كيف سيكون شكل الحياة في مصر إذا نزع اللهُ الخوفَ المترسب، والملتصقَ بقلب المصري، والذي يجعله يخشى صديقه، وأخاه، وزميله، وجارَه، ورجلَ الأمن، والإعلامي، والبائعَ، ومن يجلس بجانبه مصادفة، ومُحاورَه، والجنديَ، ومن يسأله في الشارع، ومن يستفسر منه عن أي شيء والشيخ والقسيس؟
يمكن أن تتحول الحياة إلى حديقة غنّاء مليئة بالزهور، وثقة بين الجميع، إذا اختفى الخوفُ من الدين، والسياسة، والسلطة، ومديرك في العمل، والمخبر، والواشي، ومُعلمَك، وصورة التخشيبة، والسجن، والمحكمة، والقاضي!
تتكاتف كل أجهزة الدولة على تكتيف المصري، وتصنع له معتقلا داخليا حتى لو كان يتحرك كأرنب داخل قفص؛ على وشك الذبح! أتخيل أحيانا حياة المصري الطبيعية عندما تختفي كل صور الارهاب الداعشي من صدره!
يتصور المصري أن كل الكائنات الحيّة تراقبه، وترصد تحركاته، وتبلغها لسيد القصر أو كاهن المعبد أو شيخ الحارة!لهذا يمكن أن يحكم مصرَ، ويفزع المصريين أيُّ فأرٍ ضعيف ومريض، وسيعثر المصريون على مئة تبرير لرعشة الجسد واليدين.
الغريب أن الأرنب الخائف من المخبر يسقط قلبه في ساقيه، فإذا عاد للضلع الأعوج تحول إلى أسد يزأر أمام زوجته تعويضا عن رجفته أمام أي سلطة تلوّح أمامه بعصا مكسورة.
أمامه فرصة فرصة لصناعة السعادة الدنيوية؛ لكنه يُفضّل التعاسة التي تصنع له قبراً تحت الأرض وفي السماء، على أن لا تسمع السلطة السياسية أو الدينية نبضات قلبه.
المصري اختار سعادة الخوف؛ فرعشته واحة سلام مزيف تنقذه من المسؤوليات الأخلاقية في دنياه.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 30 أكتوبر 2023