كمال زاخر
الجمعة ٢٣ يونيو ٢٠٢٣
الانهيار بدأ مع “رهبنة المجال الكنسى العام” ، وهو توجه تبناه بعض شباب اربعينيات القرن الماضى، وهم بعد علمانيون، وسعوا جادين لترجمته على الأرض، وكانت خطواتهم الأولى تسللهم الى الأديرة طلباً للرهبنة بطرق ومبررات معلنة عديدة، ليست بالضرورة حقيقية، ومن اديرتهم خرجوا ليقودوا الكنيسة ومعهم خارطة طريق محددة.
ولك ان تعرف أن ابرز اقطابهم تقدموا للترشح للكرسى البابوى ولم يمض على رهبنتهم عامين !!، كان اسمهم مكتوباً بالقلم الرصاص.
وارتجت الكنيسة ودولة يوليو وعُدلت لائحة انتخاب البابا البطريرك لتحول بينهم وبين حق الترشح، بعد ان اضيف للشروط ألا يقل:
سن المرشح عن اربعين سنة، ومدة رهبنته عن خمسة عشر سنة.
لكن الرصاصة بقيت فى جيبهم، ليطلقوها بعد عقد ونيف، ويعيدوا الحكاية مجدداً وقد استوفوا الشرطان، بحكم الزمن وتغير خريطة التوازنات، فى داخل الكنيسة وخارجها.
لتبدأ ترجمة رؤاهم، وبطبيعة التنافس يتحول تحالفهم الى عداء محتدم حتى رحلوا الى العالم الآخر، وتحت اقدامهم يتحطم العشب ومازال.
الأزمة الآن ليست فيمن زرعوا زرعهم والناس نيام ولا فى قناعاتهم المغرقة فى الذاتية، والتى تشكلت عبر اخفاقاتهم وعدم تحققهم فى بواكير شبابهم، فى الفضاء العام الطبيعى، لكن الأزمة فى ما ومن خلفوه، إرثاً وورثة، لنواصل هم ونحن، انعزالنا عن كل ما حولنا وعن جذور ايماننا، وبدلاً من ان نجلس الى انفسنا ونعيد حساب أزمتنا ومسارات الخروج منها، راح الورثة يعمقون شقة الصراعات والخلاف.
وفتحوا نار الهرطقة على بعضهم البعض، وعلى غيرهم، أفراداً وكنائس، باعتبار الورثة هم الناجون وحدهم.
بين الأيدى المرتعشة، والعقول الأحادية، والارث الثقيل، والانقطاع الجيلى وتفريغ الأديرة من نذورها وشيوخها، تدور رحى ازمة الكنيسة المعاشة، وعند الباب تربض نماذج الكنائس التى اندثرت؛ فى اسيا الصغرى وشمال افريقيا، وهى من هى.
“فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدًّا حَتَّى الْمَوْتِ. اُمْكُثُوا ههُنَا وَاسْهَرُوا مَعِي».” (مت 26: 38)