اعتادت أمي طوال حياتي أن تلقم قهوتي وأن تسويها بنفسها.. تعلم مدى عجزي عن صنع فنجان قهوة أو حتى تلقيمها.. في لحظات صرت عاجزا أمام قدرة أمي وحنانها الموهوب من الله.. متأملا متذكرا كل تلك الأصناف
الشهية التي لطالما كنت استمتع بها أو اعترض عليها.. كنت طفلا وديعا ومتمردا معا.. لكني صعب المراس فيما يخص الأكل
كنت متعب الي اقصى درجة وكان قلب أمي ينزف حزنا من أجلي ويحاول أن يصنع لي ما يرضيني
في بيتنا ستجد 5 أصناف من الطعام كل يوم لا أبالغ ابدا أن قلت لك أن أمي
اعتادت تحضير طعام يكفي أكثر من عائلة… حتى وصلت أنها تسأل الضيف عن نوعية الطعام
الذي يحبه ليكون جاهزا في ثواني… لم تتغير امي قبل خمسين يوما فقط.
طوال حياتها كانت تصنع كل تلك الأصناف وتكرم الضيف وتهب العطايا للأهل والجيران والعاجزين
والمساكين ثم تذهب إلى المطبخ لتلقم قهوتي هكذا كانت حياتها قبل خمسين يوما
من أشقى أيام حياتي التي تغيرت بلطم ويتم ووحدة ووحشة وآلم وأنا أنظر إلى تلك المرأة التي عانت
من أجلنا دون شكوة واحدة قبل أن يجعلها المرض طريحة فراش لم تعتاد عليه أبدا