وَفَّقني الله عز وجل في إعداد كتاب عن أمير السينما المصرية والعربية السيد الفنان الشريف العريق توجو مزراحي بعنوان ( وميض مِن زهو) لأنني كما أراه وكما يراه كل منصف للحق مِن أهم الشخصيات المصرية الوطنية اليهودية في تاريخ السينما في مصر والشرق ، وواحدًا من أكثر السينمائيين غزارة في الإنتاج في عصره.
على امتداد مسيرته المهنية المثمرة التي دامت ستة عشر عامًا في صناعة الأفلام المصريّة ، من 1930 حتى 1946 ، حيث قام بإخراج وإنتاج ثلاثين فيلمًا باللغة العربية، وقد كتب معظمها.
بالإضافة إلى مساهماته في السينما المصريّة بالعربيّة، قام في الاستوديو المصري العائد له بإنتاج أربعة أفلام باللغة اليونانيّة بين 1937 و1943
أخرج وأنتج الفنان الكبير توجو مزراحي خلال حياته الكثير من الأفلام المتميزة وعمل على اكتشاف الكثير من المواهب التي صارت أيقونات متميزة في السينما المصرية والعربية، فضلاً عن دوره الكبير في تأسيس نقابة السينمائيين في مصر.
يعد الفنان الراقي العريق توجو مزراحي من أهم مكتشفي المواهب الفنية ، فكان له دور كبير في اكتشاف الممثل ليون أنجل، والذي غير اسمه ليصبح شالوم فيما بعد.
وهو ممثل كوميدي مصري يهودي لمع في الثلاثينات من القرن الماضي من خلال مجموعة أفلام أخرجها له السيد الفنان الراقي توجو مزراحي .
كذلك كَوَّن الفنان العبقري توجو مزراحي ثنائياً هاماً مع النجم خفيف الظل علي الكسار بعد أن اكتشفه ليقدما عدداً من الأعمال السينمائية الرائعة والخالدة منها “الساعة 7″، “سلفني 3 جنيه”، “ألف ليلة وليلة ” ،”خفير الدرك ” ، “نور الدين والبحارة الثلاثة “،”علي بابا والأربعين حرامي”، ” عثمان وعلي” ، وهي أفلام نحبها جداً ونتابعها بشغف حتى يومنا هذا.
لقد رأى السيد الفنان توجو مزراحي في النجم علي الكسار نموذجاً للشخصية المصرية النوبية خفيفة الظل، والتي حقق بها الكسار نجاحاً مذهلاً في السينما والمسرح معاً
كذلك كان من بين الوجوه التي اكتشفها فارس الضوء توجو مزراحي قيثارة الغناء العربي السيدة المطربة ليلى مراد والتي صنع منها نجمة كبيرة ، أيضاً كان للفنان العبقري توجو مزراحي دور مميز في اكتشاف المطرب العاطفي إبراهيم حمودة والذي أصبح فيما بعد بطلاً لأفلام مصرية مهمة ، ولقد كان للفنان الكبير توجو مزراحي الدور الرئيسي في اكتشاف المطرب محمد عبد المطلب والذي صار فيما بعد أيقونة في الطرب والغناء الشرقي الأصيل
ولقد كان للعبقري توجو مزراحي دور كبير في اكتشاف أسطورة الكوميديا إسماعيل ياسين ، وممثلين آخرين قام باكتشافهم مثل حسين المليجي ونعمات المليجي وحسن صقر، والمطربة والممثلة زوزو لبيب، كذلك الممثلة بهيجة المهدي.
إن أمير السينما النبيل ، السيد الفنان الراقي الأصيل توجو مزراحي كان شديد الحب لمصر وشديد الاعتزاز بمصريته حتى أنه كان قد كتب مقالاً قديماً نادراً يتحدث فيه عن الإنتاج السينمائي في مصر وأمريكا ودور السينما هنا وهناك فجعل عنوان المقال (المُنتِج المصري هو المُنتِج الكامل في العالم ) هذا لاعتزازه الشديد بمصريته ، ولارتباطه العميق وحبه الشديد لمصر ، كذلك كان متابعاً ممتازاً للحركة السياسية والفنية في مصر حتى بعد هجرته إلى إيطاليا ، لدرجة جعلته يلتزم بالاشتراك بمجلتى المصور والكواكب لتصله أخبار مصر .
