كشفت سر المومياء الصارخة هناك مومياوتين صارختين، أحدهما لسيدة، والأخري لرجل، ومما زاد من غموض الأمر، أن كلا الموميتين من الأمراء، والموميتين تم العثور عليهما فاغرين أفواههم، يبدو وكأن موتهم شهد رعبًا عظيمًا، ووجه يملؤه الألم، والسؤال عن ذلك الألم الذي لا يزال مستمرا منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة وحتي اليوم.
أعلن عالم الآثار المصري ووزيرها الأسبق، الدكتور زاهي حواس، عن حل لغز “مومياء المرأة الصارخة”، والتي وجدت في الخبيئة الملكية في الدير البحري في الأقصر، وذلك في عام ١٨٨١، عن توصله والدكتورة سحر سليم أستاذة الأشعة بجامعة القاهرة والمتخصصة في أشعة الآثار، لسر موتها، وذلك باستخدام جهاز الأشعة المقطعية،
والذي أكد اصابتها بتصلب شديد في شرايين القلب التاجية، كذلك شرايين الرقبة وشريان الأبهر البطني والحرقفي
وكذلك شرايين الطرفين السفليين والساقين، مما أدي الي تلف عضلة القلب، ما أدى إلى وفاة الأميرة المصرية فجأة بنوبة قلبية وهي لم تتجاوز الستين بعد.
تلك الطريقة التي ظهرت عليها تلك المومياء تحتم علينا
ضرورة معرفة شخصيتها، فقد تم التعرف عليها من خلال تلك اللفائف الكتانية التي كانت تلتحف بها، مدون عليها باللغة الهيراطيقية التعريف الخاص بها، فهي الإبنة الملكية والأخت الملكية “ميريت أمون”، وكان هناك العديد من السيدات حاملات لهذا الإسم الشائع، علي رأسهم ميريت آمون، ابنة الملك سقنن رع، من نهاية الأسرة السابعة عشر 1558- 1553 قبل الميلاد، وكذلك ميريت آمون ابنة الملك رمسيس الثاني 1279-1213
قبل الميلاد من الأسرة التاسعة عشر، لذا أُطلق عليها لقب مومياء المرأة الصارخة الغير معروفة
وقد ماتت بتلك الوضعية التي وجدت عليها، ساقاها مثنية وملتفة عند الكاحل، وتسبب الموت في ميل الرأس إلى الجانب الأيمن وارتخاء عضلات الفك، ما أدى الى فتح الفم، وذلك خلال تعرضها لاحد النوبات القلبية.
ويشير هذا الوضع ان لم يعلم بموتها احد في وقت قريب من وقت الموت، بل تركت حتي تيبست، فلم يتمكن المحنطين من وضع جسدها في حالة الاستلقاء، كما إنهم لم يتمكنوا من تأمين غلق الفم
كما جرت العادة مع باقي المومياوات الملكية، وذلك رغم أن جثمانها نال عناية بالغة من المحنطين
الذين أزالوا الأحشاء ووضعوا مواداً باهظة الثمن، مثل الراتنج ومواد التحنيط المعطرة، كما استخدموا الكتان الطاهر في لف جسدها
ولكنهم لم يتمكنوا من استخراج مخ المومياء، إذ لا يزال يمكن رؤيته بداخل تجويف الجمجمة، إلا أنه يميل إلى الجانب الأيمن، وذلك لوضعية الجسد على هذا الجانب عند الموت وبعد التحنيط.
المومياء الصارخة الثانية
داخل خبيئة الدير البحري الملكية، تم العثور على “مومياء الرجل الصارخ”، التي أثبتت الدراسات الحديثة، بالأشعة المقطعية واختبار الحمض النووي، التي أجراها نفس الفريق العلمي لـ”المشروع المصري للمومياء”
على أنها تعود للأمير “بنتاؤر”، ابن الملك رمسيس الثالث، والذى أُجبر على الانتحار شنقاً، عقاباً له على تورطه في قتل أبيه، الملك رمسيس الثالث، في ما يعرف بـ”مؤامرة الحريم”.مومياء بنتاؤر الصارخة، لم يعامل نفس المعاملة والاهتمام التي عامل بها المحنطون ميريت أمون، فقد عُوقب بعدم تحنيط جثته
كما لف جسده بجلد الغنم، ما يشير إلى اعتبارة نجساً، ليكون مصيره الجحيم في الآخرة، وقد وجد بالفعل علامات شنق على رقبته تتطابق مع النص الموجود ببردية مؤامرة الحريم والتي تسجل قصة المؤامرة على قتل الملك رمسيس الثالث، حتي الملك رمسيس الثالث نفسه، فقد أظهر الفحص الدقيق لمنطقة الرقبة بالأشعة المقطعية أن شخصًا ما كان قد فاجأه من الخلف بطعنة في الرقبة بسلاح حاد ومدبب كالخنجر.
وقد اشترك هو الامير بنتأور في مؤامرة تعرف بمؤامرة الحريم لقتل والده رمسيس الثالث، وذلك بالتعاون ما احد السحرة، حيث قام بادخال تمثال من الشمع للملك رمسيس مشبع بالسحر الاسود، ليصاب الملك بالشلل، وبقيامه باخفاء القتلة الذين سيتسللون للقصر، وقد تم إعدام الساحر في السوق في الميدان كي يكونوا عبرة، ولكن الأمير فتم الحكم علية بالانتحار شنقا، في حين لم يعرف حتي اليوم الطريقة التي عقبت بها الزوجات المشاركات في مؤامرة الحريم تلك.