الأحد , ديسمبر 22 2024
حبيب نادي

إطفي النور وراك وأنت خارج من الأوضة

إقفل الحنفية بعد ماتخلْص، شيل الشاحن من الفيشة بعد ما تشحن الموبايل، ماتقّطعش وردة من على شجرة ،

ماترميش زبالة في الشارع، ماتزوغش من الكمسري في الأتوبيس، ماتنطش من فوق مكنة التذاكر في المترو،

ماتحطش حاجات تقيلة في الأسانسير، إقفل باب العمارة وراك وأنت خارج.

كلها وأكثر منها طلبات وأحيانا تنبيهات أو أوامر بنسمعها من وقت للتاني، إما من اللي معنا في البيت

في صورة توجيه هاديء حازم يشوبه الغضب والتحفز، وأحيانًا في صورة صويت وزعيق!

أو من المسئولين في الدولة في صورة إعلان في التليفزيون أو حملة إعلانية على اليفط في الشوارع، أو يمكن من الجيران في صورة ورقة مطبوعة ومتعلقة على باب العمارة من جوه.


وكل حد منهم عنده هدف.

الناس اللي في البيت عاوزه توفر في فاتورة الكهربا والمية خصوصا والدعم بيترفع بالتدريج.

كمان الدولة في موضوع المية والكهربا بالأخص عاوزه توفر عُملة صعبة بتجيب بيها غاز أو مازوت بيشغل التوربينات اللي بتولّد الكهرباء، وشركات النقل مش عاوزه تخسر وعاوزة كمان تحقق أرباح تجدد القديم اللي شغال

وتجيب عليه جديد، والجماعة بتوع النضافة والبيئة عندهم هدف إن الشوارع إن ماكنتش جميلة على الأقل تكون نضيفة، وسكان العمارة خايفين تتسرق الشباشب من قدام الباب على اقل تقدير.


وهنا بيكون التحدي! والتحدي مش أني أعمل ولا ما أعملش لا التحدي بيكون صوت جوايا بيقول:

“يعني هي جت عليا أنا؟” يعني هي شنطة الزبالة بتاعتي اللي هأرميها في الشارع هي اللي هاتعكر صفو نظافة البيئة؟ ولمبة الحمام اللي نسيتها منوره ـ والحقيقة إني مكسّل أقوم أطفيها ـ هي يعني اللي هاتعمل عجز في الكهرباء اللي طالعه من السد العالي؟ وتذكرة الباص أُم 7 جنية ونص ولا تذكرة المترو هي اللي هاتخسّر الهيئة العامة للنقل البري والجوي؟!


وبعدين ما هو الدنيا تضرب تقلب في أغلب الأماكن اللي بروحها، وغالبًا ما بنزل الاقي باب العمارة مفتوح،

والشوارع ماهياش بتُبرق، وبعدين دية الحكومة ذات نفسها ساعات بتنور عواميد النور في عز الضهر!


وهنا كمان بيصعب الموضوع! لما بشوف نفسي واحد وسط ملايين، نسبة مش قليلة منهم مابيعملوش بعض

أو أغلب الحاجات ديه.

وجوايا فَرضّية في الوعي وكمان في اللاوعي بتقول: أن اللي هأعمله أو مش هأعمله، مش هايفرق كتير أو يمكن مايفرقش خالص.

خصوصا لو محدش واخد باله أو شايفني.


من الناحية الإنسانية الفرضية ديه فيها شِقّين.

الشق الأول مادي، و ليه علاقة بدوري كإنسان مسئول.
طب مسئول عن إيه؟
مسئول عن الأرض!
ايه ياعم الكلام اللي بتقوله ده؟
أيوه صدقني زي ما بقولك كده، الإنسان مسئول عن الأرض.


طبعًا مسئول فيما يخص نطاق وجوده.

ونطاق وجود الشخص العادي الطبيعي بيكون في شقته، وكمان العمارة اللي فيها شقته، والسلم اللي بينزل عليه

أو الأسانسير اللي بيطلع فيه، والطريق اللي بيمشي فيه اللي ما بين بيته وشغله والأماكن اللي بيروحها، المواصلات اللي بيستخدمها.

حدود مسئوليته من ناحية الحفاظ على كل الحاجات ديه وكمان الاستغلال الأفضل للموارد اللي متاحة ما بين ايديه،

سواء كانت كهرباء أو ميه أو سلم أو مدخل عمارة أو شارع بيمشي فيه أو وسيلة مواصلات بيستخدمها.


