الأحد , ديسمبر 22 2024
توجو مزراحى المصري اليهودى
توجو مزراحى المخرج المصري

الكاتبة هند الرباط تستكمل حديثها عن برنس المخرجين المصريين ” توجو مزراحي Tugo Mizrahi “

يسعدني ويشرفني أن أستأنف الكتابة هنا بجريدة الأهرام الجديد الكندية بشكل تطوعي هذا لاعتزازي وفخري بالجريدة لإلتزامها بالمصداقية والشفافية والتزامها مبادىء الحرية واحترام الرأي والرأي الآخر، كما أن حرصي على الكتابة بشكل تطوعي ذلك للصلة الروحية الحميمة والوجدانية العميقة التي تربطني بأمير السينما النبيل الفنان الراقي والعظيم توجو مزراحي والتي كنت قد ألقيت الضوء عليها في مقالي السابق ، ولهذا يسرني كثيراً أن أستأنف الحديث عن توأم الروح الحبيب بالنسبة لي ألا وهو أمير السينما النبيل توجو مزراحي، فيطيب لي أن أقتبس ومضات نبيلة من كتابي الراقي (  وميض من زهو)  والذي صدر لي عن دار المعارف المصرية  منذ عدة أشهر والذي قمت بإعداده وتأليفه تخليداً لذكرى  أمير السينما النبيل الفنان الراقي العريق توجو مزراحي
رجل مضيء وشخصية سينمائية فريدة من نوعها

تجتمع في أمير السينما النبيل توجو مزراحي ثلاث شخصيات مختلفة وفريدة ، شخصية المنتج الطموح وشخصية المخرج صاحب الرؤى العميقة وشخصية الكاتب الدرامي الناجح ، فهو بلا جدال مخرج متميز جداً ومتفوق للغاية ، ويمكنني القول بأنه مخرج مصر الأول، إذ استطاع أن يثري الشاشة بعدد من الأفلام المصرية الناجحة والمتميزة دائمًا.

كما استطاع أن يقدم كثيرًا من الشخصيات في إطار محترم راقي وجميل، وكثيرًا ما صعد بشخصيات إلى قمة المجد، أخفقت مع غيره إخفاقًا واضحًا.

ثم هو بلا جدال منتج مصر الأول، إذ استطاع في مدة وجيزة أن يسيطر على السوق السينمائية في الشرق كله، ويوجهها كيفما يريد ويهوى.

وهو ككاتب درامي له صفات الكاتب الدارس المتفوق حيث كانت لديه موهبة الخيال الواسع، والدراسة لتوظيف الموهبة بشكل رائع ، كما كانت لديه الثقافة الواسعة بشتى أمور ومجالات العالم من حوله لاكتشاف كل ما هو جديد ومميز.

إنه الفارس السينمائي الفريد الذي ستبقى ذكراه الحبيبة المضيئة العطرة باقية ما بقيت الحياة


فارس السينما  الطموح


 أخرج فارس السينما النبيل توجو مزراحي، بين العامين 1930 و1946، ثلاثين فيلمًا طويلًا بالعربيّة، وأربعة باللّغة اليونانيّة ، وفي حين كانت سيرة السيد توجو مزراحي المهنيّة كصانع أفلام استثنائيّة، كان منحى حياته الشخصيّة مماثلًا لتجارب اليهود المصريين الآخرين.

في منتصف القرن العشرين، ولمّا تغيّرت الرياح السياسيّة، غادر السيد توجو مزراحي مصر.

وفي الستينيات، صودرت شركة الإنتاج الّتي أسّسها، وعلى امتداد العقود اللاحقة، ورغم استمرار نجاح أفلامه، إلا أنّ إرثه بهت لفترة من الزمن ، كما ذكرى التاريخ اليهودي وثقافته في مصر .

في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، عمل في صناعة السينما المصريّة مصريون من الأديان كافّة، بالإضافة إلى مقيمين من غير المواطنين – بمن فيهم أبناء أقلّيات يحملون جنسيّات أجنبيّة، ورعايا عثمانيون سابقون من المشرق، وأوروبيون

ولقد كُتب الكثير عن كيفيّة تعريف ما هو “مصري” في الأفلام المنتجة محليًّا في تلك الفترة.

مع رفض المقاربة السائدة التي ترسم حدود السينما المصريّة بحسب جنسيات المشاركين فيها.

ومن منظور تاريخي، تساهم عوامل متنوّعة في العمليّة المعقّدة والمضطربة لبناء الجنسية في مصر، لا سيما بالنسبة لليهود المصريين.

وبالتالي فهناك نماذج بديلة عن تعريف السينما المصريّة على أنّها كانت سينما وطنيّة بلا جنسيّة.

وكان السيد توجو مزراحي، يَعتبر أنّه ملتزم بمشروع له أهميّة وطنيّة.

وكان صناع الأفلام، والنقّاد، والمشاهدون على حد سواء يعتبرون السينما المنتجة محليًّا مصدرًا للفخر الوطني.

وكان المشاهدون المصريون يريدون ترفيهًا يُنتَج محليًّا. أمّا العاملون في صناعة الأفلام فقد روّجوا للسينما المحليّة على أنّها وسيلة لمحاربة السيطرة الثقافية الأجنبيّة.

