الصراع
و الخِلاف بين الأطياف والفرق والجماعات المختلفة في أي مجتمع، وكل فريق أو جماعة بتقول عن نفسها انها بتملك الحق، وغيرها مضحوك عليه وتم التغرير بيه وخِداعه.
وتقوم صراعات وخناقات ومناوشات الكترونية بالقول، وأحيانًا بالفِعل! ولو انت مالكش في الموضوع، ساعات ده بيديك فرصة انك تشوف الموضوع من بره، وتتفرج على الفريق ده والفريق التاني، وتلاحظ اد ايه كل فريق بيتفنن في إظهار ان الفريق التاني غلط ومضحوك عليه وهو اللي صح، وتلاقي مقالات وأفلام تسجيلية ومقاطع فيديو وخرايط وصور وأحيانا صور أقمار صناعية!
الحاجة الغربية بجد والمُثيرة للدهشة، انه أوقات تلاقي الفريقين اللي بتصارعوا بيستخدموا نفس المصادر والمراجع من الصور او الفيديوهات أو غيرها، لكن كل واحد بيقدم تفسير وشرح وقراءة مختلفة عن التاني بحسب وجهة نظره.
وهأفترض انك هاتتجرأ وهاتبتدي تحاول تدور ورا الموضوع وتعرف عنه اكتر.
سؤالي هنا: فين المصدر اللي هاتروحله عشان تبني فكرة واقعية سليمة متوازنة حقيقية ؟
نشرات الأخبار اللي أصبحت كتيرة جدا باللغة العربية على الرغم انها تابعة لبلدان تتحدث بلسان غير عربي؟!
ولا برامج التوك شو اللي بيهمها حجم الاعلانات المُصاحب للبرنامج ؟ ولا المنصات زي الفيس واكس وانستجرام وغيرهم واللي انا وانت مش عارفين اللي بيكتب ده شخص ولا الواحد وقع في لجنة؟ ولا هتكون دحيح شوية وهاتدخل في سكة الكتب و المراجع؟ حتى موضوع الكُتب
والمراجع، هاتلاقي كُتب لناس مشاهير وذو قامه بيقول حاجه في موضوع معين أو عن شخصية معينه، وهاتلاقي برضه كُتب و مراجع لمشاهير وذو قامه برضه بتكلموا العكس!
ولو أنت لسه محتفظ بنفسك في وضع التوازن، ولم تنحاز لصالح كفة ضد التانية، قد تنابك حالة من الجنون والشطط نتيجة حقيقة واضحه وضوح الشمس:
انه مفيش موضوع أو شخصية بيجمع عليه الكل! يمكن ماعدا حقيقة واحدة: “إن الأرضُ كرويٍة تدورُ حولَ نفسِها”.
تصدق بقى ان الحقيقة ديه كانت في يوم من الأيام محل صراع ونزاع ما بين العلماء والمفكرين؟!
طب ده يقولنا ايه في سبيل الوصول للحقيقة ؟ يقول: أنه احيانا عشان الحقيقة تظهرو تبان، ده بيحتاج وقت طويل، واحيانًا طويل جدًا كمان.
ويقول كمان كل ما احتفظت بنفسك في المنطقة المحايدة، هاتقدر عينك تشوف احسن.
كمان لازم البحث يكون في مصادر كتيرة قديمة وجديدة ومتنوعة. والاحتفاظ بنظرية : “رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأيك خطأ يحتمل الصواب”، وأخيرا وليس أخرا، الحق اكيد موجود، لكن الوصول إليه لي بالأمر الهين.
خصوصا اذا كنا نحيا في عالم جزء ليس بقليل منه، عالم كدابين.