بقلم عبدالواحد محمد روائي عربي
تعد الكنيسة المعلقة الكائنة بمنطقة مصر القديمة بالقاهرة عاصمتنا العربية ذات منهج ومنظومة فلسفية روائية ابداعية بل وتاريخ يحمل في طيه رؤية ثقافية جديرة بالتوقف عندها تأملا، وحكمة لذا امتزجت بعطر رواية هندستها معمارية وعالمية التكوين والبناء ذات عمق فيه كثيرا من دروب عتيقة تمنح العقل العربي وغير العربي سرد روائي أصيل وقادر علي بلورة لغة حوار بين طي سطور تكتشف نفسها رويدا عبر كل تفاعلاتها الثقافية المعبرة عن طراز معماري نادر وملهم في عالم كبير.
عالم يكتب عبر ايقونات الإنترنت والوسائط الرقمية في الفيتنا الثالثة كما كتب من قبل في سائر الأزمنة السابقة عن الكنيسة المعلقة صفحات مضيئة من تاريخ وطن ! لذا الكنيسة المعلقة هي سرد روائي متصل وفق لغتنا العربية لغة الضاد التي فيها الألف حكاية وبناء مازال يافعا شامخا في عالمنا العربي ذو الحضارة والحضارات الملهمة لكل عقل ومنطق وضمير متسق مع نفسه والآخر من منطق المحبة والسمو واحترام الآخر !
لا ريب تعد الكنيسة المعلقة من أشهر الكنائس التابعة للاشقاء للأقباط الأرثوذكس في مصرنا النسيج الواحد والوطن تلك الكنيسة المعلقة فريدة السرد الروائي العربي من المحيط إلي الخليج لذا هي أول كنيسة مشيّدة على الطراز البازيليكي في العالم الكبير وتعرف باسم كنيسة القديسة مريم العذراء كما ذكرت روائيا باللهجة المصرية،
بينما عرفت في القرنين الرابع عشر والخامس عشر باسم (كنيسة السلالم) بسبب درجاتها التسعة والعشرين التي تؤدي إلى مدخلها، وباسم (كنيسة العمود) التي تمنح السرد الروائي العربي وغير العربي فلسفة وطن .
والرواية العربية تكتب لغتها المقدسة من منطلق الإيمان الدائم والفاعل بقدسية وطن فيه كل ابناءه يد واحدة قلب واحد حياة ابدية بين موت وخلود ! فهي فن وفنون هام بها كتاب وشعراء وفنانين وأدباء وسياح جاءوا إليها من كل بلاد الدنيا من أجل لغة اسمها الحب والسلام ! وقد سميت الكنيسة المعلقة بهذا الاسم بسبب موقعها على قمة بوابة البرج الجنوبية لقلعة بابل القديمة (في القاهرة القديمة) مع صحنها المعلق فوق الممر، ولكونها بنيت على برجين طي حصن بابليون الروماني، وتم وصل البرجين مع بعضهما البعض بساق النخيل ثم بنيت الكنيسة فوقهما
ويتخذ كل برج شكل حدوة حصان، ويعود بناء الحصن إلى القرن الثاني الميلادي في عهد الإمبراطور تراجان، وتقع الكنيسة المعلقة بالقرب من جامع عمرو بن العاص، وكنيسة القديس مينا، ومعبد بن عزرا اليهودي، بينما تقع واجهة الكنيسة من الجهة الغربية المطلة على شارع مار جرجس في محطة مترو الأنفاق، وكذلك وتجاور كنيسة الشهيد مرقوريوس (أبو سيفين)، وعدة كنائس أخرى في قلب تلك المنطقة النابضة بالرواية العربية
ذات التاريخ وحكمة فلسفة كل دروب وطن .
لاريب يعود بناء الكنيسة إلى عام 690 م. بينما أول ذكرٍ للكنيسة يعود إلى عام 831 م.
وقد أعاد البطريرك إبراهيم بناء الكنيسة وترميمها في عام 975 م، وشهدت عبر تاريخها العديد من عمليات الترميم.
في حين تم الاحتفاظ بآثارها التي لا تقدر بثمن لذا لم تعد صالحة للاستخدام، في المتحف القبطي، نظرًا لأهميتها الروائية و التاريخية والأثرية .
كما أصبحت المقر الرسمي للبطاركة الأقباط في الإسكندرية في القرن الحادي عشر الميلادي، ويتم فيها تقليد تنصيب البطاركة اي انتخابهم.
