ألا تشعر بحزن لأنك متواجد على غير رغبة منك، في مكان لم تقُم باختياره، وتم اختيار وطن لك، ولغة تتحدث بها، ودين ليس لك فضل في اعتناقه، وأصدقاء عثرت عليهم مصادفة في المدرسة، ثم أصدقاء أكملوا معك سنوات الدراسة، ووسائل إعلام لا تشعر بألفة نحوها، وصعوبة في الاختيار النهائي لأصدقاء يظل أكثرهم معك حتى يأتي حفار القبور يحمل بعضهم قبل موتك، أو يحملك قبل أن تقوم بتوديعهم ؟
ألا تشعر بحزن بأن هناك آلافا من المدن والقرى والنجوع والجُزر لم تقم بزيارتها ولن تقوم، فهي ليست بعيدة لكن قدميك لن تطأها ما بقي في روحك أنفاس أخيرة متقطعة؟
ألا تشعر بحزن لأن مدينتك الفاضلة والتي عشقتها في أحلامك لم ترها بعد، ولم تحتضنك ولو في زيارة خاطفة؟
ألا تشعر بحزن لأن الآخرين اختاروا لك كل شيء، من الطعام والشراب والعمل والدين والمذهب والاهتمامات الوطنية، ثم تبجحوا بالقول أنك حُر؟
ألا تشعر برغبة شديدة أن تولد من جديد وتختار البلد والوطن والدين واللغة والعائلة والطبيعة وصورة السعادة وكمية الحزن؟
متى وقفتَ متأملا في حياتك التي كُتبتْ لك؟ مئات و .. آلاف من التساؤلات التي تطرح نفسها، ونغمض أعيننا عنها خشية أن نبصر الحقيقة!
ألا تشعر بحنين جارف لمكان لم تره ولن تراه، ولا تعرفه؟
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 22 سبتمبر 2023