أعلم أن السؤال يبدو صادمًا وسخيفًا..ولكن اصطبر قليلاً عزيزي القاريء وتمهل ولا تندفع في أحكامك. في الوقت الذي تتضاعف فيه وتيرة الحديث عن الذكاء الاصطناعي، وكيف أنه سوف يحل بديلاً عن الإنسان في آلاف الوظائف، ظهر تقرير علمي مؤخرًا يقول: إن باحثين دنماركيين طوروا برنامجًا في الذكاء الاصطناعي يتنبأ بموعد وفاة الإنسان بدقة قد تصل نسبتها إلى 79%..وهذه نسبة ليست قليلة، ما يعني توغلاً على صلاحيات ملك الموت!!
وبحسب التقرير..فإن البرنامج يستند في تنبؤاته علىى معلومات وبيانات ضخمة، يتم إدخالها إليه، من بينها: الصحة والتعليم والعمل والدخل، ويضعها في اعتباره.
الباحثون في الجامعة التقنية بالدنمارك بحسب التقرير- اعتمدوا على بيانات 6 ملايين شخص بين عامي: 2008 و2020، لتدشين نموذجهم “Life2vec”، القائم على التقنية ذاتها في تطبيق “شات جي بي تي” التابع لشركة “أوبن إيه آي”.
وكما يقول التقرير..فإنه قد تم تدريب الروبوت الدنماركي باستخدام بيانات ضخمة حتى العام 2016، ثم تم اختباره على مدى السنوات الأربع التالية حتى عام 2020، بمشاركة أشخاص تراوحت أعمارهم بين 35 و65 عامًا، وتوفي نصفهم خلال تلك الفترة، حسب ما ورد في موقع “ميرور” البريطاني.
اللافت في الأمر.. أن التجربة الدنماركية في عملية التنبؤ بآجال البشرية ليست الأولى من نوعها، فقد سبقتها تجارب أخرى عديدة ومحاولات حثيتية، ولكن نسب الدقة فيها كانت أقل كثيرًا، ثم سرعان ما طوتها يد النسيان؛ بعدما أيقن أصحابها عبث ما يفعلون، بل إن كثيرًا منهم لم يجد أمام هذا العجز المطلق سوى الإيمان بالله الواحد القهار الذي خلق الموت والحياة وانفرد وحده بأسرارهما.
لأن الموت من الأمور الغيبية التي لا تزال البشرية تعجز عن فك شفراتها، رغم الطفرات العلمية الهائلة- فإن الإنسان لا يزال مهمومًا ومشغولاً به، ويسعى دائمًا إلى إقحام نفسه فيه؛ افتنانًا وغرورًا.
وخضع الموت لمحاولات علمية عديدة، وكتابات فلسفية معقدة، جميعها انتهى إلى لا شيء، ولا يزال الموت وسوف يبقى لغزًا محيرًا للعقول والألباب..كفى بالموت واعظًا يا عمر! وتبقى آيات الموت في القرآن الكريم –وما أكثرها- من الآيات الإعجازية الدالة على وجود الله سبحان تعالى، وعلى مصداقية القرآن الكريم، وأنه من عند الله وحده، وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأنه لا أحد يعرف كُنه الروح وأسرارها سوى خالقها، مهما تعظمت التقنيات الحديثة وعلا شأنها.
هذه الطفرة التكنولوجية يجب أن يظل توظيفها في خدمة الحياة ورفاهيتها، دون أن تقحم نفسها في بحر بلا شطآن أو نفق لا نهاية لها، سوف تخرج منه خاسرة.
لقد حملت آيات الموت في القرآن الكريم تحديًا عظيمًا للبشرية، فلا أحد علم على وجه اليقين متى ولا كيف ولا أين سوف يموت، مهما أوتي من علم. ولا أحد مهما فعل وتحصَّن في بروج مشيدة نجا من الموت، بل إن العلماء والعباقرة الذين اكتشفوا عقاقير طبية للوقاية من أمراض خطيرة، أو تخصصوا في علاجها والتحذير منها طوال عمرهم، لم يحموا أنفسهم منها، وتسلل الموت إلى أرواحهم من خلالها..وفي ذلك عبرة بالغة لمن أراد أن يعتبر، وعظة عظيمة لمن أراد أن يتعظ، ولكن أكثر الناس لا يعقلون.
إن تقنيات الذكاء الاصطناعي الهائلة لن تنجح على سبيل الدقة في فك ألغاز الموت بإشكالياته المتعددة: توقيتًا ومكانًا وأسبابًا، كما لم ينجح غيرها من قبل. الله وحدَه يعلم ماذا تكسب نفس غدًا، وبأي أرض تموت، وليس روبوت الذكاء الاصطناعي الدنماركي مهما حشدوه بالبيانات والمعلومات والتاريخ المرضي لإنسان ما.
روبوت الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل بديلاً للحانوتي ويقوم بأعمال التكفين والدفن، ولكن حاشا لله أن يكون بديلاً لملك الموت، أيًا كانت التسميات والأوصاف، أو حتى يعلم ما يدور في القبر! سوف يبقى الموت من أعمال السيادة الربانية رغم أنف البشرية، ومهما تعاظم علمها وهو قليل إلى جوار علم الله، وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً.
سوف يبقى الإنسان مفتونًا بأية طفرة علمية جديدة حتى تأتي اللحظة الحاسمة التي يتحقق فيها قول الله تعالى: “حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”.
ملك الموت ..وكل نفس ذائقة الموت …ولكل أجل كتاب الخ الخ كلها مصطلحات دينيه والعلم لا يعترف بها أصلا ويمضى فى طريقه والعلماء يمضون فى االبحث العلمى ولا علاقة لهم بالخرافات الدينيه الاسلاميه أو المسيحيه أو غيرهما ..أما الموت فهو الحقيقه الوحيده فى الحياه ومنذ بدء الخليقه ولا تحتاج للازعاج القرانى أو الازعاج العلمى الذى تسمونه الاعجاز العلمى أو أى كتاب مقدس كى يقول للبشر عن هذه الحقيقه . لا تحاول أن تجمع بين العلم والكتب الدينيه لأن كل منهم فى طريق ومن االإفضل أن لا تحاول الجمع بينهم . الدين يخاطب الوجدان ويعمل من أجل الأخره فقط أما العهلم فهو من أجل البشر على الارض ..انتهى