جميل جورجي
في صلاة جنائزية مهيبة قادها الروح القدس بنفسه ودعت مصر والكنيسة الإنجيلية اليوم الأحد السابع عشر من شهر سبتمبر ابنها البار الأستاذ الدكتور مفيد إبراهيم سعيد – فخر ما أنجبته مصر على أراضيها المقدسة.
والذي كان صاحب رسالة حب وعطاء متشحا بالتواضع والغيرة على شعب مصرنا الحبيبة.
فعلي الرغم من منصبه العلمي الرفيع ومشغوليتاه الكثيرة والمتنوعة، ولكنه كان يهتم بحياة الناس الصحية والروحية حيث كانت له عظات أسبوعيه في كنائس عديدة متنوعة داخل مصر وخارجها حتى خلال أجازته الصيفية.
شخصية الأستاذ الدكتور مفيد إبراهيم سعيد يجب أن تدرس في كليات اللاهوت ومعاهد اعداد القادة.
حيث كانت له شخصية سوية هادئة ممتلئة بالروح القدس وكان مثمرا في كل شيء تمتد اليه يده فأنطبق عليه كلام المزمور كل ما يصنعه ينجح.
كان السيد المسيح ساكن فيه حتى انطبعت صفات مخلصنا الصالح فيه وفي كل تصرفاته وأعماله اليومية.
أعرف الأستاذ الدكتور مفيد إبراهيم سعيد منذ أكثر من 58 سنة ولم الاحظ أي تغيير في أسلوب حياته أو في شخصيته الجميلة مهما كانت الأعباء والظروف.
كان يقوم بإجراء 12 عملية جراحية يوميا ويظل حوالي 12 ساعة يتنقل بين حجرتين للعمليات ومن التعب والإرهاق رايته يتناول قطع صغيرة من البسكويت لكي يستطيع التواصل ومقاومة الإرهاق.
كان لنا جار مسن قد أجري له عملية جراحية وعندما عاد المريض الي منزله شعر بتعب فأبلغنا الدكتور مفيد وإذا به يقرر بانه سيحضر بنفسه لفحصه وعندما قلنا للدكتور مفيد انه يسكن في الدور السادس بدون أسانسير لم يتراجع عن كلامه وصمم على الحضور بنفسه وجاء قبل الذهاب إلى المستشفى وفحصه وكتب له روشتة
وكان يتابعه بنفسه بالتليفون حتى شفي تماما.
لقد منحه القدوس مميزات ومواهب عديدة نادرا ما تتجمع في شخصية واحدة، فقد كان يعيش بمنهج وأسلوب الكنيسة الأولي وهو العمل من أجل العيش وأيضا خدمة الإنجيل بأسلوب بسيط يفهمه الصغار قبل الكبار بكل تواضع وحكمة.
لقد عاش الأستاذ الدكتور مفيد إبراهيم سعيد بأسلوب القديسة العذراء مريم ألا وهو كلما رفعته النعمة أتضع وأحب الجميع دون تفرقه وعاش في صمت وهدوء هاربا من المديح ناظرا إلى الملكوت واتمام ما وضعه الهنا الصالح في قلبه الطاهر النقي.
لم يشتهر الأستاذ الدكتور مفيد ببناء الكنائس الفاخرة، بل ببناء النفوس وشفاء المرضي ومساعدة الفقراء والمحتاجين حتى أصبح من أشهر المستثمرين في الملكوت حيث كنزه هناك. كانت خدمة الكلمة لا تقل أهمية عن عمله الطبي ولم يفضل عمله العلمي عليها يوما ما.
يوجد جراحين بارعين كثيرين حول العالم، ولكن لم أسمع عن جراح سخر عمله الطبي لخدمة البشرية دون الاهتمام بجمع المال وفي نفس الوقت يخدم ويبشر بالإنجيل كل يوم.
نطلب تعزيات السماء وانسكاب الروح القدس في نفس زوجته الأمينة المملوءة نعمة وكل أسرته الكريمة.
إنه يستحق أن يسمع صوت مخلصنا الصالح وهو فاتح له ذراعيه قائلا نعما أيها العبد الصالح والأمين كنت أمينا في القليل فأقيمك على الكثير، أدخل إلي فرح سيدك.