أيضاً كان أمير السينما السيد الفنان الأصيل الراقي توجو مزراحي يستعد لإخراج وإنتاج مقتبس من رواية “كونت مونت كريستو” للكاتب ألكسندر دوما ، قام بتصوير بعض اللقطات في إيطاليا وبدأ في التفاوض مع الممثلين ، لكنه لم يوقع أي عقود ، على الرغم من إصدار فيلم يستند إلى الرواية في العام التالي ، لم يشارك السيد الفنان توجو مزراحي في الإنتاج.
حيث روى كمال الشناوي أنه كان من المفترض أن يلعب دور البطولة في الفيلم مع السيدة المطرية ليلى مراد ، وفي عام 1950 أصدرت شركة السيدة آسيا داغر لوتس فيلم مقتبس من الرواية تحت عنوان (أمير الانتقام) ، بطولة أنور وجدي وسامية جمال ، وإخراج هنري بركات.
من الجدير بالذكر أن الفنان الكبير توجو مزراحي غادر مصر إلى إيطاليا منذ أن بدأ الوضع في التدهور بالنسبة لليهود بعد قيام ثورة 23 يوليو عام 1952، لم يشأ السيد الفنان توجو مزراحي أن يفصح عن رأيه وقتذاك وآثر الصمت ، فأحياناً نَصِّر
على الصمت لأن هناك أشياء لا يعالجها الكلام ، ومنذ أن طَوَّر السيد الفنان توجو مزراحي العلاقات مع عدد من المخرجين الإيطاليين ، قرر الذهاب للعيش في روما، حيث رأى القاهرة تحترق عام 1952.
وعندما وصل الرماد إلى شرفته بالجيزة قرر مغادرة مصر وفي ذات الوقت رفض الذهاب إلى إسرائيل لأنه لمس تدهور وضع اليهود في مصر بعد قيام دولة إسرائيل ، فلجأ السيد الفنان توجو مزراحي إلى إيطاليا في 8 فبراير 1952 ، أصدرت القنصلية الإيطالية في مصر جواز سفر للسيد الفنان توجو مزراحي يحدده كمقيم دائم في مصر.
في 5 مارس 1952 ، قام السيد توجو مزراحي بتحويل الجنيه المصري من أحد البنوك المصرية إلى حساب في إيطاليا.
في 29 مارس 1952 ، أبحر السيد الفنان توجو من الإسكندرية.
في روما ضمت الدائرة الاجتماعية لأمير السينما النبيل توجو مزراحي أعضاء بارزين في مجتمع السينما ، بما في ذلك المنتج كارلو بونتي.
استمر السيد الفنان توجو مزراحي في العمل لعدة سنوات في صناعة السينما الإيطالية كمنتج ومستشار.
بلغت رسالة مؤرخة 14 يوليو 1966 من المحاسب المكلف بتصفية أصول شركة الأفلام المصرية ، شركة بهنا للأفلام ، موزع مزراحي ، بهذا النقل للممتلكات والحقوق بموجب أمر 165/65 ، يطالبهم بالكف عن توزيع الأفلام.
ظل السيد الفنان توجو مزراحي على اتصال بجورج ومايكل بهنا واستمر في متابعة التطورات في السينما المصرية.
بعد فترة وجيزة من بيع شركة الأفلام المصرية ، كتب السيد الفنان توجو مزراحي إلى الإخوة بهنا يطلب الاشتراك في مجلتي المصور والكواكب.
واصل السيد الفنان توجو مزراحي مناشدة الحكومة المصرية لاستعادة أفلامه.
ولقد طوَّر ألفريد مزراحي علاقة مع أنور السادات في الستينيات ، وفي عام 1970 ، عندما أصبح السادات رئيسًا لمصر ، كان السيد الفنان توجو مزراحي متفائلًا بأنه سيعيد الحقوق إلى أفلامه.
لكن مع الأسف والألم العميقين فإن آمال الفنان الكبير توجو مزراحي لم تتحقق قط.