كما عقدت في الكنيسة المعلقة المجامع القبطية، لتحديد يوم عيد الفصح، وكانت دار قضاء لرجال الدين، للحكم على الكهنة أو الأساقفة المشتبه بهم في التعاليم الهرطقية.
يبلغ طول الكنيسة نحو 23.5 متر، وعرضها نحو 18.5 متر، بينما وارتفاعها فيبلغ 9.5 متر.
وتتألف من طابقين وتوجد فيها نافورة مياه. – يقع مدخل الكنيسة في الباب الجنوبي في الجدار الشرقي للنارثيكس، وهو رواق خارجي مزين بزخارف هندسية ونباتية بارزة على الجص.
والمعروف تم بناء الكنيسة على الطراز البازيليكي التقليدي، وفيها ثلاثة ممرات، ورواق وملاذ ثلاثي، كما شُيدت فيها كنيسة صغيرة فوق البرج الشرقي للبوابة الجنوبية لقلعة بابل، وتعتبر اليوم الجزء الأقدم من الكنيسة المتبقية، وفي القرن التاسع عشر، ألحق بالكنيسة ممر رابع.
وقد انتقل البابا خرستوذولس من الكنيسة بعد سيامته من الكنيسة المرقسية بالاسكندرية إلى القاهرة، واتخذ الكنيسة المعلقة مقرًا له.
كما تعد أقدم القطع الأثرية المحفوظة في المتحف القبطي، عبارة عن عتبة تظهر دخول المسيح إلى القدس ويعود تاريخها إلى القرن الخامس أو السادس الميلادي.
لاريب سميت الكنيسة المعلقة بهذا الاسم لصفاتها المتعددة وروعة الإنشاء المعماري الذي جعلها في صدارة كنائس التاريخ.
وقد صنفت الكنيسة المعلقة من أجمل كنائس الشرق الأوسط والعالم، من الداخل والخارج على الشكل التالي وفق رواية كتبت بكل لغات عالم ! ويوجد داخل الكنيسة أيضًا منبر رخامي يعود تاريخه إلى القرن الحادي عشر
– تضم الكنيسة المعلقة ثلاثة هياكل داخل قسمها الشرقي، الهيكل الرئيس فيها مخصص للسيدة مريم العذراء، والشمالي في الجهة اليسارية مخصص للقديس جاورجيوس، والجنوبي في الجهة اليمنى فهو مخصص للقديس يوحنا المعمدان.
– توجد شاشة الهيكل المركزية، مصنوعة من خشب الأبنوس المطعم بالعاج والمنحوت بتصاميم هندسية لصلبان، تعود إلى القرن الثاني عشر أو الثالث عشر، كما ويوجد في أعلاها صف من سبعة أيقونات كبيرة الحجم، تتوسطها أيقونة للسيد المسيح جالسًا على العرش، وإلى يمينه السيدة مريم العذراء ورئيس الملائكة جبرائيل والقديس بطرس، بينما على يساره يوحنا المعمدان ورئيس الملائكة ميخائيل والقديس بولس، كما أن جميع الأيقونات هي من رسم الفنان الأرمني أورهان كارابتيان.
– يتميز الجسم الرئيسي للكنيسة الحالية، بسقفها الخشبي البارز المقبب، حيث تم بناء سقف الكنيسة المعلقة على شكل سفينة نوح عليه السلام، وفيها أيضًا صحن مركزي، وممرين ضيقين مفصولين بثمانية أعمدة على كل جانب. كما يوجد بين صحن الكنيسة والممر الشمالي، صف من ثلاثة أعمدة ممتدة بأقواس عريضة، من الرخام الأبيض، باستثناء أحد الممرات المبنية من البازلت الأسود.
– يعلو المذبح مظلة مدعّمة بأربعة أعمدة، وخلف المذبح يوجد منبر رخامي حيث يجلس رجال الدين عادة.
يتم الدخول للكنيسةَ عبر بوابات تعلّوها أقواس حجرية مُدببة تقود إلى واجهة تعودُ إلى القرنِ التاسع عشر الميلادي ، مع أبراج لقرع الأجراس عند تأدية الصلوات والخدمة فيها.
– يوجد داخل الممر الجنوبي للكنيسة باب صغير من خشب الصنوبر المطعم بطلاء عاجي شفاف. يؤدي إلى الكنيسة الصغيرة، وإلى اليسار يوجد حرم (تكلا هايمانوت)، أحد القديسين الإثيوبيين، الذي عاش خلال القرن الثالث عشر داخل اروقتها .
