وهنا نوضح رفض القديس أثناسيوس الرسولى لمزارات القديسين قائلاً فى رسالته الفصحية رقم 41 لعام 369م :{(13) لأنهم عندما يرددون أباطيل مثل بيلاطس وهيرودس فى ذلك الزمان
تجرَّؤوا هم أيضاً أن يقاوموا الرب ويزدروا بالقديسين الذين رقدوا فى اسمه ، كما لو أنهم حانقون أن من ينكرونه هم قد اعترف به هؤلاء. لأن أجساد الشهداء الذين جاهدوا حسناً لم يدفنوها فى الأرض بل يشرعون فى وضعها فى توابيت وعلى محفات خشبية لكى يراها من يريد.(14)
وهم يفعلون هذا بشكلٍ كما لو أنه من أجل كرامة الشهداء لكن الأمر فى الحقيقة هو ازدراء بالشهداء.
وهم يفعلون ذلك بسبب أمرٍ مشينٍ ….. تآمروا على سرقة أجسادهم وأخذها من جبَّانات الكنيسة الجامعة.
وهم يستولون على أجساد الشهداء الذين دُفنوا بالفعل وينقلونها موبَّخين على ذلك ….. لكى يجدوا الوسيلة بواسطة أجسادهم ليخدعوا هؤلاء الذين أضلُّوهم.(15) لكن نصيب إسرائيل ليس هو ضلال ولم يسلمنا آباؤنا هذا لكنهم حسبوا عملاً مثل هذا تَعَدٍّ للناموس.
فى الزمن القديم قرَّر الله على آدم بحُكمٍ قائلاً : أنت تراب وإلى التراب تعود. وسَرَت هذه الكلمة على الجميع ، سرت على كل واحدٍ فى آدم.
وكل الذين يموتون فى كل مكانٍ يُدفنون.
هكذا فعل إبراهيم واشترى المغارة من عفرون وهناك دفن زوجته سارة.
بعد ذلك دفن إسحاقُ إبراهيمَ ، وفى المغارة نفسها دُفن جسد يعقوب.
أما يوسف وهو يموت فأوصى من أجل عظامه ودُفن فى ذلك المكان.(16) وكذلك مكتوب عن كل واحد من الذين فارقوا أجسادهم أنهم دُفنوا فى مقابر.
وقد تكلمت الأسفار المقدسة عن الأنبياء فى موضعين أنهم دُفنوا قائلةً : ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تبنون قبور الأنبياء وتزينون مدافن الصديقين.
وكل هؤلاء قبورهم موجودة عندنا إلى هذا اليوم ، مثلما رأينا قبور أنبا بطرس وبولس فى المدينة العظمى روما وقبر يوحنا فى أفسس وقبور آخرين فى كل مكان حيثما رقدوا. لذلك لن نتعجب والمكان الخارجى سيشهد عن جسد الرب أنه وُضع فى قبرٍ ، وأيضاً أن القبور تفتَّحت وقام كثيرٌ من أجساد الذين رقدوا وبعد أن قاموا دخلوا المدينة وظهروا لكثيرين.(17)
من ذا الذى سيقدر أن يقول أنه شاهد ببساطة جسد بولس أو بطرس أو آخرين من القديسين غير مدفونين ، هؤلاء المتهورين فى كل أمر فليقولوا إن كانوا قد رأوا جسد اسطفانوس أول الشهداء ، لكنهم لن يستطيعوا أن يقولوا. لقد سبق وتكلمنا عن قبورهم.
لذلك يمكن للواحد أن يسمى مثل هؤلاء بأى اسم إلا اسم المسيحيين لأنهم أغاظوا الرب وصاروا أنجاساً أمام الشهداء وقاوموا الكتاب المقدس لأنهم صاروا عصاةً للصوت القائل :
لا تَمَسُّوا مُسَحائى ولا تُسيئوا إلى أنبيائى.(18) لأنه إثمٌ صارخٌ التسول وسرقة مقابر الشهداء وألا يُدفنوا مثل القديسين ….. لأن مثل هؤلاء الناس هم وأتباعهم سيصيرون مطروحين على الطرقات أمام السيف والجوع ولن يكون هناك من يدفنهم كما قال إرميا النبى.
وعن الذين أخطأوا من الشعب قال : لن يُندبوا ولن يُدفنوا ويكونون عبرةً على وجه الأرض. …..(19) من سيقدر أن يمقت الهراطقة كاستحقاقهم ؟ من سيرغب فى أن يقابلهم وهم يهينون أجساد القديسين مثل الأنبياء الكذبة ؟
من شاهد أجساد الشهداء والأنبياء مطروحةً ومكشوفةً دون أن يرتعد؟ هذا ليس من شيم المسيحيين.
لم يسلمنا بولس هذا ولم يفعل البطاركة ولا الأنبياء هذا فى أى زمنٍ ولكنهم الميليتيون الذين تآمروا على هذا بسبب التجارة. لأن هذا نوعٌ من احتيال يربعام هذا الذى كان يبيع الحمام ويقوم بالصرافة فى بيت الله كما هو مكتوب.
لكن الأمر ظاهرٌ دون ارتيابٍ أن الرب قال للذين تعدّوا الناموس فى ذلك الزمان وطُردوا بالسوط : لا تجعلوا بيت أبى موضع تجارةٍ.
هؤلاء أيضاً سيسمعونه بالتأكيد قائلاً : لا تبيعوا أجساد الشهداء ولا تجعلوا اعترافهم الحسن تجارةً من أجل محبة المال.
لأن من سيقترفون مثل هذه الآثام حتماً سينالون هذا القصاص عينه. تكفى هذه الكلمات لكى تكشف هذا الغرض الأثيم المملوء خداعاً الذى للهراطقة الذين تآمروا على هذا الأمر.}
المصدر :الرسالة الفصحية رقم 41 لعام 369م للقديس أثناسيوس الرسولى – صفحة 271/274