ولم تتم استعادة حقوق جميع الأفلام التي أخرجها وأنتجها خلال حياته.
كان يملك موهبة فذة وفريدة من نوعها ولهذا حقق السيد الفنان توجو مزراحي نجاحات كبيرة ومتميزة جداً في مجال صناعة السينما
ولقد جاءت أفلام الفنان الكبير توجو مزراحي لتعيد صياغة العلاقة بين اليهود وبعضهم بعضاً وبينهم وبين المسلمين عبر تسليط الضوء على أبرز التحديات التي يواجهونها بوصفهم أقلية في مجتمعات عربية شرقية غالبيتها تدين بالإسلام
ولقد حاولت بعضاً من أفلام السيد الفنان توجو مزراحي أن تخاطب الفقراء من اليهود ، الذين ظهروا عادة عبر شخصية شالوم، الذي انحسر ظهوره في قالب اليهودي الفقير الذي مارس مهنة بسيطة لم يسمح له المجتمع بغيرها.
فشالوم هو بائع اليانصيب في فيلم “05001” (سنة 1932)، وبائع الفول في فيلم “الرياضي” (1937)، وهو الفيلم الذي صوَّره محروماً من بعض حقوقه كممارسة الأنشطة الرياضية، رغم أن الواقع لم يؤكد حدوث ذلك بالضبط
ففي الفترة نفسها، كانت هناك العديد من الأندية الثقافية والرياضية اليهودية، مثل جمعية المكابي الرياضية في الإسكندرية التي تحوَّلت بعد ذلك على مستوى مصر إلى “الاتحاد اليهودي الرياضي والأدبي المكابي”، ولكن لعلها كانت مساحات يصعُب على فقراء اليهود الاندماج فيها، وعانى شالوم بجانب الفقر من الاضطهاد، فرغم قناعته بمهنة بسيطة مثل بيع الشطائر في فيلم “الرياضي”، تعرَّض للنصب من بعض اللصوص، وعندما اشتكى للشرطة اعتدت عليه وأنصفت السارق وفق أحداث الفيلم.
حققت أفلام شالوم وقتذاك نجاحاً بسبب خفة ظلها وطرحها الكوميدي رغم الرسائل المهمة التي حاول السيد الفنان توجو مزراحي إيصالها لأبناء ديانته من اليهود
لكن مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، لم يعد من الممكن استمرار أفلام شالوم على الساحة الفنية داخل الإطار نفسه، ولم يكن ممكناً إعادة تقديمها بشكل مختلف، فاختفى بعدها “شالوم” إلى الأبد من عالم الفن.
وراهن السيد الفنان توجو مزراحي بعد ذلك على الفنانة المطربة ليلى مراد التي لم تكن قد أعلنت إسلامها بعد، فأخرج لها أفلام “في ليلة مُمطِرة” (1939)، و”ليلى بنت الريف” (1941)، و”ليلى بنت المدارس” (1941)، ثم “ليلى” (1942) وأخيراً ليلى في الظلام عام 1944، ولم تُركِّز هذه الأفلام كثيرا على يهودية البطلة، بل ركَّزت بشكل أكبر على المجتمع العربي المحيط بها والكيفية التي يواجه بها التحديات الثقافية والأخلاقية والاجتماعية.
ولقد كان لظهور دولة إسرائيل سنة 1948 دور كبير في إعادة تشكيل علاقة المواطن العربي المسلم أو المسيحي بالمواطن اليهودي في بلده، حيث أثَّر تهجير الفلسطينيين على التشكيل المجتمعي للدول العربية التي ضمَّت جاليات لا بأس بها من المعتنقين للديانة اليهودية.
وكان لهذا التغيير دون شك تأثير كبير على دور اليهود في صناعة السينما العربية عموماً والمصرية خصوصاً، كما ألقى بظلاله على “صورة اليهود” في الأعمال الفنية التي جُسِّدوا فيها.
بداية، يمكن للناظر إلى أحوال الفنانين اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل أن يشعر ببعض الضغط الاجتماعي والسياسي الذي دفعهم إلى هذه الهجرة دون وجود رغبة حقيقية منهم في ذلك.