كما تمثل الآثار الباهتة للرسومات الجدارية الجميلة على الجدار الشرقي، المسيح محاطا بالرسل، وخلال عملية الترميم التي تمت في عام 1984 م، تم اكتشاف رسم لمشهد الميلاد، ويعود إلى القرن الرابع عشر كما توجد كنيسة المعمودية إلى جنوب الحرم، وتضم حوضًا دائريًا عميقًا من الجرانيت الأحمر ومكانًا مزينًا بالفسيفساء.
وقد قام البطريرك ميخائيل الرابع بتجديد الطابق العلوي، لاستخدامه كمساكن للآباء الكهنة.
– تم مؤخرًا تعليق أجزاء من صحف قومية في مصر العروبة والنسيج الواحد على أحد جدرانها تؤرشف لأحداث ومشاهد ومعجزات حدثت في تاريخ الكنيسة الحديث، لعل أبرزها ظهور السيدة مريم العذراء في كنيسة حي الزيتون، بعد الحرب يونيو عام 1967 م.
كما توجد داخل الكنيسة مجموعات تضم أكثر من مائة أيقونة تعود أقدمها إلى القرن الثامن.
من خلال معرفة لماذا سميت الكنيسة المعلقة بهذا الاسم، ووصف الكنيسة المعلقة من حيث الشكل، نجد أن موقع الكنيسة، يقوم على أنقاض الموضع الذي نزلت فيه العائلة المقدسة، ممثلةً بالسيد المسيح طفلًا، وأمه العذراء مريم، والقديس يوسف النجار.
بعد هروبها إلى مصر خوفًا من بطش هيرودس حاكم فلسطين، بعد أن أمر بقتل أطفال بيت لحم. بينما يروي البعض أنها كانت منسكًا منحوتًا بالصخر يعود لإحدى الراهبات.
وتم تجديد الكنيسة لعدة مرات في العصر الإسلامي، حيث كانت إحداها في عهد الخليفة هارون الرشيد، بعد أن طلب منه الإذن بتجديدها البطريرك الأنبا مرقس. وجعلها كاتدرائية كبرى ومركزًا لكرسيه.
كما واتخذ من كنيسة السيدة العذراء في حي الأروام مقرًا آخر له، برضى أسقف بابيلون، ويقصده عند اللزوم.
في حين أن سبب تلك النقلة من الإسكندرية إلى القاهرة، فهي بسبب ازدياد عدد المسيحيين فيها، ولارتباطه بالحكومة.
إذ أصبح البابا يمتلك صلاحية تعيين أسقف للإسكندرية، بصفته وكيل الكرازة المرقسية.
كذلك وفي زمن العزيز بالله الفاطمي.
الذي أذن بتجديد كافة كنائس مصر، وإصلاح ما تهدم منها للبطريرك إفرام السرياني.
في حين جددت أيضًا في زمن السلطان الظاهر لإعزاز دين الله. فيما يتعلق بموضوع بحثنا، لماذا سميت الكنيسة المعلقة بهذا الاسم تجدر الإشارة إلى بعض المعلومات حول عمليات تجديدها في العصر الحديث.
حيث بدأت عملية ترميمها في عام 1998 م، والتي بلغت كلفتها نحو 102 مليون جنيه مصري.
كما وأشرف على عمليات الترميم المهندس المصري عبد الله محمد القائم بأعمال رئيس قطاع المشروعات.
بينما شمل المشروع ترميم الكنيسة عمرانيًا وإنشائيًا. كما وتمت معالجة مشكلة زيادة منسوب المياه الجوفية أسفل الكنيسة.
كذلك وترميم الرسوم والأيقونات، ورفدها بمنظومة الأمان وبتزويدها بكاميرات مراقبة.
واستغرق تنفيذ المشروع مدة 16 سنة، لتنتهي في عام 2014 م بما يناسب تاريخها العريق ويؤكد السرد الروائي العربي دوما ودائما علي فلسفة وطن في مد كل جسور الثقافة التي تجمع كل أبناءه جميعا في كيان إبداعي قائم علي الشفافية والقدرة الفاعلة علي السرد المتصل من مرحلة إلي اخري ومن تاريخ إلي تاريخ مازال يكتب أنها كينونة وتفرد الرواية العربية القائمة علي الحب والسلام والإبداع إنه الوطن !!