الثلاثاء , نوفمبر 5 2024
مختار محمود

مختار محمود يكتب: كل مُؤذٍ سوف يُؤذَى..إنها الأيام

يؤذيك مَن كنت تخشى عليه من الأذى، وتأتيك الطعنة الغادرة ممن لم تتوهمه يومًا طاعنًا أو غادرًا.

لا تأمنن جانب أحد؛ فقد بسط ابن آدم عليه السلام يده ليقتل أخاه، وتآمر أخوة “يوسف” عليه وألقوَه في غياهب الجُب، وقد قالوا من قبل: “اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضًا”..ويقول القرآن الكريم:

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ”..فما بالكم بمن لا تربطه بكم روابط الدم وأواصر القربى؟ يجرى الأذى في عروق بعض المنتسبين إلى البشر مجرى الدم، ويظنون كل أذى يصنعونه، ومكر يمكرونه، وغدر يغدرونه، انتصارًا ساحقًا، تتباهى به نفوسهم الأمارة بالسوء والقبح والقيح والكراهية والجحود والنكران..يحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم.

فيا أيها المؤذي غيرَه..اعلم أن كل مُؤذٍ سوف يؤذَى، وكل ساقٍ سوف يُسقى بما سقى، وكل ظالم سوف يُظلم، إن لم يكن بنفس الموقف، فسوف يكون بنفس الألم أو أكثر، وإن لم يكن اليوم فغدًا.

لا تتفاجأ إن كان مرضًا خطيرًا أو ابنًا عاقًا، أو فقرًا مدقعًا أو ذلاً ومهانة بين الخلق، أو أي شيء يرهقك معنويًا ويقهرك ماديًا.

فقط تذكر ما فعلته مع الناس، وستعرف لماذا يحدث لك ذلك، إنها الأيام، والدنيا دوَّارة، سيعود إليك يومًا ما فعلته، سواء كان خيرًا أو شرًا، فأحسن صُنع ما تودُّ أن يعود إليك في الغد.

واعلم -إن لم تكن تعلم- أنه لا فرح يدوم ولا حزن يستمر. واعلم -إن لم تكن تعلم- أن أفعالك سوف تزورك قريبًا فاستعد وجهز نفسك.

نعم..ليست كل الأيادي التي نصافحها نظيفة، ولا كل الضمائر التي نتعامل مع أصحابها نقية، ولا كل القلوب التي نخاطب ذويها طاهرة، خذوا حذركم؛ فالدنيا أشبه بغابة موحشة، المجد فيها أصبح لذوي البطش والمكر والخديعة والأذى؛ حتى يتدخل الله بقدرته المطلقة، ويعيد الأمور إلى نصابها الصحيح.

الأذى والغدر وجهان لعملة واحدة، فكل غادر مُؤذٍ، وكل مُؤذٍ غادر، ولكل غادر لواء يوم القيامة يُرفع له بقدر غدره، فيقال: ألا هذه غدرة فلان، فالحقوق إن ضاعت بين البشر، فإنها لن تضيع عند رب البشر، بذا حكم الله وقضى، ولن تجد لسنة الله تبديلاً، ولن تجد لسنة الله تحويلاً.

وأنت..مهما نالك من أذى، وأصابك من غدر، فاصبر واحتسب وتوكل على الله، ومن يتوكل على الله فهو حسبُه، إن الله بالغ أمره، وإياك أن تواجه أذى بأذى أو غدرًا بغدر وإلا صرتَ مثلهم، ولكن حسبك أن أن تُحصِّن نفسك من الأذى والغدر، وإن وقعت في الفخ يومًا وغدوت فريسة لمُؤذٍ أو غادر على حين غفلة منك، فيكفيك يومئذ أن تستعيد حقك إن استطعت إلى ذلك سبيلاً، ولا يغبْ عن ذاكرتك أبدًا قول الله تعالى:

“وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين”.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

الرديكالية القبطية وفن صناعة البدع والازمات

مايكل عزيز ” التركيز على ترسيخ مفهوم ديني جديد ، وإعادة ترديده بشكل دائم على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.