يُبرهن على ذلك مسار حياة “سيرينا إبراهيم” و”جراسيا قاصين” اللتين هاجرتا إلى دولة إسرائيل ، في حين أن “نجمة إبراهيم” شقيقة سيرينا، و”صالحة قاصين” شقيقة جراسيا، لم تهاجرا من مصر بسبب زواجهما من مسلمَين، وانتمائهما لأسر مستقرة استطاعت البقاء في البلاد.
يخبرنا ذلك أن “إسرائيل” لم تمثل ذلك الحلم الوردي لعدد كبير من اليهود، من بينهم فنانون ومشاهير دعموا دولة إسرائيل في فترة من الفترات، إذ هاجرت السيدة الفنانة راقية إبراهيم (راشيل أبراهام ليفي) إلى الولايات المتحدة رغم حصولها على جواز سفر إسرائيلي، فيما فضَّل السيد الفنان توجو مزراحي التوجه إلى منفاه الإختياري بإيطاليا التي عاش فيها حتى وافته المنية سنة 1986، ومن جهتها هاجرت “سميحة مراد” إلى الولايات المتحدة بعد انفصالها عن زوجها “ليون كازيس”، وهو أحد وسطاء الوكالة اليهودية التي عملت على تهجير اليهود إلى “أرض الميعاد”.
على الجانب الآخر، اختار بعض الفنانين اليهود تقديم أعمال تساند القضية العربية ، إذ أسند المخرج “يوسف وهبي” للمطربة “ليلى مراد”، اليهودية الأصل التي كانت قد أسلمت للتو، دور الشخصية الفلسطينية في فيلم “شادية الوادي” (1947)، وارتدت ليلى مراد ملابس الممرضات رفقة “كاميليا”، الممثلة اليهودية أيضا، للعناية بالجنود المصريين العائدين من حرب فلسطين في فيلمي “أرواح هائمة” (1949) ثم في فيلم “الحياة الحب” (1954)، فيما تزيَّنت السيدة الفنانة راقية إبراهيم بعلم مصر في فيلم “ماكانش على البال” عام 1950
أعرف عن توجو مزراحي الإنسان ، أنه كان إنساناً شاعرياً رومانسياً مُرهفاً جداً وخجوَلاً، لا يميل إلى الظهور في المحافل العامة بل يميل إلى الهدوء والوحدة ، والحق أقول أن لكل شخص خجول سمة مميزة وقصة فريدة ، يحضرني في ذلك الشأن ذِكرَى حبيبة وفريدة ، أفصحت عنها للمرة الأولى في حياتي عبر الثلاث صفحات الراقيات الساميات الفريدات التي أنشأتها وأسستها للأمير الفنان توجو مزراحي على فيسبوك بناء على رغبته ووصيته الروحية الحبيبة لي .
قصة فريدة من نوعها. كان الأستاذ الفنان أحمد كامل مرسي صديقاً لأحد أجدادي الشغوفين بفن السينما في عائلتي ، بالطبع لم أكن قد وُلِدت بعد ، فأنا مولودة في أكتوبر عام 1972، لكن وبعد أن بلغت مرحلة النضج أخبرني والدي بأحداث تلك القصة العجيبة جداً والفريدة في ذات الوقت ، والتي كان لها أكبر الأثر في حياتي الوجدانية بشكل عام وفي ارتباطي العاطفي الكبير والوجداني العميق بالفنان الراقي الفريد والعريق توجو مزراحي بشكل خاص ،
حيث علمت أن الأستاذ أحمد كامل مرسي والذي كان مخرجاً سينمائياً ومسرحياً ومؤلفاً ومترجماً وناقداً فنياً ، علمت أنه كانت تربطه صلة صداقة بالفنان الراقي توجو مزراحي العريق ، ولقد حكى الأستاذ أحمد كامل مرسي لعائلتي أنه عرف الأمير الفنان توجو مزراحي كمتفرج في البداية ثم عرفه عن كثب عندما عمل معه كمساعد في بعض الأفلام .
