عصام الجوهري
حين استدعت النيابة القمص سرجيوس ذهب بطريقة غريبة وغير معتاده فلم يذهب القمص راكباً سيارة علية القوم في ذلك الوقت شيفروليه او كاديلاك .. ولا ذهب حتى في حنطور كما ينبغي لمن هم في مثل وضعه في هذا الزمان بل أن القمص اجر عربة ( كارو ) تلك التي يجرها حمار ويقودها عربجي واصطحب معه تلميذين من أقرب تلاميذه
وحمل على تلك العربه عشرات من المراجع الضخمه والكتب والمجلدات ..نزل القمص من على العربة ودخل إلي النيابة ومعه أحد تلميذيه بينما بقي الاخر على الباب يحرس الكتب فوق العربة وحين جلس القمص أمام وكيل النيابة الذي نظر له باستهزاء وقال له : أنت المعلم سرجيوس فاجابه القمص قائلا : بل أنا القمص سرجيوس كاهن كنيسة العذراء بالقللي
وهنا أمسك وكيل النيابة باحد اعداد مجلة المنارة المصرية وراح يسال أبونا قائلا: دي المجلة اللي أنت صاحبها ورئيس تحريرها ؟ نظر أبونا للمجلة ثم أجاب : نعم دي فعلا المجلة بتاعتي فعاد يسأله :: طب المقال اللي عنوانها
( الرد على الشيخ الطنيخي ) أنت اللي كاتبها أنت المسؤول عن الكلام اللي فيها فراح ابونا يجيب عن هذا باعجب إجابة قائلاً :_ انا اللي كاتبه اه مسؤول عن الكلام اللي فيه دي فيها كلام يعني أيه ؟
يعني حضرتك اسالني ده كلامي ولا لا وانا هقول لحضرتك تعجب وكيل النيابة من الإجابة الغامضة وغير المفهومة وبدا يقول له : أنت اللي كاتب الكلام ده عن حالة النبي وقت تلقيه الوحي من أنه كان يصاب بحالة من التخبط والتلفت يمنة ويسارا وانه كان يصاب بالقلق والخوف إليس هذا تطاول على النبي وعلى مقامه الشريف تحاسب عليه
وهنا أجاب القمص سرجيوس معاذ الله ان اتطاول على رجل يحترمه اتباعه أو أن أقول كلاما من عندي وافتري به على الرجل تسمح حضرتك أنادي تلميذي يجيب لك دليل اني أنا مش كاتب الكلام ده تعجب وكيل النيابة من الكلام وسمح له فنادى القمص تلميذه قائلا صحيح البخاري يا أبني فصرخ التلميذ لصديقه في الخارج جهز صحيح البخاري وحين اتى التلميذ بالكتاب دفعه القمص الى يد وكيل النيابة وقال له افتح حضرتك ده الجزء الثالث أفتح صفحه 119 واقرا فيها وقرأ وكيل النيابة فإذا بالمكتوب في المقال هو نص حديث ل جابر عن حالة النبي
وقت نزول الوحي وبعدها قال القمص سرجيوس وكما ترى سيادتكم أنا لم أكتب هذا الكلام ولا اتيت به من عندي بل هو موجود في صحيح البخاري أصح كتاب عند اخوتي المسلمين بعد القران الكريم وافتح حضرتك صفحة 210 وانظر فيها ماذا يقول عن الوحي وكيف ان الرسول كان يغط غطيط بكر حينما ياتيه الوحي هذا كلام البخاري
وليس كلامي ما تطاولت وما تجاوزت وان كان هذا الكلام لا يرضيكم حقا فلتحاكم البخاري ولا تحاكمون سرجيوس الغلبان وهنا بدات قطرات العرق تتسابق في وجه وكيل النيابة وبدا صوته ينخفض ويتلجلج وهو يقلب صفحات المجلة ويخرج فقرة اخرى ليسال فيها القمص ماذا كنت تقول هنا فينادي القمص تلميذه:
ابن كثير يا ابني فياتي التلميذ بكتاب ابن كثير ويشير القمص الى صفحات معينة فيخرجها وكيل النيابه ويقرا نص الكلام مكتوب فيها فيصمت وهكذا يتكرر الامر ولا يجد وكيل نيابة حلا الا أن يرجع بالكرسي الى الخلف دافعا الكتب ناحيه القمص وهو يقول له اسمع يا جناب القمص أرجوك غير هذه الطريقة وخفف شوية حدة الكلام
أنا عارف أنك فاهم و أنا فاهم أنك مش بتجيب حاجة من عندك وأن ده كله موجود في الكتب الإسلامية لكن برده هيعمل بلبلة ومشاكل أنا هحفظ التحقيق على وعد منك أنك تقفل الأمور دي وما تتكلمش في القصص دي تاني
وهنا نظر له القمص وصوته يعلو قائلا :_موعدش حضرتك يا افندم يا سعادة البيك المفروض أنك تقول لي الضارب لا تضرب قبل ما تقول للشاكي لا تشكو احنا مجرد رد فعل حضرتك
قول للشيخ الطنيخي وأمثاله يتوقفوا عن إهانه العقيدة المسيحية واحنا نتوقف عن الرد عليهم اللي بلا إهانه وبلا تطاول أما ان نخاف أو نجبن ولا نرد فهذا لن يحدث اعد حضرتك طول ما في حد بيمس عقيدتي في ردود هتنزل
وأنا مستعد للمحاكمة في كل يوم وهنا فكر وكيل النيابه كثيرا في نفسه :ان احال القضية إلى المحكمة وذهب القمص بهذه الكتب فماذا سيكون الوضع في المحكمة ، سوف يكون أسوء بكثير من مجرد مجلة كُتب فيها للعامة كلاما
الغالبية لن تسمع عنه فنظر إلي القمص سرجيوس و طلب منه الانصراف وخرج القمص وجمع كتبه وركب الكارو ورجع الى كنيستة ليستمر في ردوده التي صارت كنزا وينبوعا لا ينضب في الرد علي المتطاولين والساخرين يخرسهم و يجرّسهم ويعجزهم هذا كان القمص سرجيوس.
الرجل الذي لا يتكرر كثيرا في تاريخ مصر وفي تاريخ الكنيسة فمن هو ؟ من هو الرجل الذي واجه وحده كل تلك الأهوال مجتمعة من الأقرباء والغرباء وتحدي لأجل عقيدته ما كان يمكن أن يهلكه ؟ ولماذا يخشي أسمه الكثيرين ؟
ولماذا اطلق عبد الناصر أسمه علي أحد شوارع مصر الجديدة ؟
بعد أن صادر مجلته وكتبه وحدد إقامته لمدة عام ؟