وتميل عمليات التأريخ للسينما المصرية إلى التركيز على تأسيس “ستوديو مصر” سنة 1934، إلا أنّها تغفل مساهمات الاستديوهات المستقلّة في تلك الفترة ومشاركتها في البرنامج الوطني ذاته.

وقد أشاد النقّاد المعاصرون بأمير السينما توجو مزراحي لجودة أفلامه كما لإسهاماته في بناء صناعة السينما المصريّة.

في الثلاثينيات من القرن الماضي، شارك الفنان الكبير توجو في مساعي إنشاء نقابات سينمائيّة للتحرّك من أجل حماية صناعة الأفلام المصريّة الوليدة.

في وقت لاحق من مسيرته المهنيّة، لجأ إلى الصحافة لزيادة وعي الجمهور حول المسائل التي تعيق تطور صناعة السينما المصريّة.

وكان النبيل توجو فنانًا ورجل أعمال في آن واحد.

وفي إحدى مقالاته، وحين قدّم توصيات لدور السينما، لم يحثّها على عرض المزيد من الأفلام المصريّة فحسب، بل أيضًا على دعم تشكيلة أوسع من الأنواع السينمائية المنتجة محليًّا.

وكان السيد توجو يعتبر أنّه يساهم في بناء نوع فنيّ محليّ، وصناعة محليّة حيويّة في آن واحد.

منذ بداياته مع شالوم وعبده في الفيلم الكوميدي “المندوبان” (1934) وحتى تحفته الأخيرة “سلَّامة” (1945) من بطولة  كوكب الشرق أمّ كلثوم. فهناك الانعكاسات الثقافيّة والسياسيّة في أفلام الأمير الفنان توجو مزراحي

معيرة انتباهًا خاصًّا إلى بناء الوطنيّة التعدّدية،وفي أفلامه الكوميديّة والموسيقيّة، يستخدم الفنان النبيل توجو أعماله كمنبر لمعالجة القضايا الاجتماعية و الحنين في إظهار العلاقات المترابطة بين الثقافات في مصر بين المسلمين، والمسيحيين، واليهود، بين المصريين، والمهاجرين من الأراضي العثمانيّة السابقة، والإيطاليين واليونانيين. وإظهار سرديات العيش المشترك في السينما المصريّة.

وذلك يعكس تحولًا من مفهوم الكوزموبوليتانية والتي هي قبول كل غريب عن الأغلبية المسيطرة، باعتباره ليس غريبًا. نحو مفهوم “المشرقية”.

المشرقية وأخلاقيات التعايش في أفلام سفير الضوء توجو مزراحي


تعبير “المشرقيّة” يبدو جلياً من خلال أعمال الكاتبة المصريّة اليهوديّة جاكلين كاهانوف. حين كانت تكتب في إسرائيل الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، كانت المخاوف من الاختلاط الثقافي التي تبنتّها قيادة الصهاينة الأشكيناز قد أدّت إلى إطلاق تعبير “مشْرَقة” المُضلل عليها.

واعتمدت جاكلين كاهانوف تعبير “المشرقيّة”، وأعادت تعريفه. وبنت على تجاربها كونها ترعرعت في مصر ما بين الحربين، واعتبرت أن “المشرقيّة” هي تكوين اجتماعي مختلط، وقوّة دمج اجتماعي.

أي أنّ مفهوم “المشرقيّة” هو إطار عمل يسلّط ضوءًا لدى القراءة في الأفلام المصريّة الأولى، لفهم الأخطاء حول الهويّة المغلوطة. ولهذه الأفلام ثلاثة قواسم مشتركة، هي “أسلوب سينمائي مشرقيّ”.

أولًا، تجسّد الأفلام المشرقيّة أخلاقيات التعايش، وأحيانًا تروّج لها.

ثانيّا، هي تستخدم الأدوات السينمائيّة لتشييد جماليّات التعدّدية.

وأخيرًا، تعالج هذه الأفلام مسألة الهويّة على أنّها مرنة وقابلة للتغيير

وتشمل أفلام الفنان الكبير توجو مزراحي حبكات عن الهويّة المغلوطة، كما تتناول مفاهيم الجندرة والعرق والهويّة الوطنيّة الإتنيّة

وتستهدف أخلاقيات التعايش المشرقيّة الجليّة في أفلام الفنان الراقي توجو مزراحي القوميات الضيّقة التي كانت تزداد اتساعاً في مصر في ذلك الوقت

والحق أن روايات العيش المشترك في أفلام الفنان النبيل توجو مزراحي تهدف إلى كشف “الوحدة المتنكرّة” في البلاد.

ومفهوم التبديل، من التبديل الثقافي إلى تبديل الهويات، هو عنصر رئيسي في أفلام الفنان الراقي توجو مزراحي.

وفي فيلم الفنان العريق توجو مزراحي المنتج سنة 1933 والذي يحمل اسم ” أولاد مصر”.

تظهر سرديات التعايش المشترك بين أبناء مصر

بقلم الكاتبة الراقية هند الرباط
سليلة الأسرة العلوية والمجد الإمبراطوري العثماني

توجو مزراحى المصري اليهودى
الكاتبة هند الرباط

شاهد أيضاً

المغرب

مهرجان الفوضى الخلاقة ؟

نجيب طـلال كــواليس الفـوضى : ما أشرنا إليه سلفا حول المهرجان الوطني للمسرح (؟)(1) اعتقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.