ولقد استمرت العلاقات الودية بينهما حتى بعد أن غادر أمير السينما مصر إلى إيطاليا ، وعلى الرغم من استقرار الفنان الكبير توجو مزراحي في روما إلا أن الأستاذ أحمد كامل مرسي كان حريصاً على زيارته
لهذا حرص أثناء وجوده في مهرجان قرطاج السينمائي في عام 1970 بعد أن أنهى مهمته كرئيس لجنة التحكيم، حرص على زيارة السيد الفنان توجو مزراحي في إيطاليا، حيث أنه وهو في طريق العودة إلى القاهرة ذهب إلى روما وقضى فيها بضعة أيام، ثم اتجه إلى عنوان الفنان العظيم توجو مزراحي بشارع ثري مادوناز أو العذارى الثلاث وقتذاك
ولقد حكى الأستاذ أحمد كامل مرسي لعائلتي أن الأمير الفنان توجو مزراحي رحب به ترحيباً كبيراً مثلما غمره بسيل من الأسئلة والاستفسارات عن مصر وعن أشياء كثيرة أخرى، حتى أنه شعر بالدفء الكبير مِن حرارة لقاء أمير السينما له وصدق عاطفته ، وبعد مرور خمسة أعوام تقريباً أي في عام 1975، كان عمري وقتذاك 3 سنوات
حرص الأستاذ الفنان أحمد كامل مرسي على اقتناء صورتي وأنا في ذلك العمر، فهو كان يعتز بي كثيراً ، وأثناء رحلة أخرى له إلى روما زار من خلالها الأمير الفنان توجو مزراحي كي يطمئن على صحته ، ولقد أراه صورة طفولتي الأرستقراطية النبيلة ، فتأملها الأمير الفنان المُرهف توجو مزراحي بكل الحب والاعتزاز ثم قال :
” إنها أميرة مُرهَفة راقية تشبهني ليتها حينما تكبر تعرفني وتذكرني” .
هكذا أخبر الأستاذ الفنان أحمد كامل مرسي عائلتي بما قاله الأمير النبيل والفنان الراقي جداً توجو مزراحي عنِّي حينما رأى صورة طفولتي الأرستقراطية النبيلة .
قوله الحبيب تتردد أصداؤه الرقراقة في قلبي ونفسي وروحي ووجداني دائماً ، كم هو أمير رومانسي ومُرهف جداً ، فلقد كان أميراً بسمو أخلاقه العالية ونبل إحساسه الرفيع ورهف شعوره الكريم ورقي عاطفته الرقراقة ، وسيبقى الأمير الفنان الراقي الفريد والأصيل توجو مزراحي العريق ، سيبقى أغلى وأعز مخلوق بالنسبة لي في الحياة وما بعد الحياة
قضى الفنان الكبير توجو مزراحي قضى سنواته الأخيرة في إيطاليا في هدوء وسلام وبنفس راضية بقضاء الله عز وجل وقدره ، حيث كان السيد الفنان توجو مزراحي مؤمناً بالله الواحد الأحد إنبثاقاً مِن عقيدته اليهودية
والتي هي أول وأقدم الأديان التوحيدية الثلاث الكبرى، حيث تستمد اليهودية الأصلية شرائعها وعقائدها الأساسية مِن التوراة، وإن أهمّ تعاليم وعقيدة الديانة اليهودية هي الإيمان بالله الواحد الأحد، الفرد الصمد، وتستند الديانة اليهودية في تعاليمها على التوراة كنصها التأسيسي والتي أنزلت على نبي الله الكريم موسى عليه السلام.
إن السيد الفنان الراقي جداً والنبيل جداً والمُرهف جداً توجو مزراحي لم تكن له من أماني الحياة سوى أمنية واحدة كان يأخذه الحنين إليها فيرددها، ويتمنى لو أنه أدركها وهي أن يعم الحب والسلام الوطن والعالم ككل ، فلقد كان راقياً ومُرهفاً وحالماً لأبعد الحدود ، والسلام رسالة إنسانية مرهفة تشيع الأمن والاطمئنان والرخاء في كل أرجاء الكون.
إنه رجل عظيم بكل ما تحمله الكلمة من معني ولهذا فأنا أرى أن ما يناسبه من التكريم هو أن يتم إقامة نصب تذكاري له في وطنه مصر تخليداً لذكراه العطرة الحبيبة
بقلم / الكاتبة والشاعرة المصرية النبيلة هند الرباط