تحدث مصري عائد من السودان بعد انتهاء عقد عمله داخل الأراضى السودانية عائدا إلى وطنه مصر
تحدث عن أخر ليلة له داخل السودان فابكت كلماته دموع الملايين على حال السودان وشعبه العظيم والخراب الذى حدث ويحدث الأن داخل السودان الشقيق قائلا
اخر ليلة لي في السودان كانت واحدة من أسوء ليالي حياتي… جهزت شنطي وودعت بيتي .. عديت على كل ركنة فيه.. مطبخي الصغير جدا.. والعِدة (المواعين) القليلة.. الشبابيك التى تطل على ساحة الحِلة (الحي)
فكل حي هناك به ساحة كبيرة عبارة عن أرض ترابية خالية به جونين من أجل أن يلعب الناس كرة القدم
ودعت بُوري .. الحي الهادئ الجميل الذى كنت أقطن فيه
ودعت شارع المعرض، ودعت فرن العيش التى تملىء الجو بريحة الخبيز الطازج وقت الفجر.. العيش الكيزر أبو ردة.. ويشيهالعيش الشمسي في صعيد مصر
ودعت شارع الستين ومسجد السنهوري.. وحي المنشية… اسمه شارع الستين علشان عرضه ستين متر
وقبل ما أسخر على قلة الابداع ذكرت شارع التسعين في التجمع الخامس
ودعت شارع المطار ومطعم امواج.. الكفتة اسمها كباب.. كنت بتلخبط في الأول… لغاية ما اتعودت اني لما ابقى عايز اكل وجبة كفتة أقوله وجبة كباب .. ولما رجعت مصر قعدت شوية علشان اظبط تاني
ودعت شارع النيل عند الفلل الرئاسية.. دي فلل اتبنت بسرعة علشان تستضيف الوفود التى كانت قادمة لحضور القمة العربية التى اقيمت في الخرطوم.. والقصر الجمهوري… وحييت الحرس اللي واقفين على الباب.. بيردوا لك التحية بخبطتين على الأرض بسلاحهم ..حاجة كدة عظمة وفخامة ما شوفتهاش مع الحرس الملكي في لندن
ودعت ست الشاي.. والشاي اللي بالقرنفل اللي عليه ٣ طن سكر..ولو طلبته من غير سكر مش هتفهمك وهتحط لك طن واحد بس…. الجَبَنة ( قهوة مغلية مُرة جدا ) بتتقدم في القهاوي بطقوس خاصة.. بينزل معها بخور كثيف بيعمل شبورة في كل المكان
ودعت قاعة الصداقة.. ودي قاعة المؤتمرات هناك.. شفت فيها أغرب معرض في العالم.. معرض للمانجة.. كنت فرحان بال ٣٠ نوع مانجة اللي عندنا لقيت هناك “معرض” وساحات وكرنفالات للمانجة.. عندهم مانجة اسمها قلب الطور .. تنطق جلب الطور ( انا قعدت كتير يا جماعة علشان اعدل القاف والجيم) ودي مانجة في حجم البطيخ عندنا..ودعت كل ده وأكثر
ودعت كل ده بالحزن والقهر والبكاء وانا خارج من السودان لأن خلاص عقدي انتهى وماليش مكان ولازم اروح أشوف أكل عيشي في مكان تاني.. ودعت كل ده وحاولت في اي فرصة أقدر اسافر ليها اسافر.. لغاية ما صعبوا الاجراءات وعملوا لها تصاريح امنية حطوا استثناء للي فوق ال ٤٥ سنة
والله العظيم كنت مستني ابقى ٤٥ علشان اعرف اروح تاني.. شفتوا طفولة اكتر من كدة؟!!ودعت كل ده بقلب مكسور وانا الغريب اللي مر على البلد علشان يأكل عيش ويكون نفسه ويحوش قرشين.. أنت متخيل بقى ابن البلد اللي مولود هناك وأهله هناك وحياته كلها هناك؟!
خرجت منها وانا عارف أنا رايح فين وقادر أرجع لها تاني.. أنت متخيل بقى اللي خرج منها مضطر وترك بيته وماله وحياته وذكرياته واحبابه ومش عارف رايح فين ولا عارف متى سيعود ؟!!
البابا تواضروس الثاني بعذراء الزيتون بڤيينا يتحدث عن أزمة أقباط السودان البابا تواضروس الثاني بعذراء الزيتون بڤيينا يتحدث عن أزمة أقباط السودان سيامة ثلاث قساوسة لإيبارشية الخرطوم وجنوب السودان
بكيت في أول ايام الحرب.. وأنا بشوف الشوارع اللي كنت بامشي فيها والأسواق اللي كنت بشتري منها
بكيت ولسه ببكي وأنا المسافر العابر اللي عاش شوية سنين .. اللي شكلت كل قوتي ونجاحي.. فما بالك بالمواطن اللي اتولد وكبر واترعرع فبها ؟!!
سيبوا الناس في حالهم وساندوهم في أحزانهم وعاشروهم واستمتعوا بوجودهم وحكاويهم اللي كلها قصص
وونسة وعراقة وبلاغة