الشق التاني وله علاقة بالتأثير! واحد من أكبر المُدربين في مجال القيادة على مستوى العالم اسمه جون ماكسويل، الراجل ده والمؤسسة بتاعته بيعلّموا ويدّربوا ملايين الناس حوالين العالم على القيادة، مديرين كبار في

مؤسسات كبيرة وموظفين ومسئولين في الدولة، بيدربوهم على القيادة في كل المجالات، سواء في إدارة الشركات و المؤسسات أو العمل التطّوعي أو على مستوى الحكومات.

الراجل ده بيقول: إننا ممكن نجمّع كل الدورات والكورسات والبرامج والكُتب والمحاضرات اللي بتتكلم عن القيادة في كلمة واحدة وهي: “التأثير”.

وبيقول كمان: إن القائد مش لازم دايمًا يكون في المُقدمة أو في منصِب كبير أو على رأس الهرم، لكن الشخص اللي بيصنع تأثير، ممكن يتصنّف أنه قائد، وده لأنه مؤثر، لأن القيادة هي: التأثير.

والتأثير دايمًا وابدًا بيعمل فرق، حتى لو كان حجم التأثير ده صغير، طال الوقت او قِصر، التأثير بيعمل فرق!


وأفتكر لو الحياة اللي الواحد بيعيشها وكأنها مجرد شارع طويل بيدخله من أوله لما بيتولد، ويفضل بس يتمشى فيه طول حياته واكل شارب نايم، رايح للشغل وراجع من الشغل، بينشر الغسيل ويلم الغسيل، يحوش شوية فلوس ويرجع يصرفهم، يعمل شوية طبيخ لنفسه وياكلهم، يخرج يتفسح ـ ده لو كان فيه فلوس اصلا للفسحه ـ ويرجع مهموم، وكل ده لحد ما يخرج من أخر الشارع من الناحية التانية لما يموت، تبقى ديه حياة ماتستحقش تتعاش، والمشوار ده مالهوش لزمه إنه يتمشي من اساسه!


أفتكر أنه خلال مشواري ومشيّاني في شارع حياتي، انا اللي محتاج أعمل حاجة ، أي حاجة أسيب بيها تأثير،عشان يبقى لحياتي معنى وقيمه وانا عايش، وتأثير أسيبه بعد ما أمشي وأخلّص المشوار بتاعي في الدنيا ديه.


حتى لو كان التأثير ده مجرد إني نضّفت المكان اللي أنا فيه عشان يكون بيئة مريحة لي ولغيري، أو وفرت شوية كهرباء أو ميه هأرجع أنا نفسي أو غيري نلاقيهم لما نحتاجهم، أو سيبت ورده على شجرة يمكن تكون هي الحاجة الجميلة الوحيدة اللي شافها واحد قرفان من عيشته النهاردة، أو حافظت على حق غيري ـ أيًا ما يكون الحق ده ـ أو

التزمت باللي اتفقت عليه مع حد تاني، عشان بس ادي امل إنه لسه الدنيا بخير، أو التزمت بقرار أو قانون حطيته البلد اللي انا عايش فيها. والأكبر والأعمق لو كان التأثير ده بطريقة فيها استمرارية! يعني التأثير ده يدوم ويكبر ويستمر ويسيب هو كمان أثر .

وده بيحصل لما التأثير أعمله وأسيبه في حياة بني أدم.

يمكن البني آدم ده يكون ابني اللي معايا في البيت أو بنتي اللي اتجوزت وعايشه مع جوزها، أو أخويا اللي عايش بعيد عني، أبويا اللي كبر وعجز، أمي اللي مش قادرة تمشي، زوجتي اللي مشاركاني الحياة سنين، اختي اللي ورايا بشارعين، ستي اللي في البلد، صديق ماشوفتهوش من أكثر من سنة، قريب اخر مرة شوفته من اكتر من 10 سنين، حد من ولاد اخواتي محتاج سنده، زميل في الشغل مغلوب على امره، جار وحيد، غريب ما اعرفهوش

شحات بشوفه كل يوم نايم عالرصيف حتى في عز التلج، حد شبهي، حد مش شبهي بالمره ، لا في لغة ولا وطن ولا جنس ولا دين، تأثير اسيبه في عدو! عشان اثبت على الاقل لنفسي اني ابن ابويا! تأثير اعمله واسيبه، تأثير يكون في إنسان!

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.